أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أن الخيارات الاستراتيجية التي تبنّتها الجزائر لتفعيل الاقتصاد الوطني، تهدف إلى مواكبة الوضع الذي يمر به الاقتصاد العالمي والتحولات العالمية المتسارعة التي تتطلب الحكمة والحنكة لمواكبتها، داعيا بالمناسبة الشعب الجزائري إلى التحلي باليقظة والحفاظ على المكاسب التي حققتها البلاد وضمان استمراريتها بما يجعل المواطن يعيش حرا في إطار الديمقراطية. أوضح الرئيس بوتفليقة، في رسالة إلى الندوة التاريخية المنظمة بالبيّض، بمناسبة الاحتفالات الرسمية لذكرى عيد النّصر قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية، محمد علي بوغازي، أن الخيارات الاستراتيجية التي تنتهجها البلاد من أجل تفعيل وتحسين الاقتصاد الوطني تهدف إلى مواكبة الوضع الراهن الذي يمر به الاقتصاد العالمي وتحقيق التنمية الشاملة في كافة الميادين، مشيرا إلى أن هذا الخيار يأخذ في الحسبان الوضعية الحقيقية للإمكانيات المتاحة للوطن ويأخذ في الحسبان كذلك كل الحقائق التي تميز العالم الذي نعيش فيه. وإذ لفت إلى أن العالم يشهد اليوم توترات وتغيرات إقليمية ودولية، وتجري فيه تحولات متسارعة تتطلب المواكبة بالحكمة والحنكة، أكد رئيس الجمهورية بأن التحلي بهاتين السمتين لا ينبغي أن يكون منحصرا عند النخبة فحسب «وإنما يجب أن يكون متشبعا بها وواعيا لها مجتمعنا برمته»، منوّها في سياق متصل بوفاء الشعب الجزائري وإخلاصه للوطن من خلال بقائه صابرا بالأمس ومكابدا للمحن التي تجاوزها بأثمان باهظة. وأشار الرئيس بوتفليقة، في هذا الصدد إلى أن الشعب الجزائري الذي استلهم الدروس واستخلص العبر من الوطنية «ليحول الجزائر إلى بلد آمن بعون من المولى الكريم الذي ألهمنا سياسة السّلم والمصالحة الوطنية التي نراها تتعمّق كل يوم في نفوس المواطنين»، اندفع في جو من الثقة والطمأنينة لإطلاق الورشات الكبرى الاقتصادية والصناعية والفلاحية منها، مؤكدا في نفس السياق تمكن الدولة من تجسيد سلطان القانون في الميدان وتكريس استقلالية القضاء وتطبيق الإصلاحات التي جاء بها الدستور، الذي كرس تحولات عميقة بما يمكن من تحصين الوطن وجعله في أمان ومأمن في الداخل والخارج. وجدد الرئيس بوتفليقة، بالمناسبة دعوته الشعب الجزائري إلى التحلّي باليقظة والحفاظ على المكاسب التي حققتها البلاد وضمان استمراريتها بما يجعل المواطن يعيش حرا في إطار الديمقراطية، موضحا بأن هذه الديمقراطية «تبنى وتبرز الكفاءات والخبرات التي تعود على الوطن بالفلاح والصلاح، وتمكن بناتنا وأبنائنا من أن يفتخروا بما أنجزوه وما حققوه في محيط استطاعوا فيه استرجاع والحفاظ على الأمن والسّلم». كما لفت رئيس الدولة إلى أن استرجاع السّلم جاء بفضل تضحيات الشعب الجزائري ووعيه «وفي المقدمة أفراد الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني وقوات الأمن من درك وشرطة الساهرين على أمن البلاد والعباد»، مجددا بالمناسبة تحية الإكبار والتقدير لجميع ضباط وضباط صف وجنود وعناصر هذه المؤسسات الأمنية الوطنية، وكذا الإنحاء الخاشع أمام أرواح شهداء الواجب الوطني. عيد النّصر تتويج لكفاح مرير ضد الاستعمار