تحاول رواية "فراولة برية للآنسة فرويد" للكاتبة والصحفية الإسبانية إليزابيث رييرا، سبر أغوار الجانب المخفي لآخر عنقود من أبناء مؤسس التحليل النفسي. امرأة ناكرة للذات، ومشرقة، ومتناقضة، وفريدة من نوعها، ومن أوائل مؤسسي التحليل النفسي للطفل. هي صفات أنّا فرويد، التي تروي سيرتها الذاتية الصحفية والكاتبة الإسبانية إليزابيث رييرا الاقتراب في مؤلفها: "فراولة برية للآنسة فرويد". وضم الكتاب تفاصيل عن الحياة المجهولة لآنا فرويد الابنة الأخيرة، وغير المرغوب فيها لسيد علم النفس التحليلي سيغموند فرويد، والوحيدة من بين أبنائه الستة التي سارت على خطاه، والتي كرّست حياتها للتحليل النفسي للطفل، ورغم ذلك "كانت ابنة الذي بدلاً من أن يسدي لها معروفاً أساء إليها". وتقوم إليزابيت رييرا (1973، برشلونة) في روايتها "فراولة برية للآنسة فرويد"، بتسليط الضوء على حياة وأعمال امرأة "مجهولة"، كانت اكتشفت ذاتها من خلال نصوص والدها وليس نصوصها. تقول مؤلفة الرواية: "كنت دائماً شديدة الاهتمام بالتحليل النفسي. وقد قرأت الكثير عن سيغموند فرويد، حتى وقع بين يدي في يومٍ ما النص الذي كان يشير فيه إلى آنّا". آنا فرويد أو "الشيطان الأسود الصغير" بالنسبة لأستاذ التحليل النفسي، كان قد أيقظ فضول رييرا، التي بدأت مشروعها هذا في عام 2008. تقول الكاتبة: "لقد رأيت أنها أنجزت العديد من الأمور الهامة، لاسيما في حقل التحليل النفسي للطفل، ورغم ذلك لم تكن معروفة جداً. كانت متأثرة بصورة كبيرة بوالدها، وبسبب من شخصيته القوية جداً، فقد أضحت منسية". وأضافت: "رواية "فراولة برية للآنسة فرويد" هي ثمرة دراسة عميقة لأعمال آنا فرويد، والرسائل الشخصية المحفوظة في متحف أسرة فرويد، وأماكن إقامتهم في فيينا ولندن، والتي تستند في هيكلها العام على "الفلاش باك"، الأمر الذي خدم تيمة الرواية، كونه يمثل للمؤلفة أحد أشكال السرد، وبطريقة التحليل النفسي أنها "كما لو كان المرء راقداً على أريكة، يستحضر الذكريات بسلاسة". وعن سبب اختيارها هذه الشخصية الغامضة من بين العديد من الوجوه الاجتماعية ذائعة الصيت والمعروفة، تقول رييرا: "في بداية الأمر، بدأت بقراءة أعمال كل من آنا فرويد ووالدها سيغموند فرويد؛ لأنه ومن خلال ما كتبا وإن لم تكن هذه الكتابات تتناول حياتهما، لكن يمكن، من خلالها ملاحظة أفكار الشخصية وأسلوب تفكيرها وتكوينها واهتماماتها. كنت قد قرأت أعمال فرويد بأكملها، وأما آنا فقد كان عليّ أن أطلب أعمالها من الولاياتالمتحدة، لأن أعمالها الكاملة غير متوفرة في إسبانيا. وسافرت إلى فيينا وزرت المنزل الذي كانت تقيم فيه، ومن ثم سافرت إلى لندن أيضاً، حيث كانت قد أمضت نصف حياتها هناك". بالمقابل، تتحدث رييرا عن علاقة الصداقة التي كانت تربط بين آنا ودوروثي على مدى 50 عاماً، على الرغم من أن ابنة فرويد كانت دائماً تنفي أمام الرأي العام وجود هذه العلاقة بينهما، قائلة: "شاركت آنا مع دوروثي في تربية الأطفال والعمل والولع بالتحليل النفسي، والسكن، والرحلات، والأصدقاء... تقاسمتا الحياة، وكانتا فعلاً رفيقتي هذه الحياة". كانت آنا فرويد امرأة غارقة في التناقضات، إذ تؤكد رييرا: "نعم، ألقت محاضرات عامة، قالت خلالها إن الشذوذ الجنسي مرض، من المفروض معالجته". وتوضح المؤلفة استنادا إلى ما عُثر عليه من رسائل متبادلة بين أنّا والأمريكية والتي أدرجتها ضمن روايتها، "أعتقد، وببساطة شديدة، أن أنّا لم تعر أهمية لوالدها، لكن من الواضح جداً وجود ميول عاطفية لديها تجاه النساء. وأعتقد أن ما كان يربطها بدوروثي هو الحب المطلق". وُلدت آنّا فرويد في 3 ديسمبر 1895 في فيينا، النمسا، وتوفيت في 9 أكتوبر 1982 في لندن، إنجلترا. وكانت الابنة الأخيرة لسيغموند فرويد. وغدت من أقرب الأبناء إلى والدها الذي تأثرت به وسارت في طريق التحليل النفسي. وقد عملت آنا فرويد على رعاية والدها منذ إصابته بالسرطان في عام 1923 حتى وفاته في لندن عام 1939. وبدأت حياتها العملية بصفة مدرّسة أطفال، ومن هنا جاء اهتمامها بالتحليل النفسي للطفل.