افتتحت أول أمس الطبعة ال49 لمهرجان مسرح الهواة في مستغانم، بحضور العديد من الوجوه الثقافية والمسرحية وغياب وزير الثقافة عز الدين ميهوبي الذي حضر بالنيابة عنه المفتش العام في وزارة الثقافة أحمد حمدي، ناهيك عن حضور والي ولاية مستغانم. وانطلقت الطبعة ال49 من المهرجان من مقر بلدية وهران، حيث تم استعراض الفرق المشاركة على وقع إيقاعات البارود والموسيقى والرقص الفلكلوري، لتتجه الفرق المشاركة كلها إلى مسرح جيلالي عبد الحليم لإعطاء إشارة الانطلاق الرسمية للطبعة التي تسبق الاحتفال بخمسينية هذا المهرجان. وبعد الكلمات الافتتاحية، اختارت محافظة المهرجان أن تكون الانطلاقة بمسرحية "طرشاقة" للمخرج أحمد رزاق، حيث قدم رزاق فكرة بسيطة يفهمها الجمهور بكل فئاته، حيث تتمحور القصة حول علاقة حب تجمع عودي ثقاب داخل علبة كبريت، في دراما بسيطة تدخل ضمن إطار الكوميديا السوداء. تعالج المسرحية قصة الحب بين "طرشاقة" التي أدت دورها عديلة سوالم. تقع هذه الأخيرة في حب عود ثقاب مثلها ولا تريد الزواج من زعيم أعواد الثقاب "زلموط" الذي أدى دوره الممثل حميد عاشوري، وهنا تجري أطوار القصة، فبين التشبث بالحب يسعى "زلموط" للزواج من "طرشاقة" حتى وصل به الأمر لكيد حيل من أجل التفريق بينها وبين حبيبها، وهو ما ينجح فيه لاحقا. لعب أحمد رزاق على ثنائية الحب والسلطة في مسرحية "طرشاقة"، فهذه الجدلية جعلت الصراع يظهر بين من يدافع عن الحب وبين من لا يؤمن به بين أعواد الثقاب لكونها مصنوعة من الأخشاب ولا تملك قلبا لتحب به، رغم تمسك الكثير منهم بالحب. وبين مجابهة الحاكم المتسلط "زلموط" وبين الوفاء لحبيبته التي اختارت في الأخير الزواج من "الحاكم" أو الرحيل، اختار الحبيب الانتحار عوض مشاهدة "طرشاقة" تذهب إلى أحد غيره. العمق في المسرحية كان موجودا والأسئلة طرحها المؤلف والمخرج وصور الأحداث بطريقة هزلية، مع إسقاط قصة المسرحية على الواقع، من خلال تشبيه ما يحدث داخل "الطرشاقة" بما يحدث في المجتمع من تسلط الحكام ورغبتهم في السيطرة على كل شيء حتى على "الحب". كما ضمن رزاق مسرحيته بأحداث واقعية منها الانتحار وانقلاب الرعية على الحاكم ومطالبتهم بكشف أسباب الانتحار، محملين إياه مسؤولية ما حدث له. جمع أحمد رزاق تقريبا كل الفنون على الخشبة، حيث شارك في المسرحية ثلاثة مطربين، ناهيك عن لوحات كوريغرافية لأربعة راقصين لهم ما يبرر وجودهم في العمل، واستطاع المخرج بلغة بسيطة بعيدا عن اللغة الثالثة التي اعتاد أهل المسرح التعامل بها، من إضحاك الجمهور الحاضر دون ابتذال ما يوحي بقوة النص والكاستينغ الجيد، والإدارة الممتازة للممثلين، رغم صعوبة التحكم في 23 ممثلا على الخشبة.. ولكن رزاق عرف كيف يجد التناسق بين كل الممثلين وقدم لوحات فنية راقية أعادت الجمهور إلى المسرح. الطبعة التاسعة والأربعون من مهرجان مستغانم لمسرح الهواة ستستمر لغاية 29 من شهر أوت الجاري، بمشاركة 17 فرقة هاوية من ولايات تيزي وزو، تيبازة، سيدي بلعباس، أدرار، ميلة، المدية، الأغواط، برج منايل، تلمسان، تمنراست والجزائر مقسمين على ثلاثة مستويات، متمثلة في المستوى "أ " و"ب " التي ستشارك في المسابقة، أما المستوى "ج " ستكون خارج المنافسة، كما سيتضمن برنامج هذه التظاهرة ثلاث محاضرات يقدمها أساتذة مختصين بعنوان "دور مسرح الهواة في تطوير الممارسة المسرحية" و"النصوص المسرحية بين الواقع والخيال" وكذا "الإخراج المسرحي ممارسة"، إضافة إلى مائدة مستديرة تجمع كل المشاركين والمختصين حول دور المهرجان في ابراز المواهب الشابة.