استيقظ صباح أمس، سكان بلدية الخروب بقسنطينة، على مشهد غير مألوف بعدما أقدم المحتجون على قوائم السكن الاجتماعي التي تم نشرها نهار أمس، عبر صفحات إحدى الجرائد والتي تضم 1384 اسما من حصة 5150 سكنا، على إغلاق الطريق الوطني رقم 27 الرابط بين الخروب وقسنطينة في جهته العلوية وفي الاتجاهين. عدم استقبال المحتجين أجّج الوضع الاحتجاجات التي بدأت في الصباح في حدود الساعة الثامنة، كانت سلمية إلى درجة معينة، حيث لجأ المحتجون إلى وضع الحجارة على الطريق المزدوج على بعد بعض الأمتار من مقر الدائرة، مطالبين بلقاء رئيس الدائرة ومعبّرين عن رفضهم للقائمة التي تم نشرها. إلا أن طول انتظار المحتجين دون حصولهم على أي رد من السلطات المعنية وعلى رأسها رئيس الدائرة الذي رفض استقبالهم، أجّج الوضع وجعل عددا من الشباب يحاول اقتحام مقر الدائرة بالقوة بعدما استطاعوا فتح الباب الحديدي وكسر القفل، وهو الأمر الذي واجهته قوات حفظ الأمن مانعة أي شخص من الدخول إلى مقر الدائرة دون إذن رئيسها. منتخب يتعرّض لمحاولة اعتداء تعرض أحد المنتخبين بالمجلس الشعبي البلدي بالخروب، عندما كان يهم بالدخول إلى مقر الدائرة بسيارته إلى اعتداءات لفظية تطورت إلى محاولة الاعتداء الجسدي، حيث تم توقيفه من طرف عدد من المواطنين الغاضبين لكيفية اختيار القائمة المعلن عنها، واتهامه بالتواطؤ في إدراج أسماء لا تستحق أن تكون ضمن القوائم المعلن عنها، وفي تطور سريع للأحداث حاول بعض الشباب الاعتداء على هذا المنتخب الذي يعد عضوا في لجنة السكن التابعة للدائرة، ولولا تدخل رجال الأمن الذين أنقذوا هذا المنتخب من أيدي الشباب الغاضب لسارت الأمور في منحى آخر، كما هدد عدد من هؤلاء الغاضبين بحرق منزل هذا المنتخب الذي قالوا عنه أنّه خانهم وتعامل بالمحسوبية مع طلبات السكن الاجتماعي. مناوشات، رشق بالحجارة ... مصالح الشرطة عملت كل ما في وسعها لتهدئة المحتجين، حيث خرج ضابط إلى المعتصمين الذين أغلقوا المنفذين الخارجيين للدائرة، وحاول الحديث معهم وإقناعهم بفتح الطريق وفتح باب الدائرة لكن الأمور سارت في الاتجاه العكسي، بعدما تحرش بعض الشباب بهذا الضابط وتطورت الأمور إلى تصعيد أكبر. في حدود الساعة العاشرة رشق المحتجون مقر الدائرة بالحجارة مما تسبب في كسر زجاج العديد من الواجهات الخاصة بهذه البناية التي تم تدشينها منذ فترة قصيرة من طرف الوزير الأول عبد المالك سلال، حاول ضابط آخر برتبة محافظ تهدئة المحتجين، حيث خرج وسط الحجارة المتساقطة إلا أن الأمور لم تهدأ خاصة بعدما استعملت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وهو ما أثار حفيظة المحتجين باللجوء إلى حرق العجلات المطاطية أمام الباب الرئيسي للدائرة، لتنتقل العدوى إلى المحتجين الذين كانوا يقفون أمام المخرج الخلفي للدائرة، والذين بدأوا بدورهم برشق البناية من الخلف بالحجارة. سيّدة تهدد بالانتحار في ظل تطور الأحداث وتسارعها، تسلقت إحدى السيدات بناية تستعمل لحفظ مولد الكهرباء الخاص بمؤسسة سونالغاز، مستندة على جدار وسياج مقر الدائرة، لتصل إلى سطح هذه البناية، وهددت برمي نفسها من فوق البناية، كما وجهت وابلا من السب والشتم إلى كل من كان متواجدا في الدائرة، وأكدت السيّدة التي قالت إنها أم لطفل أنها تعاني من أزمة سكن كبيرة وأنها مهدّدة في أي لحظة بالمبيت في الشارع، لكن تدخل العقلاء جعل هذه السيّدة تعدل عن فكرة رمي نفسها من فوق هذه البناية بعدما تسرب خبر مفاده استقبال الطعون من طرف الدائرة من أجل دراستها. أبركان يجد صعوبة لدخول البلدية إلتحق رئيس بلدية الخروب، عبد الحميد أبركان في حدود الساعة العاشرة بمقر الدائرة، بعدما وصلته أخبار عن الاحتجاجات، حيث كان