خرجت الحكومة الإيرانية أمس، عن صمتها محذّرة الإيرانيين من المشاركة فيما أسمته ب«التجمعات غير القانونية» في إشارة إلى المظاهرات التي شهدتها مختلف مدن البلاد، وشارك فيها عشرات آلاف الأشخاص احتجاجا على غلاء المعيشة والمتاعب الاقتصادية التي يعانون منها. وطالب وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فاضلي، المواطنين بعدم المشاركة في هذه المظاهرات «غير القانونية»، مؤكدا أن قوات الأمن عرفت كيف تتعاطى مع المتظاهرين لتفادي أي انزلاق ولكنه لمح بأن ذلك قد لا يستمر في حال عاود المتظاهرون مسيراتهم. ورغم هذا النداء إلا أن التلفزيون الرسمي الإيراني نقل جانبا من هذه المسيرات، وأكد أنه من الضروري الاستماع إلى المطالب المشروعة التي نادى بها المتظاهرون، في نفس الوقت الذي انتقد فيه من أسماهم ب «الأبواق الإعلامية المناهضة للثورة» التي تريد استغلال هذه المظاهرات. وكان التلفزيون الإيراني يشير إلى الانتقادات التي وجهتها الإدارة الأمريكية للسلطات الإيرانية واتهمتها ب«تحويل بلد مزدهر ويحمل إرثا تاريخيا كبيرا إلى دولة مارقة». وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان أصدرته أمس، أن الشعب الإيراني لا يولي أية قيمة ولا مصداقية لتصريحات الانتهازيين من المسؤولين الأمريكيين وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب». وتزامن التحذير الحكومي الإيراني مع خروج آلاف الإيرانيين المؤيدين للسلطات الإيرانية في مظاهرات مضادة رافضة لمظاهرات يومي الخميس والجمعة، ضمن رسالة بأن عامة الشعب الإيراني لا تؤيد تلك المظاهرات. وفي نفس الوقت الذي حذّرت فيه السلطات الإيرانية من تكرار هذه المظاهرات الأولى من نوعها منذ سنة 2009، خرج عشرات آلاف أنصار النظام في كبريات مدن البلاد في مسيرات مؤيدة للرئيس حسن روحاني، ومرشد الجمهورية آية الله علي خامينائي. وشهدت مدينة مشهد ثاني أكبر مدن البلاد بعد العاصمة طهران وعدة مدن إيرانية أخرى نهاية الأسبوع، مظاهرات صاخبة شارك فيها الآلاف احتجاجا على تدني القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة وارتفاع نسبتي التضخم والبطالة وتدهور كل مظاهر الحياة المتأثرة بعقدين من العقوبات الاقتصادية الدولية. وتعد هذه أكبر مسيرات احتجاجية في وجه الرئيس حسن روحاني، منذ انتخابه لعهدة رئاسية ثانية شهر ماي الماضي، والتي وعد خلالها الشعب الإيراني بإخراج البلاد من دوامة الانكماش الاقتصادي الذي تسبب فيه الحصار الاقتصادي الدولي ضد بلاده بسبب برنامجها النووي. وتنفس الإيرانيون الصعداء منذ شهر جويلية 2015 بتوقيع طهران على الاتفاق النووي مع القوى الخمس الكبرى في العالم، بالإضافة الى ألمانيا التزمت بمقتضاه إيران بوقف برنامجها النووي في نفس الوقت الذي تقوم فيه الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، والأمل يراودهم في استعادة الاقتصاد الإيراني عافيته ولكنهم وجدوا أنفسهم في دوامة تراكمات أزمة عمرت لعدة سنوات زادها تعقيدا تراجع أسعار النفط منذ شهر جوان 2014. ورغم تمكن الحكومة الإيرانية من التحكم في نسبة التضخم وإبقائها في حدود 10 بالمائة وتراجع نسبة البطالة الى حدود 12 بالمائة إلا أن ذلك لم يمنع الإيرانيين من الخروج في مظاهرات احتجاجية، والتي وإن كانت سلمية إلا أنها شكلت رسالة قوية باتجاه السلطات الإيرانية على وضع اجتماعي لم يعد يطاق ويتعين إيجاد حلول فورية له. م م