شكلت أزمة مياه الشرب بعاصمة الهضاب العليا سطيف، أبرز الأولويات التي تضمنتها أجندة المسؤولين، عقب الوضعية الحادة التي شهدتها معظم المناطق، مما أثر سلبا على الأنماط المعيشية للمواطنين، لاسيما بالنسبة لسكان المناطق الريفية والفلاحين الذين يعدون أكبر المتضررين منها، وأرجعها القائمون على القطاع إلى انخفاض منسوب مياه الآبار والسدود الممونة لسكان الولاية. تعد ولاية سطيف من بين الولايات التي شهدت أزمة عطش كبيرة مست جميع مناطقها، بعد موسم الجفاف الذي ضرب المنطقة وكان سببا في انخفاض منسوب المياه الجوفية وسد عين زادة الذي يعتبر الممون الرئيسي لأكبر المدن، على غرار بوقاعة، عين أرنات، سطيفوالعلمة، مع تسجيل انخفاض جزئي ل18 نقبا ممونا لبلديات سطيف، العلمة، عين ولمان، صالح باي، عين الكبيرة، بوعنداس وقنزات، بالإضافة إلى تسجيل انخفاض في حقل تجميع المياه على مستوى الوادي البارد الذي يعتبر المورد الثاني الممون لبلديات تيزي نبشار، الوادي البارد، عموشة، أوريسيا والجهة الغربية لبلدية سطيف. هذا الوضع دفع المسؤولين إلى الإسراع في سبيل اتخاذ جملة من الإجراءات الاستعجالية لاحتواء الأزمة، على غرار توجيه تعليمات صارمة لمؤسسة «الجزائرية للمياه» لمواجهة المشكلة من خلال ضبط برنامج توزيع على مستوى كل بلدية، حسب المورد المائي والكميات المتوفرة، وموازاة مع ذلك، قام والي الولاية بمراسلة وزارة الموارد المائية بهدف اقتناء مضخة عائمة لدفع المياه على مستوى سد عين زادة، الممون الرئيسي لولايتي سطيف وبرج بوعريريج، من أجل تحسين نوعية المياه وتسهيل عملية المعالجة، ومزج المياه السطحية وتلك المتواجدة في عمق السد، وهي العملية التي سجلت انخفاضا في المعالجة باستعمال المواد الكيماوية بانتقالها من 40 طنا إلى 20 طنا يوميا. كما طلب والي الولاية ناصر معسكري، تزويد مؤسسة «الجزائرية للمياه» (وحدة سطيف) ب06 شاحنات جديدة محملة بالصهاريج، تضاف إليها شاحنتان تابعتان لأحد المقاولين الخواص وشاحنتان من بلدية سطيف، إلى جانب العتاد الذي تتوفر عليه حظيرة المؤسسة بمختلف مراكزها، من أجل التدخل لتغطية النقص المسجل على مستوى الأحياء والمداشر سواء المسيرة من طرف «الجزائرية للمياه» أو من طرف البلديات، بالإضافة إلى تجهيز الأنقاب المنجزة من طرف مديرية الموارد المائية سابقا، قبل التخلي عنها بسبب ضعف منسوبها، كنقب الحاسي ونقب ببلدية صالح باي، إلى جانب تسجيل عملية مستعجلة متعلقة بإنجاز أنقاب جديدة في المدن الكبرى، مع اقتناء مضخات ذات خصائص مختلفة بمبلغ مالي يقارب 5 ملايين دينار، وتوفير المواد الكيماوية اللازمة لمعالجة المياه خلال الفترة الصيفية، وإعادة تجديد محطات الضخ الرئيسية، من بينها سطيف وعين الكبيرة وبوعنداس على عاتق «الجزائرية للمياه»، بمبلغ يفوق 04 ملايين دينار. وبالجهة الجنوبية للولاية التي تعد الأكثر تضررا في مشكلة نقص مياه الشرب، قامت مؤسسة «الجزائرية للمياه»، بالتنسيق مع مديرية الموارد المائية، بوضع حيز التشغيل المشاريع المسجلة في مرحلة تجارب، ستدخل حيز الخدمة في الأيام القليلة القادمة، من بينها أنقاب خرزة يوسف وسكرين والشعبة الحمراء بمنطقة عين أزال، من أجل تموين بلديات الجهة الجنوبية. وقد حضيت ولاية سطيف مؤخرا، بزيارة وزير الموارد المائية، حسين نسيب، حيث وقف على واقع قطاعه ومدى سير الأشغال بمختلف المشاريع التي استفادت منها الولاية، في مقدمتها مشروع التحويلات الكبرى الذي يرتقب استلامه ودخوله حيز الخدمة قبل نهاية سنة 2018، بعد تجاوز جميع العقبات التقنية التي كانت سببا في تأخر الأشغال به وشهد تأجيلات عديدة. هذا المشروع الضخم سيحل حسب الوزير مشكلة المياه بمعظم مناطق الولاية، حيث سيمكن من تحويل أزيد من 300 مليون متر مكعب من مياه الشرب من ولايتي جيجل وبجاية إلى سطيف، وهي الكمية التي تغطي احتياجات أكثر من 1.5 مليون نسمة، بالإضافة إلى سقي أزيد من 40 ألف هكتار من المساحات الفلاحية.