بلغ عدد القتلى في الكونغو الديمقراطية دون احتساب الأزمة الأخيرة نحو أربعة ملايين قتيل، أغلبهم ماتوا من الجوع والمرض، وتقدر لجنة الإنقاذ الدولية التي أعدت تقريرا صدر بداية الشهر الجاري أن "عدد القتلى في حرب الكونغو هو حتى الآن أكبر من عدد الذين قتلوا في البوسنة ورواندا وكوسوفو ودارفور"! ويعتقد أن الثروات الطبيعية المعدنية الموجودة التي تتوفر عليها هذه المستعمرة البلجيكية سابقا، خاصة في شرق البلاد كالنحاس والكوبالت والذهب والألماس، هي التي أشعلت الصراع في المنطقة، وهو الصراع الذي شاركت فيه سنة 2003 ستة جيوش أجنبية لدول مجاورة، ووصف آنذاك بأنه يحمل بوادر انطلاق أول حرب عالمية من إفريقيا. الآن، تجري حرب إبادة في هذه المنطقة أمام مرأى ومسمع العالم كل العالم، ولا يكفي أن تدق المنظمات الإنسانية ناقوس الخطر حول إبادة الجنس البشري في هذه الدولة، كما لايكفي أن يتواجد أكبر عدد من قوات حفظ السلام المنتشرة في هذه المنطقة، طالما أن السياسة الدولية تشجع الأقليات على التمرد على الدول الأم وتكفل لهم كل وسائل الانفصال والانشقاق عنها باسم اختلاف الدين أو العرق أو اللغة أو حتى اللون ... لكل منطقة خصوصيتها حتى داخل الدولة الواحدة، ومن حق الأقلية أن تتمتع بحقوقها مثل الأغلبية، حتى لا تتحول مسألة حماية الأقليات "المضطهدة" والدفاع عنها إلى معول في يد الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية تحركه لتقسيم الدول ذات الثروات الطبيعية الكبيرة في استراتيجية إعادة هيمنتها على مناطق النفوذ، وتستغل ذلك في تسطير تفاصيل سياستها الخارجية. في الكونغو، صراع إثني بين قبيلتي "التوتسي" و"الهوتو" وحرب إبادة تحركها مصالح الدول المجاورة واستراتيجيات الدول الكبرى، وعالمنا العربي ليس بعيدا عن هذا، ففي العراق غزو أمريكي وصراعات بين السنة والشيعة وبين العرب والأكراد والتركمان، وفي لبنان تدخل دولي وصراعات طائفية لأكثر من 18 طائفة إثنيه ودينية ومذهبية، والقائمة تطول ...