كشفت تقارير إعلامية غربية، أمس، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية رفضت إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لضرب المفاعل النووي الإيراني خلال العام الجاري. وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الرئيس جورج بوش رفض تأييد أي عمل لضرب المنشآت النووية الإيرانية. وأكدت الصحيفة في عددها الصادر أمس، نقلا عن مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة المستوى، أن الوزير الأول الإسرائيلي إيهود أولمرت أثار هذه المسألة مع الرئيس بوش خلال القمة التي جمعتهما يوم 14 ماي الماضي بالولاياتالمتحدة. وأضاف المصدر أن الرئيس الأمريكي أكد لمحدثه رفضه دعم مثل هذا العمل ليس رغبة في تفضيل مواصلة الخيار الدبلوماسي مع إيران بقدر تخوفه من تعرض القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان لعمليات انتقامية إيرانية، بالإضافة إلى كون الرئيس الأمريكي أبدى تخوفا من عدم قدرة المقنبلات الحربية الإسرائيلية على إلحاق الأضرار اللازمة بالمنشآت النووية الإيرانية بكيفية تجعلها غير قادرة على استئناف الأنشطة النووية. وأضافت صحيفة الغارديان أنه حتى وإن رغبت إسرائيل القيام بهذه العملية دون الحصول على ترخيص أمريكي، لأجل ذلك فإن طائراتها ما كان بإمكانها الوصول إلى إيران دون المرور فوق الأجواء العراقية. وحتى وإن قامت إسرائيل بعدوانها بصورة انفرادية، فإن ذلك سيدفع بالسلطات الإيرانية إلى الاقتناع أن واشنطن أعطت موافقتها الضمنية للحكومة الإسرائيلية لتنفيذ عمليتها ويجعلها تقوم برد فعل ضد الأهداف الأمريكية. وتعتقد إدارة الاحتلال أن إيران تبقى الخطر المحدق بها في المنطقة بما يستدعي تدمير أهدافها النووية قبل أن تتمكّن من امتلاك أسحلة نووية .وتصر إسرائيل على هذه القناعة رغم أن السلطات الإيرانية أكدت في العديد من المرات أن برنامجها النووي، محل الجدل، سلمي ويخضع للمعايير الدولية وتحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتكون إدارة الاحتلال من خلال إصرارها على تدمير مفاعل ناتنز الإيراني إنما أرادت إعادة تجربة ضربها للمفاعل النووي العراقي " تموز" سنة 1981 والذي تم بتزكية أمريكية بدعوى الخطر الذي يشكله نظام الرئيس العراقي صدام حسين حينها على مستقبل الدولة العبرية وانعكاس ذلك على اختلال ميزان القوى العسكرية في كل منطقة الشرق الأوسط. وجاء الكشف عن هذه الحقائق في ظل الجدل المتزايد هذه الأيام حول البرنامج النووي الإيراني بعد أن أعادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ يومين طرحه على الطاولة للتأكد من حقيقة الأبحاث الإيرانية الجارية في مفاعل "ناتنز" وسط البلاد والذي رفضت طهران إخضاعه للمراقبة الدولية. ودعا محمد البرادعي، المدير العام للوكالة، أمس، طهرانوواشنطن إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الخلافات بينهما. وقال في حديث لصحيفة ألمانية نشرته أمس إن الدول الأوروبية ليست هي المعنية بالملف بقدر ما يهم الولاياتالمتحدة وهي لذلك كلما سارعت إلى الشروع في مفاوضات مباشرة مع إيران كلما كان ذلك أفضل للتوصل إلى تسوية لهذا الملف الشائك. وقال البرادعي متسائلا "كيف للولايات المتحدة أن تتفاوض مع كوريا الشمالية التي تنعتها بالدولة الشمولية وتمتلك أسلحة نووية ولكنها ترفض التفاوض مع إيران". وقال البرادعي إن الخلافات النووية لا يمكن حلّها إلا من خلال مفاوضات مباشرة حول الأمن الإقليمي في كل منطقة الشرق الأوسط ويشمل الترسانة النووية الإسرائيلية. وشكك مدير الوكالة الدولية في قدرة الضربات العسكرية والعقوبات الاقتصادية في إرغام إيران على العدول عن برنامجها النووي وقال إنها لن تسوي النزاع أبدا .وذهب الى حد التحذير من أن أية ضربة ضد المفاعلات النووية الإيرانية سيؤدي إلى تشكيل جبهة إيرانية داخلية واحدة تضم حتى المعارضة وراء الحكومة الحالية لإنقاذ البرنامج النووي، بل إن ذلك سيدفع بإيران إلى تسريع أبحاثها لامتلاك السلاح النووي. وقال "إنه عندما نقتنع بالعمل الدبلوماسي فانه يتعين علينا أن نتفاوض مع أعدائنا لا مع أصدقائنا" في إشارة إلى الاتصالات التي تجريها الولاياتالمتحدة مع مختلف الدول الغربية ضمن مجموعة الخمسة زائد واحد لبحث المسالة النووية الإيرانية.