مترجلا وحاول الدخول من الباب الخلفي لكنه قوبل بموجة من الغاضبين الذين حاصروه ولم يتركوا له الفرصة من أجل الحديث. المحتجون اتهموا البلدية بالتواطؤ في إدراج أسماء لا تستحق أن تكون ضمن القوائم، ورفضوا أن تضم القوائم شبابا سنّهم لا يتجاوز 23 سنة وعزابا، معتبرين أن الأولوية لأصحاب الملفات القديمة التي تعود إلى سنوات التسعينيات وكذا للأسر كثيرة الأفراد. رئيس البلدية تمكن بجهد جهيد من دخول مقر البلدية، حيث استقبل هناك بعض المشتكين الذين نقلوا إليه معاناتهم وطالبوا بالتدخل السريع وإعادة النّظر في القائمةوحتى إلغائها. استقبال أكثر من 500 طعن عاد الهدوء ليخيم على المنطقة بعدما تسربت أنباء بأن رئيس الدائرة قرر أخيرا استقبال عددا من المحتجين، حيث تساءل عدد من المواطنين الغاضبين عن سبب تأخر رئيس الدائرة في اتخاذ هذا القرار الذي كان سيجنّب أي انزلاقات محتملة، وقررت الدائرة استقبال الطعون بمكتب الحجز والتدقيق التابع لمصلحة الوثائق البيومترية في ظل تعطل المصالح الأخرى التي أغلقت مكاتبها في وجه قاصديها. بلغت الطعون المقدمة في ظرف أقل من ساعة أكثر من 510 طعون، وكان عدد من المحتجين لا يزال واقفا ينتظر دوره لتقديم هذه الطعون التي اعتبرها البعض بأنها غير مجدية كون الطعون الحقيقية تقدم على مستوى مصالح الولاية، ويستلم صاحبها وصلا باستلام ملف الطعن على عكس ما تم التعامل به معهم. المحتجون يطالبون بتحقيق وزاري طالب المحتجون من رجال ونساء، شباب ومسنّين، الذين قصدوا مقر الدائرة بعدما لم يجدوا أسماءهم في القائمة التي تم نشرها نهار أمس، بإلغاء هذه القائمة التي أكدوا أنها تحمل أسماء لا تستحق الاستفادة، مطالبين بتشكيل لجنة وزارية للتحقيق في الأسماء المدرجة، وأكدوا أن الدائرة لم تحترم التعليمات المقدمة من طرف وزارة الداخلية والقاضية بإدراج صورة المستفيد وتاريخ إيداع ملفه. وعبّر المحتجون عن عدم قناعتهم بالتبريرات التي قدمها رئيس الدائرة والتي مفادها أن هناك لجنة مستقلة درست كل ملف بعناية قبل الفصل فيه، كما طالبت بعض النساء المحتجات من المعلمات المتقاعدات بوضع استثناء لحالتهنّ كونهنّ مهددات وأسرهنّ بالطرد من السكن الوظيفي في أية لحظة، وعبّرنّ عن استغرابهنّ لعدم إدراج أسمائهنّ في القائمة رغم وعود رئيسي البلدية والدائرة. رئيس البلدية يطمئن المحتجين طمأن رئيس بلدية الخروب عبد الحميد أبركان، المحتجين في تصريح خص به جريدة "المساء"، حيث أكد أن هذه القائمة التي نشرت والتي تضم 1384 مستفيدا من السكن الاجتماعي الإيجاري، هي الأولى من حصة ستشمل 5150 مستفيدا آخر. وقال إن هناك قوائم ستضم أكثر من 4 آلاف مستفيد وسيتم الإعلان عنها عبر مراحل حسب تأكيده. من جهته رفض رئيس دائرة الخروب استقبالنا لتقديم توضيحات حول اتهامات المواطنين للدائرة بالتقصير في التعامل مع الملفات المودعة، وبرر رئيس الدائرة امتناعه باجتماع مع مصالح الدرك، ورغم انتظارنا إلى غاية انتهاء الاجتماع، رفض رئيس الدائرة مجددا استقبالنا لتقديم المعلومة التي تعد حقّا من حقوق المواطن كفلها له الدستور. توقيف شخصين بسبب أعمال الشغب تم نهار أمس، وبسبب أعمال الشغب التي تلت نشر القوائم الاسمية للمستفيدين من السكن الاجتماعي بدائرة الخروب، توقيف شابين في العشرينيات من العمر بعد محاولة الاعتداء الجسدي على منتخب ببلدية الخروب، وكذا بسبب الرشق بالحجارة الذي تعرض له مقر الدائرة والذي أدى إلى تحطم زجاج العديد من الواجهات بما فيها مكتب أمانة رئيس الدائرة وقاعة الانتظار الخاصة بالأمانة. وحسب خلية الاتصال والعلاقات العامة بمديرية الأمن الولائي، فإنه وبعد استكمال التحقيق مع هذين الشابين الموقوفين سيتم تقديمهما إلى العدالة.