استقبل موعد «سجالات ومعنى» بنادي عيسى مسعودي بالإذاعة الوطنية أمس، السيد سامي بن شيخ الحسين مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، للحديث عن واقع الحماية الفكرية في الجزائر، ومدى السمعة الدولية التي اكتسبتها خاصة بعد أن أصبحت عضوا في أهم المنظمات الدولية. أشار السيد بن شيخ في بداية تدخله إلى أن الملكية الفكرية أصبحت من أولويات واهتمامات العالم بأسره وعلى جميع المستويات؛ باعتبارها متعلقة بمسألة الإبداع والابتكار قاطرة كل تنمية في العالم، وبالتالي فإن الملكية هدفها الأول حماية حقوق أصحاب تلك الابتكارات والإبداعات وفق سلطة القانون ووفق نظام دولي خاص بالحماية الفكرية، يتمثل في آليات تعكسها المعاهدات والاتفاقيات الدولية، علما أن الجزائر عضو فيها، مثل اتفاقيات حماية برامج الحاسوب وكذا المصنفات الفنية وغيرها والجزائر، وكذا باقي الأعضاء ملزمة باحترامها وتطبيقها. أشار الضيف إلى الملكية الفكرية التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة، أولوية عند الدولة الجزائرية، وهي ذات أهمية في المفاوضات التي تجريها الجزائر مع المنظمة العالمية للتجارة؛ إذ إن 40 بالمائة من النقاش خاص بالحماية الفكرية التي تمس الصناعة الصيدلانية والبرامج والمصنفات الفنية. ويتم التساؤل عن مستوى تطبيق الحماية ومدى تماشي التشريع معها، ومن ثم فإن الحكومة واعية بذلك، وهي حاضرة في شخص الوزير الأول وفي كل الفعاليات كنوع من الدعم للديوان الوطني لحماية المؤلف والحقوق المجاورة، خاصة أن الحكومة تتعاون مع هذا الأخير بنسبة 100 بالمائة، ويكفي أن السيد بن شيخ مكلف من الجزائر بملف الملكية الفكرية في المفاوضات بمنظمة التجارة العالمية بجنيف. أكد المتدخل أن للديوان استراتيجية تقوم على أساسين، وهما تحسيس المجتمع المدني بزرع ثقافة وتقاليد احترام الحقوق الفكرية، وتقوم أيضا على أساس العمل الميداني؛ من خلال الشراكة مع الأمن الوطني والدرك والإذاعة والتلفزيون وغيرها، وكلها أتت بالثمار؛ إذ أن الديوان منذ سنتين كان لا يستقبل سوى 15 زائرا على أقصى تقدير يوميا. أما اليوم فازداد الوافدون. وفي شهر أكتوبر الماضي وصل العدد إلى 179 شخصا ومن كل مناطق الوطن يأتون لحماية وتأمين أعمالهم من خلال تسجيلها. بالمناسبة، أشار المتدخل إلى أن الحصيلة التي قدمتها الإذاعة للديوان بلغت 20 مليار سنتيم، علما أن هذا الأخير يقدم قاعدة حسابات، وبالتالي توزع الحقوق حسب البث (يحسب بالدقيقة)، ويتدخل الديوان أيضا في الخارج إذا ما استعملت المصنفات الجزائرية، فمثلا قام استعراض في أمريكا باستغلال أغنية «يا الرايح»، ولذلك طلب الترخيص من الديوان، وقُدر الاستغلال ب 40 مليون سنتيم مؤخرا. كما ثمّن المتحدث بعض مبادرات الديوان، منها قوافل الفنانين عبر الولايات والتكريمات وغيرها من صور الدعم للمواهب الشابة في شتى الفنون. في رده على سؤال طرحته «المساء» متعلق بالتراث المشترك الذي يتم استغلاله عشوائيا نتيجة عدم معرفة أصحابه الحقيقيين، أكد أن هذا التراث غالبا ما يكون مشتركا بيننا وبين جيراننا، خاصة على الحدود (مناطق 50كم)، لكن تتم حمايته من خلال البحوث والتوثيق لانتشاله من النسيان. أما السؤال الذي طرحته «المساء» أيضا والخاص باستغلال التلفزيونات الخاصة لأرشيف مؤسسات أخرى كالتلفزيون العمومي، فقال إن ذلك ممنوع ولا يحق لأي تلفزيون أن يستغل الأرشيف والمصنفات التي هي ملك لقناة أخرى بدون أن يدفع المقابل وإلا اعتُبر سرقة، لكن على صاحب الحق أن يتقدم بشكوى إلى العدالة، وصرح بأن هناك قنوات سوت وضعيتها، منها قناة «النهار» وأخرى هي في العدالة، علما أن مجلس قضاء العاصمة سيفصل هذا الثلاثاء في قضايا 5 قنوات استعملت مصنفات بدون تسريح من الديوان. عن الإنجازات أشار إلى أن الجزائر تقود إفريقيا والعالم العربي بالتمثيل في المنظمات الدولية والتكوين وفي المفاوضات، وهو نوع من الاعتراف بالجزائر وبجهودها الجبارة؛ مما جعلها مقرا لمكتب المنظمة العالمية للحماية الفكرية، وهي أيضا العضو العربي والإفريقي الوحيد في 18 عضوا دائما في هذه المنظمة العالمية. وبالنسبة لتحديات تكنولوجيات الاتصال الحديثة التي أصبحت هاجسا للعالم حيث إن 60 بالمائة من المصنفات العالمية على الأنترنت غير محمية، فإن الديوان أبرم اتفاقيات مع غوغل ومع اليوتوب؛ إذ تم اشتراط على هذا الأخير إعطاء نصيب من المداخيل على الإعلانات التي تستعمل المصنفات الجزائرية، وتمت الموافقة. بالنسبة للمنتسبين للديوان فلديهم بطاقة مسجلة دوليا (ملف)، ويستفيدون من التقاعد الذي يقدَّر ب135 ألف دج في 3 أشهر (45 ألف شهريا) للبالغين 60 سنة و15 سنة انخراطا، وعددهم اليوم 272 مستفيدا. وعن المشاريع الجديدة أشار إلى أن الديوان سينتقل شهر فيفري إلى مقره الجديد بديدوش مراد، وسيفتتح في 2017 فروعا جديدة بالجنوب؛ من خلال مكتب جهوي بورقلة، وآخر ببشار، ليصل عدد وكالاته إلى 17 وكالة.