تفاعل الجمهور، أول أمس، كثيرا مع قصة الفيلم المغربي الطويل "مسافة ميل بحذائي" للمخرج سعيد خلاف، الذي عرض بقاعة سينما المغرب في اليوم الأخير من مسابقة الأفلام الطويلة. ويحكي الفيلم قصة سعيد، شاب يعيش في أحد الأحياء الأكثر هشاشة وحرمانا بالدار البيضاء المغربية، حيث ذاق أنواع المعاناة منذ صغره، فكان يّعنف مع شقيقته ووالدته من قبل زوج أمه بشكل مستمر، وفي الشارع كان يتربص به عدد من المنحرفين من أجل الاعتداء عليه جنسيا واستخدامه من أجل جلب المال، وفي ورشة العمل، كان سعيد ضحية لأكثر من محاولة اغتصاب من طرف مشغليه. وحتى في السجن لم يسلم سعيد من مسلسل الاعتداءات التي ظلت تلاحقه حيثما حل وارتحل. وفي كل مرة كان يجد نفسه في موقف الضحية الذي يبحث عن أقل اعتراف من طرف الآخر، أو أدنى شعور بالأمان من جانب المجتمع، لكن بدون جدوى، حتى تولد لديه الشعور بالانتقام. وقد وّفق المخرج إلى حد بعيد في تمرير رسالة إنسانية قاسية، للمشاهد العربي من خلال هذا العمل الدرامي المؤثر، مفادها أن الطفل المشرد قنبلة موقوتة تتحرك وهي قابلة للانفجار في أي لحظة إذا لم يحظ بالرعاية والاهتمام. وعبرّ مخرج العمل سعيد خلاف، خلال جلسة المناقشة التي نظمت بعد العرض، عن سعادته بمشاركته في مهرجان الفيلم العربي بوهران، فيما أعاز نجاح الفيلم إلى احترافية أبطال العمل وقدراتهم التمثيلية العالية، لاسيما بطل العمل أمين الناجي الذي قدم أفضل ما لديه، حيث استطاع ترجمة أحاسيس شخصية سعيد التي يجسدها بملامحه، وهو إنسان مغربي غير محظوظ، يعاني من ظلم المحيطين به. كما أكد سعيد خلاف، عدة رغبته في إقحام التطرف الديني في الفيلم، مفضلا أن يرّكز على الجانب الإنساني والتربوي لإيمانه بأن التربية والتعليم هما أكبر سلاح للتصدي لأي تطرف أو استغلال. فيما اعتبر بطل العمل أمين التاجي أنه يفضل أداء نوعية هذه الأدوار المركبة، وهو ما وجده في شخصية سعيد التي تمثل تحديا بالنسبة لأي فنان، موضحا أن هذا الدور تطلب منه الاشتغال على أبعاد الشخصية، ودواخلها النفسية، للتعبير عنها خلال سرد حكاية سعيد والمحطات العصيبة التي مر منها. للإشارة، افتك الفيلم العديد من الجوائز منها الجائزة الكبرى في مهرجان المغرب السينمائي، والجائزة الذهبية بمهرجان الأقصر للسينما العربية والأوروبية بمصر. كما يعد المخرج سعيد خلاف، المغترب بكندا، أحد المخرجين الشباب المعوّل عليهم في رفع مستوى السينما المغاربية والعربية، وهو متخرج من مدرسة للسينما في كندا، قام بإخراج العديد من الأفلام القصيرة وكتب العديد من السيناريوهات لأفلام مغربية منها "رحلة إلى طنجة"، "الوجه الأخر" و«مملكة راية" وغيرها.