الفرنسي وأبرز الرئيس بوتفليقة، في رسالته فضائل عيد النّصر المصادف ل19 مارس من كل سنة، معتبرا هذا اليوم محطة بارزة في تاريخ الجزائر وتتويجا لكفاح مرير ضد استعمار «عانى ويلاته الشعب الجزائري وما يزال يعاني من آثاره إلى يومنا هذا». وبعد أن ذكر بأن هذا اليوم، أنهى فيه الشعب الجزائري حقبة طويلة من الاستعمار، ووقف فيه وقفة عز ومجد وانتصار بعد ثورة صنعها أبناؤه بما وهبهم الله من إرادة وإيمان وما قدموا من تضحيات جسام، وما خلّف كل ذلك من وضعيات مأساوية مست كل أسرة في كافة أنحاء البلاد، أكد رئيس الدولة أنه إذا كان تاريخ وقف إطلاق النار جاء بفضل تضحيات الشهداء والمجاهدين، فقد كان أيضا نتيجة لمفاوضات شاقة قادها وفد الجزائر المكافحة، الذي استطاع أن يحاور المستعمر بعبقرية وكفاءة، ملؤهما الإخلاص والوفاء للوطن، مشيرا في هذا الخصوص إلى أنه على الرغم مما كان لدى الخصم من مراجع ومصادر، فقد استطاع الوفد الجزائري أن يفتك حق الشعب الجزائري كاملا في حريته وسيادته على أرضه «دون أن ينقص منها باع أو ذراع». وخلص الرئيس بوتفليقة إلى أن الشعب الجزائري أعطى بهذه الملحمة التي شملت حربا ومفاوضات الصورة الرائعة لمسيرته العظيمة، مؤكدا بأن الشعب الجزائري سيظل يحيي ذكرى الأيام الخالدات من ثورته المجيدة ويعتبر بمثلها وقيمها ويتسلح بها للمضي قدما نحو الغاية التي يصبو إليها، من العمل والجهد وربح معركة الجهاد الأكبر، المتمثلة في معركة البناء والتشييد، وذلك حتى يصنع الجزائر التي كانت حلم الشهداء ولا تزال تحرك وجدان الجاهدين والمجاهدات البواسل. زيتوني: الجزائر لن تسكت عن الملفات المفتوحة مع فرنسا أكد وزير المجاهدين الطيب زيتوني، في تصريح له بالبيّض، حيث أشرف على الاحتفالات الرسمية المخلّدة لذكرى عيد النّصر أن الجزائر لن تسكت ولن تتخلى عن الملفات المطروحة لدى الجانب الفرنسي، بما فيها قضية استرجاع جماجم الشهداء الجزائريين. وجدد الوزير التأكيد على أن قضية استرجاع رفات ثوار الجزائر لم تتوقف بل هي مجمدة، إلى حين انتهاء الانتخابات الرئاسية الفرنسية «حتى لا يتلاعب بهذا الملف الساسة الفرنسيون»، مذكرا في هذا الخصوص بتشكيل لجان مشتركة تضم الجانب الجزائري والفرنسي لمناقشة ملفات جادة لا تزال عالقة بين الجانبين، على غرار المطالبة بالأرشيف الوطني والتعويضات الخاصة بالجنوب الجزائري، وكذا بالنسبة لملف المفقودين وقضية استرجاع جماجم ثوار المقاومة الوطنية. وشدد زيتوني، على أن الجزائر «لن تنسى ولن تتقاعس في الحصول على مطالبها من الجانب الفرنسي»، موضحا بأن الممثلية الدبلوماسية الجزائريةبفرنسا تتابع هذه الملفات بالتنسيق مع وزارة المجاهدين ووزارة الخارجية. من جانب آخر جدد وزير المجاهدين دعوته الجزائريين إلى المساهمة في كتابة تاريخ الجزائر بأقلام نزيهة والعمل على التعريف بهذا التاريخ ونقله للأجيال. وإذ أبرز العبرة من الاحتفال بيوم 19 مارس الذي يعد محطة من المحطات الهامة في تاريخ الجزائر، أشار الوزير إلى أن تسمية مختلف الهياكل الوطنية والمحلية بأسماء الشهداء والمجاهدين، يندرج في صميم التعريف والاعتراف بتضحيات من ضحوا بأنفسهم من أجل الجزائر. في سياق متصل