نسمة نسائية تهب على رواق “عبان رمضان” التابع لمؤسسة “فنون وثقافة”؛ من خلال معرض الفن التشكيلي الذي تنشّطه أربع عصاميات، هن ليندة حدار، قاسي إيمان، زينب حسناء بنينة ووداد شتوح. في هذا السياق، كشفت الفنانة الموهوبة ليندة حدار ل “المساء”، عن ولعها بالرسم منذ طفولتها، مما دفع بها إلى الالتحاق بورشة لمؤسسة “فنون وثقافة”، وهناك احتكت بمثيلاتها وتتلمذت على يدي الفنان براشيمي. وفي هذا تقول: “لم تجذبني مدرسة الفنون الجميلة، لكنني ارتأيت الالتحاق بورشة لتعلّم المزيد من أبجديات الفن، وهو ما تحقّق؛ لأجد نفسي اليوم أعرض لوحاتي في أكثر من مناسبة”. تخرُّج ليندة بشهادة للرسم على الحرير لم يُثنها عن التنقل إلى محطات أخرى من الرسم، أهمّها الرسم الزيتي واللصق، فجاءت لوحة عن الخريف، رسمت فيها الفنانة أشجارا، واستعملت أغصانا حقيقية في صورة جذع شجرة. أمّا الأوراق المصفرّة فهي في الحقيقة أزهار يابسة ألصقتها ليندة في اللوحة، وأما المنزل فهو أيضا مصنوع من عيدان صغيرة، لتخرج ليندة بلوحة جميلة فعلا. لوحة أخرى بنفس التقنية عن الأم، وهي عبارة عن فسيفساء متنوّعة الألوان تتخللها ملصقات عن الأم، كما تشارك ليندة بلوحة عن مذكرة نهاية التخرج، ألصقت فيها صورا عن أشهر الأطباء النفسانيين، إضافة إلى أقلام ملوَّنة وأنابيب ألوان أيضا. وأكّدت ليندة تعلّقها بالأطفال، مما دفعها إلى التخصّص في مجال نفسيتهم والتخرج بشهادة “بسيكولوجية الطفل”. وفي هذا السياق، تستعمل الرسم في مهمتها هذه، كما تساعد الأطفال المتضررين نفسيا في استخراج ما يُحزنهم، وترجمته على الورق في شكل رسومات، قد تساعدهم في تجاوز همومهم والمضيّ نحو الأمام. بالمقابل، رسمت الفنانة لوحة عن القصبة؛ حيث تقطن، وأخرى عن طبيعة جرجرة حيث تعود أصولها، فهل تهتم ليندة برسم ما يدور في محيطها وفقط من دون اللجوء إلى مخيّلتها؟ تجيب بأنّها ترسم ما يتعلّق به قلبها، إلاّ أنّها رسمت لوحة عن شلاّل من مخيّلتها. أبعد من ذلك، فقد رسمت لوحة من الفن التجريدي. وفي هذا تقول: “قمت بمحاولة في الفن التجريدي، فرسمت هيئة تخيلتها امرأة، وسط أشكال من الألوان المختلفة، بهية في بعضها وأخرى حزينة، كلّها تدل على حياة المرأة التي لا تنكفئ في بذل الجهود من أول رمق إلى اللحد”. كما رسمت الفنانة لوحة عن مسجد إبراهيم بعنابة، الذي قالت إنّه قاوم كلّ عملية هدم من أجل تحقيق مشاريع في محيطه، مما دفعها إلى تخليده عبر الرسم. كما رسمت لوحة تُبرز حروفا عربية؛ وكأنّها تخرج من أعماق الأرض، قالت عنها ليندة إنها لمسة منها للتأكيد على عالمية اللغة العربية. وتشارك في فعاليات هذا المعرض الجماعي الفنانة زينب حسناء بنينة، وهذا بأكثر من لوحة عن الطبيعة والقصبة والمرأة بالزي التقليدي، ومن بينها لوحة رسمتها عن القصبة، مبرزة فيها تفاصيل عمل المدينة العتيقة. وفي لوحة أخرى رسمت رجالا ونساء من هذه المدينة. وغير بعيد عنها لوحة، أظهرت فيها الفنانة امرأة تضع الفوطة على خصرها وتشيح الحايك من على جسدها، ويظهر أنها تبحث عن شخص ما وهي على حافة باب الدار. ورسمت زينب عن الطبيعة لوحة، جسّدت فيها منظرا جميلا لمنزل بُني على ضفاف نهر وسط غابة غنّاء. وفي لوحة أخرى، رسمت بحرا تلتطم أمواجه على الصخور، ولوحات أخرى عن مناظر طبيعية أخرى جميلة، تدفع بالزائر إلى الحلم في ولوج عالم اللوحات والمكوث فيها إلى حين. من جهتها، تشارك الفنانة قاسي إيمان بلوحات من الفن التجريدي، شكلّت واحدة منها كمّا من الأشكال الهندسية المتلاصقة بينها ويطغى عليها اللون الأحمر، ولوحة ثانية تقريبا على نفس الشاكلة، إلاّ أنّها تحمل ألوانا متفرّقة. أمّا اللوحة الثالثة فجاءت في الفن شبه الواقعي، رسمت فيها الفنانة منظرا ليليّا وشتويا، يضم منزلا وسيارات من الطراز الذي كان يُستعمل في القديم، تشعل أضواءها، ويُخيَّل للرائي أنّ اللوحة كلّها تغرق في المطر، الذي يشعر بهطوله كلّ من هو واقف أمام اللوحة.