راهن أحمد رزاق مخرج مسرحية «طرشاقة» على نجاحها الجماهيري قبل فوزها بالجائزة الكبرى لمهرجان المسرح المحترف في الدورة ال11، بفضل توفير عدد من العوامل وفي مقدمتها الترويج الإعلامي الذي صاحب العمل منذ بداياته، وهو ما غفلت عنه باقي المسارح والجمعيات المشاركة، الأمر الذي جعلت «طرشاقة» حديث الناس في الأسابيع الماضية. المعطى الثاني في تفسير اشتهار هذه المسرحية هو الاختيار الذكي للمخرج أحمد رزاق للممثلين، إذ أقنع عددا من الأسماء التي تعدّ نجوما في التلفزيون على غرار مصطفى لعريبي وسميرة صحراوي والكوميدي حميد عاشوري وسالي، وأسماء شابة اختيرت بعناية فائقة أضفوا على العمل قوّة وتمسّكا في المتن الدرامي وتفوّق جميع الممثلين ال22 لتقديم عرض فرجوي بامتياز تفاعل معه الجمهور الذي تدفّق بشكل ملفت، حيث امتلأت القاعة عن آخرها، وهناك من شاهد المسرحية واقفا. أما المعطى الثالث وهو من أهم العوامل التي استنفرت هذا النجاح، ويتعلّق بالنص الذي كتبه أحمد رزاق أيضا، ذلك أنّه اعتمد على لغة درامية بسيطة، دنا عبرها الى بيئة المجتمع، وعّبر عن هاجسه في قالب يشبهه من حيث الشكل والمضمون. وحتى إن اختار إنسانية عيدان الثقاب لتكون نماذج لقضية عاطفية لطالما اصطدم بها أفراد المجتمع وهي عاطفة الحب، التي عالجها المخرج في قالب ساخر وهادف في الوقت عينه، وهو موضوع وجد اهتماما من لدن الجمهور على عكس المواضيع السياسية والتاريخية التي كثيرا ما أثيرت على المسرح، وبذلك استجاب رزاق لما يريده المتفرج بكل احترافية. يقدّر الحب وينتقد النظام السياسي، هما الفكرتان اللتان بنى بهما المخرج أحمد رزاق مسرحيته، ولعب على وترين حساسين لدى الجزائريين جميعا. ومسرحية «طرشاقة» هي قصة حب بين عودي ثقاب «طرشاقة» التي تقع في حب «زلاميط» وترفض الزواج من زعيم أعواد الثقاب «زلموط» الذي جسّده الممثل «حميد عاشوري»، وهنا تجري أطوار القصة، فبين التشبث بالحب يسعى «زلموط» للزواج من «طرشاقة» حتى وصل به الأمر لتدبير حيلة من أجل التفريق بينها وبين حبيبها، فيفعل ذلك، وتنتهي القصة بانتحار «زلاميط». اللافت أنّ أحمد رزاق جمع كل الفنون تقريبا، وأشرك ثلاثة مطربين في المسرحية، ناهيك عن تصميم لوحات كوريغرافية أدّاها أربعة راقصين، فلم تبد مسرحية غنائية، أو ملحمة أو كوميدية هي تشكيل لم يفصل في أمره بعد، لكنه في الأخير هو عرض فرجوي ناجح.