كشف الوزير خلال استضافته بإذاعة البيّض، أنه تم إلى غاية نوفمبر من العام الماضي جمع 16 ألف ساعة من الشهادات الحيّة والمدققة المتعلقة بالثورة المجيدة، مؤكدا بأن هذه العملية لا زالت مستمرة. كما أشار إلى استعداد الوزارة لإطلاق قناة تلفزيونية تعنى بالتاريخ الجزائري والثورة المجيدة ستحمل تسمية «قناة الذاكرة أو قناة التاريخ»، حيث يتم حاليا حسبه بث برامجها تجريبيا عبر موقع «اليوتيوب» في انتظار تجميع كل الموارد الضرورية لإطلاقها بشكل فعلي. الوزير الذي أشرف بولاية البيّض على تسمية عدد من الهياكل بأسماء الشهداء عل غرار وحدة للحماية المدنية التي أطلق عليها اسم الشهيد بولفعة أمحمد وحي 690 مسكنا بإسم الشهداء الإخوة صلعة، وكذا المكتبة الرئيسية للمركز الجامعي باسم الدكتورة بوخالفة نور الهدى، لم يفوت فرصة الحديث عن أهمية الموعد الانتخابي الذي تقبل عليه الجزائر بمناسبة تشريعيات 4 ماي القادم، دعا الجزائريين إلى المشاركة بقوة في هذه الاستحقاقات والتعبير عن أصواتهم لمن يختارون من مرشحيهم، معتبرا ذلك «واجبا من صميم حب الجزائر والشهداء». نص رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة ذكرى عيد النّصر وجّه رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس (الأحد) رسالة بمناسبة إحياء ذكرى عيد النّصر المصادف ليوم 19 مارس هذا نصها الكامل: «بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إن يوم النّصر يعد محطة بارزة في تاريخ الجزائر وتتويجا لكفاح مرير ضد استعمار عانى ويلاته الشعب الجزائري وما يزال يعاني من آثاره إلى يومنا هذا. إنه يوم أنهى فيه شعبنا البار حقبة طويلة من الاستعمار، ووقف فيه وقفة عزّ ومجد وانتصار، بعد ثورة نوفمبر المجيدة التي صنعها أبناؤه بما وهبهم الله من إرادة وإيمان لا يصدهما عن بلوغ الغاية الحديد ولا النّار، وبما قدموا من تضحيات جسام، ملايين من الشهداء والمعطوبين ومن الأيامى واليتامى، فضلا عن الخراب والدمار، وما خلّف كل ذلك من وضعيات مأساوية مست كل أسرة في كافة أنحاء البلاد. وإذا كان 19 مارس 1962 تاريخ وقف إطلاق النار، جاء بفضل تضحيات الشهداء والمجاهدين، فقد كان أيضا نتيجة مفاوضات شاقة قادها وفد الجزائر المكافحة، الذي استطاع أي يحاور المستعمر بعبقرية وكفاءة ملؤهما الإخلاص والوفاء للوطن، وعلى الرغم مما كان لدى الخصم من مراجع ومصادر فقد استطاع الوفد الجزائري أن يفتك حق شعبنا كاملا في حريته وسيادته على أرضه دون أن ينقص منها باع أو ذراع. وبهذه الملحمة، حربا ومفاوضات، أعطى شعبنا وثورته الخالدة الصورة الرائعة لمسيرته التي نفتخر بها اليوم وغدا، ونحيي ذكرى أيامها الخالدات، ونعتبر بمثلها وقيمها ونتسلّح بها للمضي قدما نحو الغاية التي نصبو إليها، من العمل والجهد وربح معركة الجهاد الأكبر، معركة البناء والتشييد لنصنع الجزائر التي كانت حلم شهدائنا الأمجاد، والتي لا تزال تحرك وجدان مجاهدينا ومجاهداتنا البواسل الذين نزفّ لهم جميعا اليوم تحيّة التقدير والإكبار. