اعترف مختصون في المجال الصناعي بأن المناولة بالجزائر لا زالت متأخرة وتعاني من عجز كبير بسبب غياب قاعدة صناعية قوية تمكنها من اكتساب خبرة في الميدان عن طريق الممارسة المستمرة. ولتطوير هذه المناولة والتقليل من فاتورة الاستيراد بتشجيع الإنتاج المحلي، دعا السيد عزيوز العايب المدير التنفيذي للبورصة الجزائرية للمناولة إلى اتخاذ إجراءات لمرافقة المؤسسات الناشطة في هذا المجال وتمكينها من الحصول على شهادات موافقة ومطابقة معترف بها عالميا، لتمكينها من تسويق منتوجها للمؤسسات التي تفرض شروطا صارمة لاقتناء هذا المنتوج خاصة فيما يتعلق بالمناولة الميكانيكية. وأضاف السيد العايب في تصريح ل «المساء» على هامش اليوم العلمي التقني حول الصيانة الصناعية بفندق الأوراسي بالجزائر أمس، أن المناولة ببلادنا لا زالت غير قادرة على الاستجابة لحاجيات المؤسسات الناشطة في المجال الصناعي بالرغم من وجود حركية في المدة الأخيرة، مرجعا هذا التأخر إلى غياب نشاط صناعي قوي خاصة في مجال الميكانيك بالرغم من وجود نشاط في السبعينات، لكن توقفه منذ ذلك الوقت أدى إلى حدوث هذا الركود وعدم تفعيل المناولة. وذكر المتحدث بأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجال المناولة بما فيها قطاع الميكانيك غير مؤهلة للاستجابة لحاجيات مصانع تركيب السيارات التي تفرض شروطا صارمة من ناحية النوعية حفاظا على أمن وسلامة الزبائن، والتي لا تقبل على المنتوج الجزائري خاصة في مجال قطع الغيار بالرغم من توفر بعض القطع البسيطة ببلادنا والتي يبقى أغلبها غير مستعمل بسبب عدم توفر هذه المنتوجات على شهادات «إيزو» للموافقة والمطابقة والتي تؤكد احترام هذه المنتوجات للمقاييس العالمية. في هذا السياق، دعا السيد العايب السلطات العليا إلى اتخاذ إجراءات من شأنها دعم مؤسسات المناولة الجزائرية من خلال مرافقتها وإعادة تأهيلها لتمكينها من الحصول على هذه الشهادات تدريجيا لرفع نسبة الاندماج والتقليل من فاتورة الاستيراد باقتناء المنتوجات التي تنتج محليا. كما أشار محدثنا إلى مشكل آخر يتعلق بغياب ثقافة الإعلام والاتصال بأغلب المؤسسات الوطنية المتعاملة في مجال المناولة، مما يحول دون معرفة منتوجاتها بالرغم من نوعيتها في أغلب الحالات، مما يدفع بالعديد من المتعاملين إلى التوجه لاستيراد حاجياتهم من الخارج ظنا منهم أن السلع التي يحتاجونها غير متوفرة ببلادنا. وفي معرض حديثه، أضاف السيد العايب أن البورصة الجزائرية للمناولة تسعى لتغيير هذه الذهنيات من خلال قيامها بدور مركز إعلام لجمع كل المعلومات المتعلقة بالمؤسسات الناشطة في مجال المناولة واقتراح خدماتها على المؤسسات والمصانع التي تحتاج منتوجاتها، مثلما تم القيام به مع مصنع «رونو الجزائر» الذي اتصل بالبورصة التي دلته على ستة مناولين في مجال السيارات استفادوا من عقود تزويده ببعض الإكسيسوارات. وبلغة الأرقام، أفاد السيد العايب أن الجزائر تحصي 900 ألف مؤسسة ناشطة في مجال المناولة، 80 بالمائة منها في مجال البناء والأشغال العمومية و1 بالمائة منها فقط في مجال المناولة الصناعية، وأقل من هذه النسبة في المناولة الميكانيكية حيث لا يتجاوز عدد المناولين في مجال الميكانيك 50 مناولا كلهم لا يحوزون على شهادات المطابقة والموافقة المعترف بها عالميا. ويرى السيد العايب أن تطوير مجال المناولة وتشجيع مصنعي قطاع الغيار الأجانب على الاستثمار بالجزائر يتطلب خلق صناعة ميكانيكية قوية برفع حجم الإنتاج بمصانع تركيب السيارات ليتجاوز 100 ألف سيارة سنويا لتكون بمثابة ضمانات لهؤلاء المصنعين لاقتحام السوق الجزائرية. وفي حديثه، أشار السيد العايب إلى وجود إرادة سياسية للنهوض بمجال المناولة من خلال التحفيزات التي أقرتها الحكومة في السنتين الأخيرتين من خلال النصوص القانونية التي أعيد النظر فيها، ومن خلال قانون المالية الذي نص على عدة تدابير لتشجيع المناولة والإنتاج المحلي لتنويع الاقتصاد الوطني. ومن جهة أخرى، أجمع المشاركون في هذا اللقاء على ضرورة خلق علاقة بين المؤسسات الاقتصادية والمنتجة والجامعات الجزائرية لتوجيه التكوين والبحث العلمي إلى ما تحتاجه السوق حسب خصوصيات كل منطقة لمواكبة الإستراتيجية التي سطرتها الحكومة لتطوير الصناعة الجزائرية للتقليل من فاتورة الاستيراد وتنويع الاقتصاد خارج المحروقات.