تشهد أحياء وحواف الطرق عبر العديد من أحياء بلدية عين طاية بالعاصمة، انتشارا ملفتا لباعة "الذرة" ... .أطفال وشباب من مختلف الأعمار يمتهنون بيع الذرة المشوية على الجمر، حيث تلقى هذه المهنة رواجا في فصل الصيف خصوصا بالقرب من شواطئ البحر، إذ تصبح هذه الوجبة المفضلة لدى المصطافين بعد مغادرتهم للبحر والانطلاق نحو بيوتهم. تجارة يمتهنها من لا مهنة له، أطفال، مراهقووين وشباب، نصبوا طاولاتهم المتواضعة والبسيطة على طول حواف الطرق، رتبوا عليها كمية من الذرة، أمامها نوع من الفرن التقليدي المصنوع من أشياء بسيطة، براميل حديدية مقسمة إلى نصفين، وضع داخل أحدها حطب وبعد اشعاله ترص عليه حبات الذرة وتشوى كلما يشتهيها الزبون. انتقلت "المساء" إلى تلك البلدية للاقتراب أكثر من هؤلاء التجار الذين يواكبون كل فصل بعرض مختلف الخضر أو الفواكه الموسمية، لاسيما أن معظمهم أبناء مزارعين لتلك الأراضي الفلاحية التي تشتهر بها المنطقة. اقتربنا من الشاب محمد 18 سنة رفقة أخيه الصغير سنا، تقاسما الوظيفة بين الشي وخدمة الزبون بلف الذرة وبيعها. أوضح محمد قائلا: "يتفق معظم أصحاب الحقول خلال هذا الموسم من السنة على امتهان هذه الخدمة، حيث يحدد أصحاب الحقول كمية محاصيلهم من الذرة ويقسمونها إلى قسمين، قسم يباع بالجملة للتجار الذين يعيدون بيعها مع الخضر والفواكه بالكيلوغرام، وكمية يخصصونها لأطفالهم أو أقاربهم لبيعها بالواحدة بعد شيها، وبطبيعة الحال بيعها للزبون بالكيلوغرام تكون أقل تكلفة، إلا أن البعض من المواطنين يفضلون شرائها مشوية خاصة أن الأغلبية يتعذر عليهم شيها لعدم توفر الإمكانات في البيت". من جهته قال مراد، بائع آخر نصب طاولته قرب طاولة محمد، إنه يمتهن هذه التجارة لأول مرة وذلك لجمع المال ومساعدة أهله لشراء أضحية العيد الذي سوف يحل ضيفا بعد شهر. وأضاف أن هذه التجارة ينعشها المصطفون حين مغادرتهم للشواطئ باتجاههم بيوتهم، حيث تنصب طاولات البيع في الفترة المسائية فقط، أي عند الساعة الواحدة بعد الزوال إلى غاية ساعات متأخرة من المساء وأحيانا إلى غاية الساعة التاسعة ليلا، حيث قال: "إن الذرة المشوية تؤكل ساخنة، ويفضل أغلبية المواطنين تناولها حين تخف شدة الحرارة هذا ما يجعل الإقبال عليها يعرف ذروته بين السادسة والتاسعة ليلا.. وعن طريقة تحضيرها، يقول مصطفى بائع نصب طاولته على طريق شاطئ ديكابلاج: "توضع حبات الذرة الطازجة فوق الجمر وترتب واحدة تلوى الأخرى حسب عدد الطلبيات، ثم تترك حتى يشتد لونها الأصفر وتأخذ السمرة واللون البني على سطحها تظهر وكأنها محروقة على بعض الجوانب، ثم تغطى بتلك الشعيرات التي تكون ملفوفة فيهات، وبعدها يطلب من الزبون إذا كان يحبها طبيعية أو مملحة، فالبعض يأكلها دون غمرها في الماء المغلى، والبعض الآخر يفضل إضافة النكهة عليها بغمرها في الماء ثم تناولها مباشرة. وتعرف منطقة عين طاية وبرج البحري العديد من الحقول الواسعة للذرة المعروفة بطول عشبها الذي يتعدى قامة الإنسان. وجهزت بين تلك الحقول الطويلة الممرات طريق مؤدية مباشرة إلى مختلف شواطئ عين طاية، من القادوس، كانديان، ديكابلاج، ساركوف وغيرها حيث ينزل الشباب الأكبر سنا عند أصحاب الحقول للتفاوض مع المزارعين حول سعرها، في حين تكون بعض الحقول التي ليس لها أصحابها عرضة للنهب من قبل الباعة الموسمين، الذين يتوافدون على تلك الحقول في ساعات باكرة من اليوم أحيانا قبل بزوغ أشعة الشمس الحارقة، لقطف كمية من "الذرة" وإعادة بيعها في الفترة المسائية على حافة الطرق. أجمع هؤلاء الشباب على أن العمل في تجارة "الذرة" الموسمية عمل شاق ويتطلب الكثير من المجهودات، ولابد من تعاون اثنين أو ثلاثة لتقسيم المهام، مشيرا إلى أن جمع الذرة ووضعها في صناديق ثم حملها ونقلها إلى نقاط البيع، وشيها وبيعها كل هذا تطلب الكثير من الصبر بسبب درجات الحرارة المرتفعة، وأكد زبون بأحد تلك الشواطئ أن سعر متغير يوما بعد يوم، كذلك الحجم، مشيرا إلى أن السبب وراء ذلك هو عدد محاصيل ذلك اليوم، ونوعيتها والحقل الذي جمعت منه، موضحا أن الحبة الواحدة للذرة يتراوح سعرها بين 150 دينار و200 دينار. هذا ما يعادل تقريبا 1300 دينار لكمية لا تتعدى 6 كيلوغرامات. تاجر يخالف أقرانه.. لقد نصب مقاعد اختلفت بين جذوع الشجر وصناديق البلاستيك أو الكراسي البلاستيكية تحت شجرة الصنوبر الضخمة حتى يجلس عليها الزبائن، وأردف قائلا: "إن هذه التجارة تنتعش خلال الفترة المسائية بعد عودة أغلبية المصطافين من الشواطئ، هذا ما يشكل زحمة مرورية خانقة على الطريق، الأمر الذي دفعني إلى توفير الراحة للزبون حتى يصطف سيارته بعيدا عن الطريق ويجلس تحت ظل تلك الشجرة لتفادي الوقوف العشوائي على قارعة الطريق.