سمحت الزيارة التي قام بها الوزير المستشار والمبعوث الخاص للوزير الأول لجمهورية إثيوبيا، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إلى الجزائر في اليومين الأخيرين، باستعراض العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك مع المسؤولين الذين التقاهم ولاسيما الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، ووزير الصحة عبد المالك بوضياف. «المساء» التي التقت الوزير قبيل مغادرته الجزائر بمقر السفارة الأثيوبية، كان لها معه لقاء، فضل أن يركز فيه على حملته الانتخابية التي شرع فيها لتولي منصب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بصفته «مرشح القارة الافريقية»، لكننا تطرقنا معه إلى مسائل أخرى تتعلق خصوصا بالعلاقات الثنائية وكذا بعض القضايا الجهوية. ويرى السيد غيبريسوس أنه يجب التفاؤل اليوم بأن تتولى إفريقيا قيادة هذه المنظمة لأنها تملك في الوقت الراهن «الحظ الأوفر» للحصول على الدعم، معتبرا أنه يملك الخبرة اللازمة لتولي هذه المسؤولية التي يتحمس إليها بشدة، لأسباب عديدة يقول أن أهمها «إنني ولدت وترعرعت في إفريقيا، حيث شهدت المشاكل الصحية الكثيرة التي تعاني منها، والتي لدي شغف كبير لايجاد الحلول لها ومعالجتها». فالمسؤول الاثيوبي قضى 30 سنة في خدمة حكومة بلده منها 12 سنة كوزير، أولا على رأس قطاع الصحة لمدة 8 سنوات، ثم على رأس الدبلوماسية لمدة 4 سنوات، حيث استقال منذ شهر فقط من وزارة الخارجية للتفرغ لحملته الانتخابية، مع شغله حاليا منصب مستشار للوزير الأول برتبة وزير. وخلال توليه لوزارة صحة بلده، قام ب«إصلاح جذري للنظام الصحي» ويقول في هذا الصدد «قمت بتحويل جذري للنظام الصحي في البلاد وبإصلاحات مست كل المجالات لاسيما الموارد البشرية، التمويل، الإعلام، الاستعجالات، وبفضله تمكنت إثيوبيا من تحقيق أهداف الألفية للتنمية». ولايتردد في الإشادة بالنظام الصحي الجزائري، ويشدد على أن الجزائريين «محظوظون» بهذا النظام الذي يقدم الخدمات الصحية مجانا «وهو مانجده في بلدان قليلة». ويقول السيد غيبريسوس الذي زار مستشفيات بالبليدة وكذا عيادات متعددة التخصصات بالعاصمة «أعتقد أن الجزائر لديها نظام صحي جيد، لأنها توفر الخدمات الصحية مجانا، وقليل من البلدان تفعل ذلك. والمواطنون محظوظون بهذه الخدمات، لأن هناك بلدان تتحدث عن مجانية العلاج لكنه غير متوفر ميدانيا... لكن الجزائر قامت بذلك، وأرى أن نظامها الصحي يعد نموذجا ومرجعا». طموح لإصلاح شامل لمنظمة الصحة العالمية ويطمح المسؤول الاثيوبي إلى إصلاح شامل لمنظمة الصحة العالمية معتمدا على تجربته داخل بلده كوزير للصحة، وتجربة في الخارج أكسبته الكثير من الخبرة، بفضل توليه منصب رئي الصندوق العالمي لمكافحة الايدز ومجلس مكافحة السل والملاريا، والرئيس المشارك لمجلس إدارة الشراكة من أجل صحة الأم والوليد والطفل. وعن الإستراتيجية التي ينوي انتهاجها في حال انتخابه على رأس المنظمة العالمية للصحة، فإن السيد غيبريسوس، كشف لنا عن 5 محاور رئيسية سيقوم عليها برنامجه. الأول «تحويل المنظمة» إلى هيئة تتميز بالفعالية والشفافية والمساءلة والاستقلالية وتركز على العلم والابتكار والنتائج وتكون سريعة الاستجابة. أما المحور الثاني فيخص «الصحة للجميع»، والذي يرتكز دعم جهود الحكومات لبناء نظم صحية قوية قادرة على تحسين الوصول إلى العلاج، فيما يتعلق المحور الثالث ب«الأمن الصحي» وسيعمل من خلاله على ضمان استجابات عالمية قوية ومنسقة وسريعة