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، لقد سمحت لي وقفتنا على عيد النّصر في السنة الفارطة أن أناشدكم إلى التمعن في صنّاع استقلالنا وحرية بلادنا لكي نرتقي إلى مستواهم في السهر على بناء الجزائر وتقدمها. ويمكنني اليوم أن أسجل بارتياح استجابتكم لنداء وطننا هذا. بالفعل إن الخيارات الاستراتيجية في تفعيل وتحسين الاقتصاد الوطني وفق السبيل الذي تنتهجه البلاد مواكبة للوضع الراهن الذي يمر به الاقتصاد العالمي، وتحقيقا للتنمية الشاملة في كافة الميادين هو خيار يأخذ حقا في الحسبان الوضعية الحقيقية للإمكانيات المتاحة للوطن، ويأخذ في الحسبان كذلك كل الحقائق للعالم الذي نعيش فيه، عالم يشهد توترات وتغيرات اقليمية ودولية، وتجري فيه تحولات متسارعة تتطلب المواكبة بالحكمة والحنكة التي يجب أن لا تكون منحصرة عند النخبة، وإنما يجب أن يكون متشبّعا بها وواعيا لها مجتمعنا برمّته. إن شعبنا ظل حاملا لرسالة الوفاء والإخلاص للوطن ومدافعا عنها وظل صابرا بالأمس، ومكابدا للمحن وتجاوزها بأثمان باهظة، شعبنا الذي استلهم الدروس واستخلص العبر من المأساة الوطنية ليحول الجزائر إلى بلد آمن بعون من المولى الكريم الذي ألهمنا سياسة السّلم والمصالحة الوطنية التي نراها تتعمق كل يوم في نفوس المواطنين فاندفعوا في جو من الثقة والطمأنينة، يطلقون الورشات الكبرى الاقتصادية والصناعية والفلاحية منها. في نفس المنوال، فقد تمكنت الدولة من تجسيد سلطان القانون في الميدان واستقلالية القضاء وتطبيق الإصلاحات التي جاء بها الدستور الذي كرس تحولات عميقة بما يمكن من تحصين الوطن وجعله في أمان ومأمن في الداخل والخارج. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، علينا اليوم أن نتحلى باليقظة لنستغل نتائج الإصلاحات ونحافظ على المكاسب ونضمن استمراريتها بما يجعل المواطن يعيش حرا في إطار الديمقراطية التي تبني وتبرز الكفاءات والخبرات التي تعود على الوطن بالفلاح والصلاح، وتمكن بناتنا وأبناءنا من أن يفتخروا بما أنجزوه وما حققوه، في محيط استطاعوا فيه استرجاع والحفاظ على الأمن والسلم، بفضل تضحيات شعبهم ووعيه، وفي المقدمة أفراد الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني وقوات الأمن من درك وشرطة الساهرين على أمن البلاد والعباد، وإنها لمناسبة نجدد لهم فيها جميعا ضباطا وضباط صف وجنودا وعناصر تحيّة إكبار وتقدير، وإنحاء خاشع على شهداء الواجب الوطني. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، أريد في الختام أن أعيد على مسامعكم ما قلته لكم من قبل في إحدى المناسبات عام 2009، «إن الواجب اليوم يحتّم علينا أن نتجاوز توصيف الأحداث وتصنيفها في التاريخ، كما لو كانت حالا باهتة بلا أبعاد، أو أحداثا لا تستند إلى علل وأسباب». وبهذه المناسبة التي نقف فيها على مجد ثورة نوفمبر المظفّرة، وانتصارها على الاستعمار الغاشم، أدعوكم مرة أخرى أن تكونوا صنّاع الأحداث والانتصارات مثل آبائكم وأسلافكم، صنّاع جزائر قوية اقتصاديا، وصلبة أمنيا، شامخة في محفل الدول، جزائر تسير بثبات في مقدمة الدول الناشئة، جزائر تضمن العزّة والكرامة والرخاء لأبنائها اليوم وغدا. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. تحيا الجزائر. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».