تنويع الصادرات خارج المحروقات خاصة باتجاه القارة الإفريقية، يبقى حسب المختصين والمتعاملين الاقتصاديين الحل الوحيد للنّهوض بالاقتصاد الوطني بعد تراجع مداخيل النفط، ويعوّل حاليا على المؤسسات الوطنية التي وقّعت اتفاقيات مع متعاملين أفارقة حضروا المنتدى الاقتصادي الإفريقي الذي احتضنته الجزائر بداية ديسمبر الماضي، للتوجه إلى هذه الأسواق لتجسيد الإستراتيجية الجديدة للدولة الرامية إلى بناء اقتصاد ناشئ. في هذا السياق أفاد السيد سمير سلعاجي، مدير التصدير بمجمّع "متيجي" لمنتوجات "سفينة وسريقال" أن تجسيد النّموذج الاقتصادي الجديد للنمو يتطلب تسطير إستراتيجية فعّالة للتصدير، وذلك بإزالة العراقيل التي تعيق العملية ومراجعة بعض القوانين قصد تشجيع المؤسسات الوطنية على اقتحام الأسواق الأجنبية وخاصة الإفريقية بضمان نجاح منتوجاتها وتمكينها من منافسة باقي السلع التي تستوردها هذه الأسواق. صرح السيد سلعاجي، في لقاء جمعه ب«المساء" أن المؤسسات الجزائرية تتوفر على منتوجات نوعية مصنوعة وفقا للمقاييس المطلوبة في مجال الجودة خاصة في مجال الصناعات الغذائية، الأمر الذي يؤهلها لإحراز إقبال في الأسواق الأجنبية وخاصة الإفريقية ومنافسة العديد من المنتوجات الأجنبية المستوردة من الدول المتقدمة والمسوّقة بهذه الأسواق. غير أن إنجاح هذا المسعى وتطوير الصادرات خارج المحروقات "ليس مجرد قرار، بل يتطلب تسطير إستراتيجية مبنية على الواقع" لتجنيب المصدرين تكبّد خسائر قد تنجم عن تصدير منتوجات لا تلقى إقبالا في هذه الأسواق. وفي هذا السياق يرى محدثنا أن تجسيد النموذج الاقتصادي للنمو الذي سطرته الدولة يتطلب تغيير الذهنيات التي لا تشجع على التصدير وتعرقل رؤساء المؤسسات الوطنية سواء على مستوى الجمارك، الموانئ والوكالات البحرية واللوجستيكية، والبنوك حسب المتحدث الذي أضاف أنه بالرغم من الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف الحكومة منذ أكثر من سنة من خلال توجيه تعليمات لهذه الجهات للتفتح أكثر على التجارة الخارجية وتسهيل إجراءات التصدير، فإن الواقع لا يزال بحاجة إلى تسهيلات وقرارات أخرى من شأنها إعطاء دفع قوي للعملية. وأشار السيد سلعاجي، إلى أن النهوض بالتصدير يتطلب عصرنة المؤسسات المصرفية وتكييف تعاملاتها مع التحولات الاقتصادية والمالية التي تشهدها السوق الدولية في مجال منح القروض والدفع الإلكتروني الذي سجل إطلاقه تأخرا كبيرا، وذلك لتسهيل حركة رؤوس الأموال الخاصة بالتجارة الخارجية. وإن ثمّن محدثنا القرار الأخير الذي قام به بنك الجزائر والمتمثل في تمديد آجال التسديد المتعلقة بالتصدير إلى 365 يوما، فإنه اعترف بأن الممارسات البنكية لا زالت بحاجة إلى مبادرات أخرى. وفي السياق أكد مدير التصدير بمجمع "متيجي" الذي يصدر حاليا منتوجاته لعدة دول إفريقية أن نجاح التصدير باتجاه هذه الأسواق يتطلب فتح بنك جزائري بهذه الدول لتسهيل المعاملات التجارية والمالية وتحقيق أرباح للاقتصاد الوطني، مثلما قامت به دول الجوار التي فتحت بنوكا لها بهذه البلدان سهلت لها الكثير من العمليات. كما شدد محدثنا على ضرورة تفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية بفتح لجان اقتصادية بالسفارات الجزائرية بالخارج، تقوم بدراسات استشرافية للأسواق وتقييم الفرص المتوفرة لتزويد رجال الأعمال الجزائريين الراغبين في التصدير أو الاستثمار بهذه البلدان بأفكار ومعلومات دقيقة عن تلك الأسواق وزبائنها، وتقديم نصائح عن المنتوجات التي يمكن تصديرها من عدمها. بالإضافة إلى التعريف بالمنتوجات الجزائرية وبالجزائر التي لا زالت وجهة غير معروفة بالنسبة للعديد من المتعاملين الاقتصاديين. ويرى السيد سلعاجي، أن العديد من المؤسسات الوطنية التي تصنع منتوجات نوعية قادرة على مواجهة المنافسة الشرسة للمنتوجات الأجنبية بالأسواق الإفريقية، متخوّفة من دخول هذه الأسواق بسبب غياب ضمانات توفرها الدول بالتنسيق مع سلطات البلد المستورد بتخفيض الرسوم الجمركية مما يخفض سعر المنتوج المسوق لضمان بيعه وجعله يلقى إقبالا وينافس منتوجات الدول، مثلما تقوم به العديد من الدول التي أقرت دعما لعمليات التصدير. وحسب محدثنا فإن الأسواق الإفريقية لا زالت سوقا عذراء تتوفر على عدة إمكانيات غير مستغلة بالرغم من دخول عدة مؤسسات أجنبية إليها في السنوات الأخيرة. الأمر الذي يمكن المؤسسات الجزائرية من التموقع بهذه الأسواق في حال توفير الأرضية الملائمة لذلك لإنعاش الصادرات الجزائرية خارج المحروقات، وتنويع الاقتصاد الجزائري قصد تحقيق مداخيل إضافية من شأنها أن تقاوم الآثار الناجمة عن الأزمة التي تهز الاقتصاد الوطني بعد تراجع أسعار البترول الذي ظل المنتوج الرئيسي للصادرات. 3 آلاف طن حجم صادرات مجمّع متيجي في 2015 وتجدر الإشارة إلى أن مجمع "متيجي" لعلامة "سفينة وسريقال" للعجائن الغذائية صدر خلال سنة 2015 كمية قدرها 3 آلاف طن من منتوجاته بقيمة مالية بلغت مليونا و300 ألف دولار. ويصدر المجمع منتوجاته لكل من كندا، الولاياتالمتحدةالأمريكية، فرنسا وبعض الدول الإفريقية مثل السنغال، موريتانيا، وبوركينافاسو. وتصل الطاقة الإنتاجية للمجمّع إلى 1000 طن يوميا من مختلف المنتوجات المتمثلة في تحويل القمح، الكسكس، العجائن الغذائية، الفرينة، والدقيق عبر مصانعه الستة المتواجدة بغرب البلاد، مثلما أكده السيد أحمد رحيال، المكلف بالتسويق بالمجمّع الذي يحتل مكانة ضمن قائمة المؤسسات الوطنية الثلاث الأولى في مجال صناعة الفرينة والعجائن الغذائية، والمرتبة الأولى في مجال صناعة الدقيق. وكشف السيد رحال في تصريح ل«المساء" أن مجمّعه الذي يوظف أكثر من 1500 عامل يحضر لإطلاق منتوجات جديدة خلال سنة 2017، تراعي شروط الجودة للاستجابة لطلب الزبائن.