دعا مشاركون في أيام تحسيسية حول التبرع ونقل وزرع الأعضاء البشرية بميلة، إلى تكثيف عمليات التحسيس وتحسين التنظيم والتشاور بين مختلف الأطراف الفاعلة في هذا الميدان، من أجل ترقية وتطوير عمليات النقل والزرع، تلبية للحاجيات الملحة المطروحة في هذا المجال. جاء هذا خلال الأيام التي نظمها فرع ولاية ميلة للنقابة الوطنية للأطباء العامين في الصحة العمومية، بالتنسيق مع الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء والجمعية الوطنية للتبرع بالأعضاء مؤخرا، تناول خلاله كثير من المتدخلين، مختلف الجوانب الطبية والتاريخية والقانونية والدينية المرتبطة بهذا الموضوع الحساس والحيوي، سواء في العالم أو في الجزائر. أشار الدكتور صالح لعور عبد الحميد، رئيس النقابة الوطنية للأطباء العامين العاملين بالصحة العمومية، إلى أن السلطات العمومية بذلت جهودا معتبرة من أجل تحفيز وترقية عمليات نقل وزرع الأعضاء، من خلال توفير الوسائل والاعتمادات المالية ووضع التشريعات القانونية اللازمة، مردفا أن هذه المساعي "لم تحقّق الأهداف المرجوة بعد". أشار إلى أن مثل هذه المعطيات تستدعي بذل مزيد من العمل، قصد تلبية الحاجة المطروحة من قبل المرضى، للاستفادة من عمليات زرع أعضاء سليمة، بما ينهي معاناة الكثير منهم، لاسيما أولئك الذين يعانون من مشقة التصفية الاصطناعية للدم، والذين تتزايد أعدادهم باستمرار، معرجا على أهمية الدور الوقائي والتشخيص المبكر للمرض من أجل تفادي إصابة أعضاء نبيلة في الجسم. من جهته، أوضح الدكتور بودهان، رئيس مصلحة الإنعاش الطبي بالمركز الاستشفائي الجامعي لقسنطينة، أنه إذا كانت عمليات نقل وزرع الأعضاء بين الأحياء شهدت تطورا في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، فإن عمليات نقل وزرع الأعضاء من الموتى إلى الأحياء ما تزال تعاني نقصا كبيرا، نتيجة عوامل كثيرة أبرزها نقص ثقافة زرع الأعضاء والأنسجة البشرية لدى المجتمع الجزائري، رغم فتوى المجلس الإسلامي الأعلى بداية من ثمانينيات القرن الماضي، وكذا اتفاق الدول الإسلامية بالعاصمة الأردنية عمان بشأن "الموت الدماغي" الذي يتيح إنعاشا اصطناعيا ل«الأعضاء النبيلة" لجسم المتوفى، في غضون ساعات معينة، بغية إعادة زرعها في جسم حي بعد الحصول على الموافقة من أهل المتوفى. من جانبه، ذكر الأستاذ جلول حجيمي، الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، أنه باعتبار الشريعة الإسلامية مسايرة للعصور، فإنها تراعي في هذا المجال بالخصوص "مصلحة الشخص الحي" من باب أنه "أينما كانت المصلحة فثمة شرع الله" مستطردا أنّ زرع الكلى أضحى "أمرا مفروغا منه وينبغي أن نحث الناس عليه" فيما "يمنع الزرع كلية" في المسائل المرتبطة بالجهاز التناسلي، لأنها مرتبطة بالأرحام، كما قال. تتوفر الجزائر حاليا على 14 مؤسسة استشفائية معتمدة في زرع الأعضاء، حسبما أفادت به من جهتها الدكتورة راضية كرايبة، من الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء، التي تناولت في مداخلة لها موضوع "مستجدات التكفل بالمرضى المنتظرين للزرع في الجزائر". خلال أشغال هذا اللقاء الطبي، تم التطرق لعدة مواضيع تتعلق على وجه الخصوص بنقص التحسيس والإعلام في مجال الزرع، علاوة على شرح الجانب القانوني لعمليات زرع الأعضاء في الجزائر والمنظم بالقانون 85/05 ومختلف تعديلاته، الذي يتضمن العديد من الإجراءات التفصيلية المنظمة التي تعمل على حفظ حقوق المرضى والمتبرعين، كما تعاقب بأحكام مشددة عمليات المضاربة والمتاجرة بالأعضاء البشرية. تم التطرق أيضا إلى الدور الذي تلعبه الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء التي تأسست سنة 2012، وأصبحت عملية خلال عام 2015 في مجال الإشراف والتنظيم في هذا المجال، على اعتبار أنها تقوم بمهام التنسيق بين مختلف المؤسسات الاستشفائية الجامعية، التي تعنى بزرع الأعضاء وتسهيل عملية استفادة المرضى من عمليات الزرع في كل أنحاء الوطن، والحرص على تطبيق القوانين السائدة في هذا الميدان. ❊ق.م