دعا الوزير الأول عبد المالك سلال أمس، الجزائريين من المدية إلى لعب دور فعّال في مسار التحول الاقتصادي الذي تمر به البلاد، مبرزا أهمية الفرصة المتاحة أمامهم يوم 4 ماي القادم لاختيار بكل حرية من يرون فيهم الكفاءة والقدرة على تسيير شؤون البلاد. وإذ طمأن سلال بخصوص الوضع الاقتصادي في الجزائر بالرغم من الوضعية الصعبة التي تسببت فيها أزمة تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، ناشد الجزائريين عدم الاستماع إلى من أسماهم بدعاة التشاؤم والنميمة الذين يخرجون في كل مرة بخطابات التهويل التي تزعم بأن الجزائر ستنفجر، قبل أن يجزم بأن الجزائر لن تنفجر لأنها تملك رئيسا يمتاز بحكمة كبيرة في التسيير. وأشار سلال في رده على انشغالات ممثلي المجتمع المدني للمدية، إلى أنه بالرغم من الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي تعيشه الجزائر منذ 3 سنوات، بفعل التراجع الكبير لمداخيلها ولمستوى موارد الجباية البترولية، ورغم أن أسعار النفط لا يتوقع أن ترتفع بنسبة كبيرة وتتجاوز معدل ال55 دولارا، إلا أنها تمتاز بسياسة محكمة بفضل ما قرره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من سياسة رشيدة في السنوات الماضية. وخاطب سلال مواطني المدية بصراحة تامة، عندما أكد بأن الدولة لم تعد لها الموارد الكثيرة التي تمكنها من تغطية مزيد من الحاجيات في البنى الأساسية، معتبرا ما تم إنجازه في السنوات الأخيرة رصيدا قويا، يساهم بشكل كبير في دعم جهود مواصلة التنمية، والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن. ضرورة تغيير الذهنيات في سياق، لفت الوزير الأول إلى أن الشباب الجزائري اليوم يختلف عن مثيله في الماضي، بما يمتاز به من متطلبات جديدة ينبغي على الدولة توفيرها له، مؤكدا بأن المبدأ الأساسي الذي ينبغي أن يشترك الجميع في تحقيقه اليوم، يتعلق بضرورة تغيير الذهنيات على جميع المستويات، بداية حسبه من التقليل من مستوى المطالب، وترجيح الأوليات الأساسيات عن الأولويات التي يمكن تأجيلها إلى مرحلة أفضل. في هذا الخصوص، ذكر رئيس الجهاز التنفيذي، بما أثاره البعض في الفترة الأخيرة من ضجة، حول قانون التقاعد الجديد، لافتا مرة أخرى إلى أن ما أقرته الحكومة في هذا المجال، يعتبر في الحقيقة، مواكبة واقع صعب أصبح يعاني منه الصندوق الوطني للتقاعد، والذي ستضطر الحكومة حسب الوزير الأول إلى دعمه لسنتين متتاليتين، بموارد إضافية من صناديق الضمان الأخرى لتغطية حاجيات من موارد تصب في معاشات ومنح المتقاعدين. القطاع الخاص مطالب بتحمل مسؤوليته كاملة الوزير الأول جدد في سياق متصل التأكيد على ضرورة أن يتحمل القطاع الاقتصادي الخاص، وكذا المواطن مسؤوليتهم كاملة، لدعم التحول الاقتصادي للبلاد، من أجل الوصول إلى هدف مشترك هو تحقيق الثروة، وتوزيع هذه الثروة بعدالة ووفق مبدأ تكافؤ الفرص، مع الاستمرار في الدفاع عن الفئات المحرومة وإنجاز البرامج الاجتماعية الضرورية كالصحة والسكن والتربية وكل المشاريع الأساسية، داعيا إلى التخلي عن المشاريع التي ليست الجزائر بحاجة ماسة إليها، على الأقل حاليا في ظل الوضع الحالي على غرار مشاريع «الترامواي» التي قال «بأننا لا نحتاجها». في نفس الصدد، أوضح سلال بأن السياسة التي تنتهجها الدولة اليوم هي سياسة تشجيع الاستثمار، مع القضاء على البيروقراطية والعراقيل التي تعترض المستثمرين، معتبرا بأن «الأهم بالنسبة للجزائر هو أن تتقدم ولا تعيش مثل المشككين الذين يطلون علينا كل 6 أشهر بخطابات التهويل، قائلين بأن الجزائر ستنفجر». في رد على هؤلاء المشككين، أكد الوزير الأول بأن «الجزائر لن تنفجر لأن من يسيرها رئيس يتميز بالحكمة الكبيرة»، وأضاف في نفس الوقت أن البلاد تعيش اليوم فرصة تاريخية لتغيير النمط الاقتصادي، الذي تم ضبط نموذجه، ويهدف في البداية إلى بناء اقتصاد ناشئ في 2020. كما اعتبر أن تحقيق هذا الهدف، ليس صعبا على الجزائر التي تملك كل الإمكانيات لذلك «فقط علينا أن نغيّر الذهنيات ونقلص من الحقد والنميمة، لاسيما ونحن نعيش في محيط متذبذب». ولم يفوت الوزير الأول الفرصة، لدعوة المواطنين إلى الذهاب بقوة يوم الخميس القادم من أجل اختيار بكل حرية من يرونهم قادرين على تسيير أمور البلاد، مبرزا أهمية الاستلهام من جيل الثورة الذي تحدى كل الصعاب، وتجنب المتاهات التي يسعى البعض إلى إقحام الجزائر فيها، على غرار الصراعات الطائفية الحاصلة في بعض الدول العربية والتي ترفض الجزائر حسبه الدخول فيها، «خاصة بعد أن حققت المصالحة الوطنية». وجدد سلال التأكيد على أن الجزائر تنتهج سياسة ترشيد الانفاق وليس التقشف، مؤكدا بأن هدفها الأساسي هو الحفاظ على النموذج الاقتصادي الجزائري المبني على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، خاصة بعد أن عملت الدولة على فك القيود وتحرير الطاقات التي يمكنها تطوير الاقتصاد وتقوية التنمية. وكان ممثلو المجتمع المدني لولاية المدية المتدخلين خلال اللقاء قد أعربوا عن تجندهم التام لإنجاح التشريعيات القادمة عبر المشاركة والتحسيس بأهمية المشاركة القوية لمختلف فئات المواطنين، مؤكدين أهمية موعد الخميس القادم في تحديد مستقبل البلاد ودعم استقرارها ونمائها.