شهدت الدورة 11 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، إطلاق برنامج «موعد مع المسرح»، ضمن مساعي إضفاء مزيد من الحيوية على الساحة الثقافية الوطنية، وهو لقاء نقاشي حول القضايا المسرحية، ومحاولة لتقريب الجمهور من قراءة واعية مبنية على دراية بتفاصيل الإنتاج ومكوناته، وسيحاول حسب القائم عليه، كسر نمطية الندوات التقليدية من خلال تجارب أكثر تفاعلية، من خلال تقديم ورشات مصغرة، قراءات إيطالية، نقاشات موضوعاتية وتكريمات لفاعلين مسرحيين. العدد صفر من الموعد الذي يشرف عليه الكاتب والإعلامي يوسف بعلوج، كان احتفائيا حيث تمّ بنادي «امحمد بن قطاف» تكريم الأسماء الجزائرية المتوجة في الفعاليات الدولية، على غرار إسماعيل يبرير المتوج بالجائزة الثانية في جائزة الشارقة للإبداع العربي عن نصه المسرحي «الراوي في الحكاية» (2013)، أسمهان منور التي اقتنصت الجائزة الأولى في مسابقة المونودراما بالكويت عن نصها «نوم الهنا» (2016)، علاوة كوسة الحائز على الجائزة الثانية في جائزة الشارقة للإبداع العربي عن نصه «بين الجنة والجنون» (2013)، كنزة مباركي الفائزة بالجائزة الثالثة لجائزة المونودراما بالكويت عن نصها «امرأة بظلّ مكسور» (2016) و«رشدي رضوان» الذي تمكّن من الوصول إلى قائمة أفضل عشرة نصوص في المسابقة الدولية لنصوص المونودراما برسم مهرجان الفجيرة (2014). الفضاء الجديد الذي يضاف إلى «موعد مع الشعر» و«موعد مع الرواية» الذي يبحث عن مشرف، في انتظار «موعد مع التراث» و«موعد مع السينما»، يحاول أيضا ربط الجسور بين الكتاب المسرحيين وجهات إنتاجية، في خطوة لدعم النص الأصلي المحلي، عن طريق تأسيس مكتبة تابعة للفضاء تتيح للقراء الاطلاع على هذه النصوص لتقييمها والاستفادة منها. وكان هذا الموعد في عدده الافتتاحي فرصة لتقديم تحفيز للنصوص المحتفلى بها، حيث تقرّر إنتاجها بالمسارح الجهوية، فنص «عطاشى» لاسماعيل يبرير المرشح لقائمة أفضل 20 في مسابقة الهيئة العربية للمسرح (2013) سينتج على مستوى المسرح الجهوي للجلفة، فيما ينتج مسرح قسنطينة الجهوي نص «نوم الهنا» لإسمهان منور، ونص علاوة كوسة «بين الجنة والجنون» (2013) على مستوى المسرح الجهوي للعلمة، نص «ضمير متصل» لرشدي رضوان على مستوى المسرح الجهوي لبجاية، أما نص»امرأة بظل مكسور» لكنزة مباركي على مستوى المسرح الجهوي لعنابة. أسس هذا الموعد لأنه لا يمكن تصور المسرح بدون فضاء للنقاش حول المضامين المطروحة وشؤون المسرح الفنية والأعمال الجديدة والنصوص والإخراج، خاصة مع بروز اتجاهات جديدة في الكتابة المسرحية وأردناه أيضا أن يكون فسحة للتعرف على أسماء جديدة وممارسة العمل النقدي على الأعمال التي عرضت في المهرجانات. الموعد الاسبوعي فرصة للوقوف عند كبار المسرح الجزائري على غرار بشطارزي وحبيب رضا ومجوبي وعلولة وكلثوم. يجب الاهتام بالنص الجزائري لأنه لن يهتم به غيرنا ذلك لأن هناك أعمالا أدبية ناجحة تملك قابلية الاقتباس للمسرح ولكن هناك أعمال أدبية تولد ميتة وإحياؤها أعمال مسرحية أوسينمائية أو تلفزيونية لذلك أشجع المسارح التي تقتبس من الأدب الجزائري لأن الهدف في النهاية هو إنشاء منظومة ثقافية وطنية تكون فيها علاقة مباشرة بين الكاتب والمسرحي والسينمائي وحتى الفنان التشكيلي مع ترك هامش للأدب العالمي وذلك ليس صعبا، سنفكر في استحداث جائزة لاحسن الاعمال المسرحية وسنحافظ على مهرجان بجاية والمحترف، أعتقد أن مجلة المسرح مشروع يمكن تنفيذه، نعيش زخما مهما في الحركة الثقافية والمادة متوفرة، بقي توفير الجانب التقني والادراي لاطلاقها. وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، هنّأ عشاق المسرح بميلاد هذا الفضاء الجديد، مؤكدا أنه سيكون إضافة حقيقية للنقاش حول قضايا المسرح، خاصة مع ما سماه «غياب النقد والمتابعة التقنية للمسرحيات»، واعتبر الوزير أنّ المسرح الجزائري متميز عربيا وإفريقيا ومتوسطيا لاعتماده على هوية أصيلة وغوصه في التراث وتعامله الذكي مع متغيرات المجتمع، وأكّد أنّ وجود مثل هذا المنبر المهتم بالفن الراقي في الجزائر، سيعطي للحركة المسرحية نفسا جديدا، وسيكون فرصة للمشتغلين في الشأن المسرحي عبر المتابعة والنقد البنّاء ل«تصحيح المسار، وطرح أفكار جديدة وبدائل مفيدة للحركة الثقافية والمسرحية على وجه الخصوص». كما أشاد ميهوبي بالأصداء الطيبة للمهرجان الحادي عشر للمسرح المحترف، وأشاد بجماليات الأعمال المعروضة، واحتدام المنافسة بين المتسابقين، وهو ما سيشجّع، حسبه، الوصاية على الاهتمام بالأعمال الناجحة والترويج لها وتوزيعها الجيد والتكفل بها وطنيا ودوليا واختيارها للمشاركة في كل التظاهرات الدولية. وتعليقا عما أسماها «ظاهرة المخرج الأوحد والبطل الذي يقوم بكل المهام»، استهجن الوزير إقدام بعض المخرجين على المزاوجة بين الإخراج والكتابة وتقمص الأدوار الرئيسية بأنانية ونرجسية مفرطة لربح أكبر قدر من المال»، واقترح على جميع الباحثين عن المال «ممارسة التجارة في سوق الحميز، والابتعاد عن قلاع الفن المجيدة»، مثلما شجّع على مراعاة الاحترافية وتقسيم المهام بين جميع المبدعين لضمان الفرجة وإنجاح المنجزات الإبداعية.