لحالات الطوارئ. ويدور المحور الرابع حول «المرأة والأطفال والمراهقون» عبر تعزيز السياسات الصحية التي تراعي النوع، في حين أن المحور الخامس يتعلق ب«التأثيرات الصحية الناجمة عن تغير المناخ والبيئة» والذي سيتم العمل من خلاله على ضمان التجهيز الجيد للسلطات الوطنية الصحية لمواجهة التغيرات البيئية. ويشدد في حديثه على ضرورة أن تتحول الصحة إلى «حق» للجميع بدون أي تمييز مهما كانت طبيعته. ويؤكد أن ذلك لن يتم إلا بتوفر «التزام سياسي»، دون إغفال فتح الباب أمام الشراكة مع أطراف أخرى، من باب أن منظمة الصحة العالمية لايمكنها أن تقوم بكل شيء. في السياق، وبالنظر إلى كون المنظمة لها دور تقني وسياسي في نفس الوقت، فإن المرشح الإفريقي لتولي قيادتها، يعتبر أنه من المهم إحداث «توازن» بين الجانبين لإضفاء فعالية على عملها. وعن سؤالنا حول الاتهامات الموجهة للمنظمة بالعمل لصالح بعض مخابر الدواء، نفى مثل وجود مثل هذا الأمر، معتبرا أنه لايمكن القول أنها تفعل ذلك «لأن هناك قواعد تحتكم إليها وتحترمها في عملها»، لكنه قال إنه لابد من «أخذ الحيطة والحذر، لمراقبة العمل والتأكد من أنه يتم في ظل احترام التنظيمات والقوانين.. وهي من إحدى مهام المدير العام». وعن مدى تفاؤله بالحصول على ثقة البلدان وتولي هذا المنصب، رد وزير الخارجية السابق، إنه بالفعل متفائل، لأنه مرشح «كل إفريقيا» وأن بعض الدول الإفريقية تعهدت ليس فقط بانتخابه بل كذلك بتمويل حملته الانتخابية، كما أوضح أنه يحظى بدعم من دول آسياوية ومن أمريكا اللاتينية وحتى أوروبية. أولويتنا ترقية التجارة والاستثمار مع الجزائر وفضلا عن حملته الانتخابية التي كانت محور الهدف الأول من زيارته للجزائر التي عبرت له عن دعمها له وهو ما أكده له المسؤولون الذين التقى بهم، فإن السيد غيبريسوس، أكد ل«المساء» أن الهدف الثاني من زيارته للجزائر هي المشاركة في المنتدى الإفريقي للاستثمار، حيث شارك في تنشيط جلسة حول الصناعات الغذائية، قدم فيها عرضا عن الإستراتيجية الأثيوبية في المجال الزراعي. وإذ عبر عن غبطته للمشاركة في هذا اللقاء، فإنه أشار إلى أن الجزائر تعد المكان الأنسب لتنظيم هذا المنتدى الذي جمع «كل الأفارقة». وعن العلاقات الثنائية، فإن الدبلوماسي الاثيبوي لم يتوقف عن الاشادة بها وبعلاقاته الجيدة لاسيما مع وزير الخارجية رمطان لعمامرة. في هذا الشأن كشف بأن الأخير كان دوما يطرح عليه نفس السؤال «متى تفتحون سفارة لكم بالجزائر»، وهو السؤال الذي كثيرا ما «أحرجه»، كما قال، لذا كان جد مسرور لأن السيد لعمامرة لم يوجه له هذا السؤال وأنه زار لأول مرة مقر السفارة التي افتتحت منذ 7 أشهر، ويقول «أن فتح سفارة مهم جدا لتعزيز العلاقات الثنائية» التي ستتدعم كذلك باجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين في الجزائر بعد بضع أشهر. والأولوية اليوم هي «تشجيع الاستثمار والتجارة»، حيث أكد أن شركات عديدة أبدت رغبتها في الاستثمار بأثيوبيا، خاصا بالذكر «سفيتال»، فضلا عن إحصاء بضع شركات تستثمر حاليا في اثيبويا بالفلاحة والصناعات الغذائية. وعن مدى تقدم أشغال السد الضخم الذي يتم إنجازه بإثيوبيا والذي شكل مصدر توتر في العلاقات مع مصر، أكد محدثنا أن نسبة الأشغال وصلت لحد الآن إلى نحو 55 بالمائة، وهو مايؤكد أن أثيوبيا ماضية في انجاز مشروعها. ونفى مستشار الوزير الأول تغيير أثيوبيا لموقفها تجاه قضية الصحراء الغربية، وأكد بان موقفها هو «موقف الاتحاد الإفريقي» وانه لم يتغير البتة.