كشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، عن التحضير لنص قانوني يهدف إلى "تجريم الانحرافات النحلية والتشدد الديني"، لحماية المواطنين من هذه الظواهر التي شبّهها بالتبشير للديانات الأخرى من باب أنها "تمس بالنسيج الاجتماعي والأمن الفكري للجزائريين ووحدتهم"، وأكد أن القانون الذي يتم تحضيره مع وزارة العدل سيعرف طريقه إلى التطبيق "قريبا". ويأتي هذا الإجراء كتكملة لمجموعة من التدابير التي اتخذتها وزارة الشؤون الدينية لمواجهة بعض النشاطات العقائدية التي أصبح نطاقها في اتساع خلال السنوات الأخيرة بالجزائر، وعلى رأسها ظاهرة "التشيّع" التي برزت في الآونة الأخيرة وأثارت كثيرا من الجدل ببلادنا. ولإعادة بعث المرجعية الدينية الوطنية والدفاع عنها تعمل الوزارة حاليا على التحضير لإنشاء عدد من الهياكل أهمها "المجلس الوطني للتوجيه" المقرر أن يكون مقره في جامع الجزائر الأكبر الموجود قيد الإنجاز، والذي سيعتمد على أئمة مساجد الأقطاب التي يتواصل إنشاؤها على مستوى كل ولايات الوطن. كما أعلن الوزير في تصريحات على هامش جلسة الاستماع المنظمة أمس، بمجلس الأمة، عن قرب إنشاء "أكاديمية الافتاء" بالتعاون مع المجلس الإسلامي الأعلى لتوجيه الجزائريين وفق مرجعيتهم الدينية، والتي تضاف إلى المرصد الوطني ضد الانحراف النحلي والتشدد الديني الذي ستكون مهمته "منع الأفكار الأخرى من استغلال الجزائريين والتشويش عليهم". في السياق رفض الوزير التعليق على ما جاء في منشور لسفارة العراقبالجزائر، حول دعوة الجزائريين الراغبين في زيارة بعض المزارات الدينية بالعراق – وهي مزارات شيعية- إلى التقرب من السفارة، وهو ما اعتبر لدى الرأي العام بالسابقة الخطيرة والنشر المفضوح للتشيّع. وقال الوزير "لن أعلّق على منشور السفارة العراقية، إلا بعد أن التقي السفير وأفهم بالضبط ماذا حصل وكيف حصل، وسيكون ذلك في غضون الأسبوع القادم". وأمام أعضاء لجنة التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية لمجلس الأمة، عاد الوزير للتذكير بأهم معالم المرجعية الدينية لبلادنا، والتي أشار إلى أنها نابعة "مما عرفناه في الأندلس ومن روح قرطبة... أي الإسلام الذي يمكنه أن يكون في قلب أوروبا، وهو ما نحاول تصديره إلى جاليتنا في المهجر". كما ذكر بإعادة الاعتبار للرصيد الديني المخطوط في عملية سمحت منذ 2010 بطبع 145 كتابا مرجعيا، وبطبع 86 عنوانا في سنة 2015 وحدها. من جهة أخرى تحدث محمد عيسى، عن فتح النقاش مع الأئمة وإطارات القطاع حول "القانون التوجيهي للشؤون الدينية والأوقاف "الذي سيتم اعتماده في 2019، معتبرا أنه سيمكّن من "رسم معالم المرجعية الدينية للجزائر". ردع مخالفي توقيت الأذان ومتابعة أئمة غير مرخص لهم على صعيد متصل أكد الوزير أن الدولة تدخلت خلال شهر رمضان "بقوة" لردع كل المخالفين لتعاليمها وللمرجعية الوطنية بخصوص أذاني الفجر والمغرب، نافيا المتابعة القضائية ضد أي إمام أو مؤذن أو متطوع بسبب الأذان. إلا أنّه أفصح عن متابعة أربعة شباب قضائيا بتهمة فتح أو استغلال مصليات بدون ترخيص، موضحا بأن بعض الشباب عمد إلى ذلك خلال الشهر الفضيل في بعض ولايات الوطن، وهم لا يملكون أي تكوين في الإمامة ولم يسبق لهم أن مارسوها، كما لم يتحصلوا على ترخيص بذلك من السلطات.وبعيدا عن "التشنّجات" و"التجاذبات" التي حاولت الوزارة التقليل من حدتها خلال رمضان ضمن سياستها، أطلقت مبادرة جديدة لجمع التبرعات عبر المساجد والتي اتجهت الخميس الماضي، في مرحلة أولى إلى داري العجزة بباب الزوار وسيدي موسى، لتتوجه هذا الخميس نحو مرضى المستشفيات. كما شرعت منذ منتصف رمضان في جمع زكاة الفطر لتوزيعها يوما أو يومين قبل العيد، حيث شدد الوزير على أن حفظها سيتم "في الحسابات البريدية وليس الصناديق" وسيتم توزيعها على الفقراء بمعدل 20 ألفا إلى 25 ألف دج وهو مايسمح بأن تكون "بهجة العيد كاملة" كما قال . وتسير هذه المبادرات ضمن الرؤية الجديدة لوزارة الشؤون الدينية، التي تعمل على رفع البيروقراطية عن المساجد وتحرير الأئمة، وفي هذا الشأن قال عيسى: "قررنا سحب الإدارة من البرامج الدينية، اليوم نمتنع من أن نجلس في قاعة مكيّفة ونرسم برنامج الإمام ثم نرسله إليه ليطبّقه... هذا عمل غير منتج، هذه السنة طلبنا من الأئمة اقتراح برامجهم ونحن ندعمهم بمرافقتهم وتصحيح مسارهم إذا كان خارج إمكانية التطبيق، لذا نلاحظ أن مساجدنا اليوم تتفاوت في النشاط والخدمة بدون تشنّج أو تسييس". ثلاثة أرباع الحجاج دفعوا مستحقات الحج أما بخصوص الحج الذي وصلت تكلفته هذه السنة إلى 490 ألف دج، فان الوزير اعتبر أن الارتفاع الطفيف في التكلفة راجع إلى تغيرات أسعار الصرف، مشيرا إلى انخفاض أسعار الايجار بمكة المكرمة التي مكّّّّّنت من توفير 15 مليون أورو بالنسبة لإقامة الحجاج. ووعد أعضاء مجلس الأمة أن يكون حج هذه السنة أفضل وأريح للحجاج بعد تطبيق مجموعة من الإجراءات، منها الإسكان المسبق عبر الأنترنت والذي يمكن من حجز الغرفة وحتى اختيار من يشارك الحاج في غرفته، وإدخال نظام الوجبات الساخنة وتحسين نوعية النقل واختيار أعضاء البعثة مبكرا وتوفير خيم مكيّفة وأفرشة للحجاج بعرفات. وكشف بأن الشروع في حجز الإقامات إلكترونيا سيتم الشروع فيه بعد رمضان، مشيرا إلى أن ثلاثة أرباع الحجاج دفعوا لحد الآن مستحقاتهم، وأن نصفهم اشتروا تذاكرهم.