تم أمس وضع حجر الأساس لإنجاز محطة كهروضوئية بطاقة 10 ميغاواط بمنطقة بئر رباع شمال بولاية ورقلة، وأشرف على العملية الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك، أمين معزوزي، والمدير التنفيذي بشركة «إيني» الإيطالية كلاوديو ديسكالسي. ويهدف المشروع إلى تلبية جزء من احتياجات الحقل البترولي من الكهرباء بالمنطقة، ويشرف عليه مجمع «سوناطراك- أجيب» التابع لإيني. وبإطلاق هذا المشروع، تكون سوناطراك قد أكدت التزامها بتجسيد برنامج الحكومة لتطوير الطاقات المتجددة، هذه المرة عبر شراكة مع العملاق الايطالي «إيني» الذي يبدو أنه يسير هو الآخر نحو التكيف مع مقتضيات «الانتقال الطاقوي»، لاسيما في ظل أزمة انهيار أسعار المحروقات التي أضرت بالاستثمارات في هذا المجال. 32 ألف لوحة شمسية لاقتصاد 6 ملايين مكعب من الغاز المحطة التي ستنجز على بعد حوالي 300 كلم عن حاسي مسعود ستقدر طاقتها ب10 ميغاواط وستستخدم 32 ألف لوحة شمسية على مساحة تقدر بحوالي 20 هكتار. وستمكن من اقتصاد 6 ملايين متر مكعب من الغاز سنويا، مع العلم أن انطلاقها مقرر في ديسمبر 2017. وتم التأكيد أن هذا المشروع «يجسد إرادة شركتي سوناطراك وإيني للتعاون في مجال الطاقات المتجددة»، والجديد أنه سيعرف إنجاز مخبر بحث «ذكي» سيخصص للبحث ولنقل التكنولوجيا والتكوين، لاسيما وأن المحطة وصفت ب«النموذجية» التي تمكن من إجراء بحوث في فضاء يعد الأفضل لإقامة التجارب حول تقنيات الطاقات المتجددة مع أخذ عوامل الحرارة والزوابع الرملية بعين الاعتبار. وحسب الرئيس المدير العام لسوناطراك، فإنه سيتم في الاسابيع المقبلة إنشاء شركة مختلطة بين الجانبين تجسيدا لهذا المشروع، الذي ستعمل سوناطراك على تعميمه على مستوى كل حقولها. وشدد السيد معزوزي في ندوة صحفية مشتركة مع مسؤول «إيني» ووالي ورقلة على أهمية هذا «المشروع النموذجي» ليس فقط من الجانب الطاقوي، ولكن أيضا من الجوانب البيئية والاقتصادية، إذ يسمح بتوفير مناصب شغل وكذا تجسيد الاندماج المحلي في الطاقات المتجددة. «إيني» تعقد مجلس إدارتها لأول مرة خارج إيطاليا من جهة أخرى، تحدث مسؤول سوناطراك عن أهمية الشريك الايطالي متمثلا في مجمع «إيني» الذي عقد أول أمس اجتماع مجلس ادارته ببئر رباع، وهي «سابقة» في تاريخ الشركة، كما قال مديرها التنفيذي كلاوديو ديسكالسي حين أكد أنها أول مرة يعقد فيها مجلس الإدارة خارج إيطاليا. وهو «مؤشر قوي للجزائر»، حسب السيد معزوزي، الذي اعتبر أن ذلك يؤكد «صواب سياسة الرئيس بوتفليقة وكذا إنجازاته لاسيما على المستوى الأمني». وتم التذكير في السياق بأن علاقة «إيني» بالجزائر تمتد إلى نصف قرن، و«نحن حاليا نفكر في الخمسين عاما المقبلة»، كما أشار إليه مسؤول سوناطراك، الذي اعتبر أنه بعد تعاون وثيق على مستوى «المنبع» أي الاستكشاف والاستغلال، فإن المستقبل سيكون مع «إيني» في «المصب» لاسيما في الصناعات البتروكيماوية والتكرير،وبالطبع الطاقات المتجددة التي تم الشروع ميدانيا في الاستثمار بها. 11 مليار أورو استثمارات «ايني» في سبع سنوات وفي حصيلة التعاون بين الطرفين، استثمارات ب11 مليار أورو لإيني في الجزائر منذ 2010، وهو مايمثل 30 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية الطاقوية في الجزائر، حسبما أعلن عنه مدير إيني كلاوديو ديسكالسي، الذي أكد أن الاستثمارات تواصلت في الثلاث سنوات الماضية «رغم أزمة أسعار النفط» التي أدت إلى تراجع محسوس في الاستثمارات بقطاع الطاقة. شراكة