أبرز رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج أمس، أهمية دعم الجزائر «المستمر» لبلاده في الظروف الصعبة التي تمر بها، مشيرا في تصريح للصحافة عقب الاستقبال الذي حظي به من طرف رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، «تناولنا الوضع في ليبيا ودعم الجزائر المستمر في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها ليبيا»، معتبرا أن هذا الموقف يجسد «العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط البلدين». المسؤول الليبي قال إن الرئيس بوتفليقة برصيده السياسي وخبرته وحنكته تطرق خلال اللقاء إلى الكثير من الأمور التي يجب الانتباه إليها في هذه الفترة الحرجة. وهو ما يصب -مثلما قال- في إطار «التشاور المستمر مع أشقائنا في الجزائر». السراج أشاد في هذا السياق بالعلاقات «المتميزة» التي تجمع البلدين والشعبين الجزائري والليبي عبر التاريخ، مضيفا في هذا الصدد بأن هناك «الكثير من الشراكات التي تجمع ليبيا والجزائر، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية بالإضافة إلى شراكات أمنية وغيرها نحتاج إلى الاستمرار فيها والاستفادة القصوى منها». السراج كان أنهى زيارته إلى الجزائر أمس، بعد أن أجرى خلال اليوم الأول محادثات مع الوزير الأول، عبد المالك سلال. واغتنم المناسبة للإشادة بدور الجزائر ودعمها المستمر لليبيا، مؤكدا أن العلاقات بين البلدين وثيقة ومتبادلة. وزير الداخلية الليبي، العارف الخوجة، كانت له أمس، محادثات مع وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي، تمحورت حول التنسيق الأمني بين البلدين، مؤكدا في تصريح له عقب هذه المحادثات على أهمية تفعيل عمل لجان الحدود بين الجزائر وليبيا وذلك في إطار الاتفاقيات الموجودة بين الدولتين. الخوجة أشار إلى أن «العديد من الاتفاقيات وبرامج التعاون الثنائي سوف ترى النور قريبا على أرض الواقع» لخدمة الطرفين، في حين أبرز «تطابق وجهات النظر حول الكثير من النقاط» . زيارة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية إلى الجزائر شكلت فرصة جديدة للبلدين من أجل مواصلة التشاور بشأن العمل المشترك وتبادل الرؤى وبالخصوص حول التطورات السياسية بليبيا، حيث تمت الدعوة من جديد إلى مصالحة حقيقية بين أبناء الشعب الليبي باعتباره المسؤول الوحيد على حل الأزمة التي تمر بها بلادهم. الزيارة التي وصفت بأنها «عادية» جاءت لمواصلة التشاور بين بلدين يربطهما مصير مشترك ويجمعهما «قدر أمني» مشترك وهي أيضا زيارة مكنت من تناول تطور الوضع والجهود الجارية في إطار التسوية السياسية للازمة في ليبيا. الوفد الليبي حرص خلال زيارته للجزائر التي دامت يومين، على إبراز أهمية التشاور ومشاركة الرأي مع الجزائر، إذ أكد محمد طاهر سيالة وزير الخارجية في حكومة الوفاق الليبية قائلا «تعودنا منها (الجزائر) دائما على كل الدعم خاصة في هذه المرحلة التي تمر بها ليبيا والتي نحتاج فيها أيما احتياج لدعم الجزائر» . مقابلات الوفد الليبي مع المسؤولين الجزائريين تناولت المسيرة السلمية بليبيا والتطورات الحاصلة في ظلها حيث شدد الجانبان على ضرورة انتهاج الحوار بين الليبيين كسبيل وحيد أوحد باتجاه تحقيق مصالحة وطنية وضرورة تنفيذ الاتفاق السياسي المتوصل إليه في 17 ديسمبر الماضي وقطع الطريق أمام معرقليه. في هذا الإطار، قال محمد طاهر سيالة إن السلطات الليبية تعول على الجزائر، الدولة الداعمة للاتفاق السياسي في «استعمال علاقاتها الوطيدة في بعدها الإقليمي وبعدها الدولي لتغيير وجهات النظر لبعض المعرقلين لهذا الاتفاق». من أجل الحفاظ على هذا الاستحقاق وجه المسؤولون الليبيون بهذه المناسبة دعوة للمجتمع الدولي ومجلس الأمن الذي أقر الاتفاق، بل ذهب إلى أبعد من ذلك من خلال الدعوة إلى فرض عقوبات على المعرقلين من أجل مواصلة الضغط على الأطراف المعرقلة إلى أن تقبل تنفيذه. رئيس الدبلوماسية الليبية خاطب المتدخلون في الشأن الليبي بالقول «دعونا نقرر مستقبلنا بأنفسنا»، واصفا الدبلوماسية اللبيبة الحالية بأنها دبلوماسية إقناع الآخرين، في حين أوضح أن جولات فايز السراج المكوكية الأخيرة كانت في هذا الاتجاه. داخليا، أبدى المسؤول الليبي أملا في أن «يلتزم كل طرف بالمهمة الموكل إليه» في إشارة إلى مسألة التجاذب الحاصل بين السلطة السياسية والسلطة العسكرية بليبيا، مشددا على ضرورة أن تمتثل هذه الأخيرة إلى السلطة الأولى. من جانبها، جددت الجزائر دعمها للحل السياسي للازمة التي تعرفها ليبيا بما يعني الحوار والمصالحة الوطنية بين الليبيين لتجاوز أزمتهم الراهنة وتفادي أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية لبلادهم. وعلق السيد مساهل في هذا الصدد «نحن قلنا منذ البداية أننا ضد التدخل الأجنبي في الشؤون الليبية ونحن كدولة جارة وكدولة لها تاريخ طويل مع ليبيا نعرف الشعب الليبي ونعرف قدرات رجاله ونسائه في حل مشاكلهم بأنفسهم». على الصعيد الثنائي، كشف وزير الخارجية الليبي على اتفاق البلدين على البدء في إحياء فرق العمل الفنية في مختلف المجالات لتجتمع وتعد لاجتماع اللجنة العليا المشتركة، على أن يكون ذلك قبل نهاية هذا العام. من جهتها، أكدت الجزائر على أن الاتفاقيات المبرمة بين البلدين تتطلب مراجعة في ظل التطورات الحاصلة حتى تكون أكثر تأقلما.