أكد وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي على اهتمام الدولة بكل ما يمس تراثها؛ سواء المادي أو غير المادي. وفي هذا السياق قامت بوضع استراتيجية إعلامية لحماية التراث الوطني ومنع سرقته وتشويهه داخليا وخارجيا، وهذا أمام كل الحملات المغرضة التي تمسه، ومن بينها ادعاء أن فن الراي غير جزائري. وأضاف الوزير في ندوة صحفية عقدها أمس بقصر الثقافة حول اهتمام الدولة بالتراث المادي وغير المادي، أنه تم وضع ملف لدى اليونسكو لتصنيف الراي في خانة التراث غير المادي الإنساني، للتأكيد على أصالته الجزائرية المحضة، مضيفا أن الدولة الجزائرية تهتم بصفة كبيرة بتراثها بشقيه المادي وغير المادي، والذي تجلى، من جهة، في اعتبار أن الثقافة حق دستوري في التعديل الدستوري الأخير، ومن جهة أخرى، تصنيف الممتلكات الثقافية محليا ومن ثم دوليا. وفي هذا السياق، قال الوزير إنه سيتم مراجعة اتفاقية 04-98 المتعلقة بحماية التراث الثقافي، والتأكيد على حفظ وترميم وتثمين التراث برمته، إضافة إلى تحسين أداء المؤسسات الثقافية لتقديم خدمة نوعية وكذا وضع خارطة أثرية وطنية. إبرام اتفاقيات مع وزارات أخرى خدمةً للثقافة الجزائرية بالمقابل، تناول الوزير تعاون وزارة الثقافة مع وزارات أخرى من بينها وزارة التربية، في وضع نصوص أدبية وتراثية في المنهاج الدراسي، خاصة أن 2 بالمائة من النصوص التي يدرسها الطلبة في مراحلهم الدراسية، جزائرية، والبقية غير ذلك. كما أشار الوزير إلى إبرام وزارة الثقافة اتفاقية أخرى مع وزارة المجاهدين؛ من خلال العمل على تصنيف مواقع أثرية شهدت أحداثا تاريخية مثل الفضاء الذي احتضن اجتماع 22، وفيلا سوزوني التي تعرّض فيها الشهيد العربي بن مهيدي للتعذيب. وأضاف المتحدث أن فيلا سوزوني تفتح أبوابها للمخرجين السينمائيين؛ باعتبارها شاهدا حيا على مرحلة الاستعمار الفرنسي، إلا أنه حان الوقت لكي تستقبل الجمهور الذي يتعرف أكثر على تاريخه، وهو مطلب رئيس الجمهورية الذي ترجمه عبر رسالة إلى الوزير الأول، هذا الأخير الذي نقل هذا الطلب إلى وزارة الثقافة. كما اعتبر الوزير أنه من الضروري إنجاز أفلام عن شخصيات تاريخية. وفي هذا السياق، يتم حاليا تصوير فيلم عن العربي بن مهيدي، وآخر عن ابن باديس، وثالث بالاشتراك مع تونس بنسبة 20 بالمائة عن القديس أوغسطين. التكوين قضية الحاضر والمستقبل وركز الوزير على أهمية التكوين؛ حيث سيتم تكوين مهنيين على الصعيد الجامعي وكذا حرفيين؛ خدمة للثقافة الجزائرية، ليؤكد على مواصلة الوزارة تصنيف كل ما هو قابل لذلك بداية على الصعيد المحلي، ثم الدولي، لينتقل إلى أهمية منح بعد اقتصادي للمؤسسات المتحفية والمواقع الأثرية والتعريف بها، حيث سيتم في هذا السياق، تخصيص جناح للكتب المنشورة من طرفها في الصالون الدولي للكتاب الذي تُعقد مجرياته في الفترة الممتدة من 26 أكتوبر إلى غاية 5 نوفمبر 2016.كما دعا الوزير إلى تنظيم أيام دراسية مع مديري المتاحف والحظائر، للخروج برؤية واحدة حول التراث، علاوة على قرب رؤية المرصد الوطني للمتاحف، النور، الذي سيعنى بتحسين أداء المتاحف وتطوير الثقافة المتحفية في بلدنا. القصبة من مهام الولاية ووزارة الثقافة تتابع القضية قال وزير الثقافة إن موضوع القصبة أصبح من مهام ولاية الجزائر بدلا من وزارة الثقافة، هذه الأخيرة التي اقتصر دورها على متابعة عملية الترميم. وأضاف أن هذا القرار اتُّخذ منذ شهرين نتيجة اهتمام ولاية الجزائر بإعادة عملية تهيئة العاصمة. أما وزارة الثقافة فلن تبقى مكتوفة اليدين، بل ستهتم بمتابعة كل عملية تمس بناية أو معلما أو تراثا غير مادي في هذه المنطقة، في حين سيتم قريبا الانطلاق في ترميم حصن المرسى الكبير، بينما ستعرف بعض المعالم في قسنطينة، التأجيل في ترميمها؛ حيث سيتم حاليا ترميم المستعجل منها فقط. إنشاء بوابات تعنى بالتراث تحدّث الوزير عن إنشاء الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بوابة الأعلام الجزائرية والتي سترى النور نهاية ديسمبر المقبل، وتضم معلومات حول الشخصيات الجزائرية. بالمقابل تم إطلاق قبل أربعة أشهر، بوابة التراث الجزائري، والتي تعرف تحيينا في كل وقت، ليضيف الوزير أنه سيتم إنشاء مرتقب لبوابة الأزياء الجزائرية بالاتفاق مع الوزارة المنتدبة للصناعات التقليدية. وفي هذا السياق سيتم تنظيم عرض أزياء كبير بدبي شهر ديسمبر المقبل. كما رحّب الوزير باختراع أحد الحضور حول إنشاء متحف افتراضي بإمكانيات جزائرية. أرقام وإحصائيات تدل على مكانة التراث في الجزائر من جهته، أكد السيد مراد بوتفليقة، المسؤول عن دائرة التراث بوزارة الثقافة، على الحضور الأكيد للتراث في القانون الأساسي الجزائري. وفي هذا السياق، قامت الدولة بحماية وتسجيل التراث وجرده وكذا إنشاء مواقع محمية، مضيفا أن الجزائر تضم 1013 ملكية محمية، من بينها 569 مسجلة في لائحة التراث الوطني. وأضاف بوتفليقة أن هناك 71 قصرا مصنفة وطنيا، مشيرا إلى تحيين قائمة التراث في كل مرة، مثل محاولة تصنيف أماكن شهدت أحداثا تاريخية، وكذا الاهتمام بتراثنا الموجود في كل بقعة من تراب الوطن. بالمقابل، أكد المتحدث أنه في الفترة الممتدة من 2005 إلى 2014، قامت الدولة بتسجيل 354 عملية مخططة، كما تضم 60 مؤسسة تعنى بالتراث. تسجيل التراث على مستوى اليونسكو متواصل بالمقابل، تحدّث الأستاذ سليمان حاشي، رئيس المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، عن عملية تصنيف التراث غير المادي الجزائري في اليونسكو، فقال إنه تم وضع ملف لتصنيف فن الراي وكذا عملية تقطير الزهر بقسنطينة لدى اليونسكو، مشيرا إلى أن اليونسكو قبلت بكل الملفات التي سبق وأن قدمتها الجزائر لتصنيفها، وهي: أهليل قورارة، الزي الذي ترتديه العروس التلمسانية، ركب أولاد سيدي الشيخ، الإمزاد (رفقة دولتيّ المالي والنيجر)، السبيبة وأسبوع قورارة. وأضاف المتحدث أنه يتم التحضير لعدة ملفات بغية تقديمها إلى اليونسكو، وتخص الكسكس (رفقة دول المغرب العربي)، سراوي (غناء)، حلي فضة بني يني، وأشويق (استخبار) وعملية كيل الماء. العمل على فتح المتحف مع بداية اشتغال الميترو على هامش الندوة، قال السيد عبد الوهاب زكاغ، مدير الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية ل "المساء"، إنه سيتم العمل لإنهاء أشغال المتحف الذي يقع تحت الأرض ويضم 2000 سنة من تاريخ الجزائر، مع بداية اشتغال ميترو ساحة الشهداء، مضيفا أنه انتهت عملية الحفريات منذ 2013. أما عن التحف الأثرية التي وُجدت في عين المكان فتم نقل بعضها إلى المخابر لتنقيتها وجردها. أما البقية وخاصة المتعلقة بالجدران فتم تغطيتها إلى غاية الإنهاء من الأشغال. كما تحدّث عن إنشاء متحف بالقرب من سلالم الميترو، الذي وُضعت خطوطه على عمق 34 مترا، وهكذا سيجد مستعمل الميترو نفسه أمام متحف يروي له تاريخه العميق.