ستستمر مستقبلا كذلك، لكن ب«نموذج جديد»، يبدو أنه يأتي في سياق رؤية جديدة للشراكة مع إفريقيا عموما والجزائر خصوصا، حيث أوضح المسؤول الايطالي أن الشركة تسعى إلى مرافقة الجزائر في سياستها لتنويع اقتصادها ومصادر طاقتها، وهي في نفس الوقت ترى اليوم الشراكة مع إفريقيا من وجهة نظر مختلفة. وقال»الجزائر لديها دور هام في سياسة الشركة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقد واصلنا الاستثمار في وقت شحت فيه الاستثمارات بالقطاع. والشركة تعمل على التكيف مع الظروف الجديدة والضرورات الحالية من خلال إنفاق اقل ونجاعة أكبر في العمل وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون»، معتبرا أن هذا المشروع «اجتماعي وليس فقط اقتصادي». الجزائر شريك غازي هام والأسعار يجب أن تخدم الجانبين وعن التعاون الغازي، قال إن الجزائر لديها «مكانة هامة كممون للغاز نحو أوروبا وهي مدعوة للعب دور اكبر في المستقبل»، لكنه تحدث عن ضرورة تغيير النمط بالنسبة للتعامل مع إفريقيا، حيث اعترف بأنه طيلة ستين سنة تم استغلال ثروات القارة ومصادرها الطاقوية من طرف الأوروبيين، اعتبر أن الوقت قد حان لتستفيد القارة من مواردها الطاقوية لتحسين معيشة سكانها وتزويدهم بالطاقة وتطوير بلدانها، وإلا فان ظاهرة الهجرة لن تتوقف. ولأن بين الشريكين مصالح مشتركة، فإن الخلافات لا تبدو غريبة، وهو ما أشار إليه السيد معزوزي حين رد على سؤال حول عقود الغاز والجدل حول الأسعار، حيث قال إن سوناطراك تراجع عقودها مع شركائها دوريا، إلى أن «إيني» الأخيرة شريك لسوناطراك في كل مراحل سلسلة الإنتاج، نافيا وجود أي مشاكل في هذا المجال، ومؤكدا أن الإشكاليات التي طرحت تم حلها. وأن مسألة الأسعار ينظر إليها من جانب متطلبات السوق ومصلحة كل طرف. وقال في هذا الإطار»نحن متفقون مع إيني على كل الأمور، و«إيني» شريكنا في كل سلسلة الإنتاج وليس التسويق فقط، لدينا شراكة مهمة جدا، رغم تسجيل بعض الاختلافات، التي وجدنا لها الحلول والدليل انه في 2016 زدنا كميات الغاز المصدرة نحو إيطاليا وسترتفع أكثر لاحقا، ولازالت المفاوضات مستمرة للنظر في المستقبل. أما السعر فيجب أن يكون في مصلحة الشركتين». وكشف عن وجود مشاريع بينهما للاستثمار معا في الخارج في بلدان لم يتم تحديدها وهي 3 حسب مسؤول إيني، لكن تبقى الأولوية للاستثمار بالجزائر، إذ عبر الجانب الايطالي عن تفهمه لتركيز الجزائر على الاستثمارات في الداخل، لاسيما في المرحلة الراهنة حيث قلت الاستثمارات في مجال المحروقات بسبب تراجع الأسعار. وبخصوص توجه الشركة الوطنية للمحروقات نحو الاستثمار في الطاقات المتجددة في حين أنها متخصصة في النفط والغاز، أكد مديرها العام أن قانونها الأساسي يسمح لها بالاستثمار في كل أنواع الطاقة، وأنها تعمل في نفس الاتجاه الذي تسعى إليه الدولة والرامي إلى تنويع مصادر الطاقة. كما تحدث عن القيام بأول عملية حفر في البحر خلال العام الجاري، مشيرا إلى أن سوناطراك قامت بدراسات و«لديها فكرة حول القدرات الجزائرية في هذا المجال، وإنها ستتأكد منها عند الشروع في عمليات الحفر». من جانبه، بدا والي ورقلة، عبد القادر جلاوي، جد متحمس لمثل هذه الاستثمارات في هذه الولاية «الطاقوية» بامتياز، وقال أنها «تؤكد مواصلة سوناطراك لاستثماراتها رغم الأزمة»، وتؤكد كذلك «حقيقة الوضع الأمني المستقر بالجزائر وتحكم قوات الجيش والأمن في الوضع وهو ما سمح بالاستثمار في مناطق معزولة مثل بئر رباع شمال».