شرعت القوات الإيرانية أمس، في تنفيذ أكبر مناورات عسكرية استعملت فيها صواريخ باليستية في تحد واضح لقرار الرئيس دونالد ترامب، فرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها ردا على تجربتها الصاروخية قبل أسبوع. وسارع كاتب الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، الموجود في زيارة إلى اليابان إلى اتهام إيران بعد تكل التجربة بأنها أكبر دولة مارقة وداعمة للإرهاب إلا أن ذلك لم يمنع السلطات الإيرانية من تنفيذ مناوراتها في رسالة قوية باتجاه الوافد الجديد على البيت الأبيض بأنها لن ترضخ دفاعا عن مصالحها الإستراتيجية في منطقة تعرف تحولات جذرية. وكان اشتداد القبضة بين واشنطنوطهران متوقعا منذ الوعيد الذي رفعه المرشح الجمهوري دونالد ترامب، بمراجعة الاتفاق النووي الإيراني الموقّع مع بلاده سنة 2015، ثم تجديد تأكيده على مثل هذا الموقف مباشرة بعد توليه مهامه الرئاسية، وفهمت إيران الرسالة هي الأخرى مما جعلها تتعامل بالمثل وأخذت بخيارات التهديد وعدم الرضوخ. وكان إطلاقها لصاروخ باليستي نداية الأسبوع الماضي، بمثابة رد عملي على تلك التهديدات قبل أن تعلن عن مناورات عسكرية واسعة في منطقة سمنان في شمال شرق البلاد في رد سريع على العقوبات الأمريكية ضدها. وأكدت قيادة الحرس الثوري الذي يشكل قوات النخبة الإيرانية أن مناورات أمس، جاءت للتأكيد على جاهزية الجيوش الإيرانية للرد على أية تهديدات خارجية محتملة في رد واضح على ما بدر من الرئيس ترامب، بعدم استبعاده اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية لردع إيران. وأعلنت طهران أول أمس، أنها تتعامل بالمثل مع واشنطن، بعد أن اتخذت إجراءات عملية ضد شخصيات وشركات أمريكية اتهمتها هي الأخرى بدعم الإرهاب تماما كما فعلت الإدارة الأمريكية، التي اتهمت إيران بدعم الإرهاب الدولي لتبرير عقوباتها الجديدة عليها. يذكر أن الرئيس الأمريكي فاجأ العالم العربي والإسلامي بمرسوم تنفيذي الأسبوع الماضي، منع بواسطته رعايا سبع دول شرق أوسطية من بينها إيران من دخول الأراضي الأمريكية بدعوى أنها دول مصدرة للإرهابيين. واشتدت حدة اللهجة بين واشنطنوطهران منذ تولي الرئيس الجمهوري مقاليد السلطة في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الماضي، وتوعده بإعادة النظر في الاتفاق النووي بين بلاده وإيران، وختمها أول أمس، على موقع «تويتر» الذي استعمله كوسيلة لتمرير مواقفه وقال إن «إيران تلعب بالنّار» في تحذير واضح باحتمال لجوء بلاده إلى استعمال القوة العسكرية ضدها إذا سلّمنا بمقولة إنه رئيس يفعل ما يقول. فهل سيخطو الرئيس دونالد ترامب، خطوة إضافية على طريق التصعيد مع إيران واللجوء فعلا إلى خيار القوة ضدها إذا علمنا أن لهذه الأخيرة أوراق ضغط قوية كان آخرها توقيعها على صفقة ضخمة لشراء 80 طائرة «بوينغ»، في نفس الوقت الذي فازت فيه شركات أمريكية كبيرة بصفقات استثمارية في مجال الصناعات النفطية والغازية في هذا البلد، وهي دون شك لن تتخلى عنها لمجرد أن طهران قامت بتجربة صاروخية لن تغير في الواقع الإقليمي شيئا. ويبدو أن إيران لجأت إلى سياسة التصعيد قناعة منها أن الرئيس الأمريكي الجديد لن يقدر على تنفيذ وعيده وهو الذي فتح عدة جبهات عدائية ضده في داخل الولاياتالمتحدة وخارجها وحتى من أقرب حلفاء بلاده في القارة العجوز دون الحديث عن الصين التي لا يستبعد أن تعرف علاقاتها مع الولاياتالمتحدة تصعيدا قادما وخاصة ما تعلق بالسياسة الحمائية التي يريد فرضها على المنتجات الصينية. وهي القناعة التي أكد عليها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي قلّل من صدقية الوعيد الأمريكي، وقال إن بلاده غير مكترثة لما يقول ترامب، لأنه لن يجرؤ على شن حرب ضد إيران.