يعيش المسرح الجهوي عبد القادر علولة نشاطا غير معتاد منذ تنصيب المدير الجديد مراد سنوسي مديرا له، إذ أعطى للمسرح نفسا جيدا من خلال احتضان عدة برامج مسرحية وثقافية ونشاطات لصالح الأطفال والجمعيات؛ ما كسر الجمود الذي طالما أحاط بالمسرح في وهران. وحول هذه الحركة والبرامج والآفاق المستقبلية للمسرح الجهوي عبد القادر علولة، أجاب مديره في هذا الحوار جريدة "المساء". ❊ يؤكد المتتبعون للشأن الثقافي أن المسرح الجهوي لوهران يعيش طفرة ونشاطا مسبوقا منذ تعيينكم مديرا له، كيف تفسرون ذلك؟ ❊❊ أولا وصولي إلى إدارة المسرح جاء من منطلق أني ابن المسرح، ومسير ومسؤول سابق لعدة مؤسسات عمومية؛ ما مكنني من اكتساب تجربة هامة في التسيير إلى جانب الممارسة المسرحية. كما أن الذين سبقوني تركوا المسرح في وضعية جيدة بعمال متكونين في مجالات التخصصات بالمسرح. ولم أجد ديونا على عاتق المسرح؛ ما سمح لي بالانطلاقة على أسس جيدة. تجربي بالإذاعة والتلفزيون طيلة 15 سنة سمحت لي باكتساب خبرة هامة إلى جانب تجربتي في التعاونية المسرحية، التي قدمت عددا من الأعمال على غرار مسرحية "متزوج في عطلة"، والتي طافت الجزائر لمدة 10 سنوات، وكل هذه التجربة جُمعت لتقدَّم في شكل تصور وبرنامج خاص مختلف عن باقي التصورات السابقة لإدارة المسرح مع تبنّي مبدأ الانفتاح الكلي على جميع الفاعلين في الحقل الثقافي. كما قمت بشرح مخطط عملي وتصوري لإدارة المسرح أمام جميع المتعاونين بالمسرح والمبني على شعار "النوعية والاحترافية". وأكدت أن مسرح وهران ليس كأي مسرح، ومدينة وهران ليست كأي مدينة بعراقتها وموقعها والتحديات المفروضة عليها كمدينة متوسطية، والعاصمة الثانية للبلاد. وقد لقيت استجابة واسعة من طرف العمال وكل المتدخلين بالمسرح؛ ما سمح بتطبيق التصور إلى درجة أننا نسمع اليوم، بفضل التعاون، البعض يقولون لنا بأن المسرح "يسير بسرعة". ❊ توجهت منذ تعيينك نحو احتضان فعاليات ثقافية هامة على غرار المقهى الأدبي، وعدة نشاطات لم تكن تقام فيه سابقا، إلام يسعى مراد سنوسي من وراء كل هذا النشاط؟ ❊❊ هدفنا أن نحوّل المسرح الجهوي لوهران إلى قطب ثقافي، حيث إن أهم النشاطات بالولاية تقام اليوم بالمسرح بعد أن كانت تحتضنها بعض المؤسسات غير العمومية. وقد استطعنا استرجاع المبادرة الثقافية. كما أن خطة العمل تقضي بتنويع النشاطات الثقافية والتي تلبي كامل أذواق الجمهور بين المسرح والأدب والأعمال الفنية والموسيقى بمختلف الطبوع بما فيها العالمية، إلى جانب فتح الأبواب للجمعيات والناشطين؛ ما فتح المجال أمام الجمهور، وحرك النشاط بالمسرح مع رفع المستوى في مجال الاستقبال والبرمجة والالتزام باحترام الوقت. ❊ يعتمد المسرح الجهوي اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي وموقع يوتوب؛ ما سمح بالترويج للنشاطات، كيف تسيرون كل هذا؟ ❊❊ تجربتي علمتني أن الانفتاح على الآخر لا يمكن أن يتم بدون الانفتاح على استخدام كل وسائط التواصل ووسائل الإعلام والاتصال، وهو ما ذهبنا إليه من خلال إنشاء صفحة رسمية على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، وفتح قناة خاصة على اليوتوب بإدارة مختصين شباب، يتابعها اليوم آلاف المشاهدين. وقد مكن الانفتاح من تقريب الجمهور والمثقفين من المسرح الجهوي. كما أن قناة يوتوب فتحت لنا المجال نحو الخارج، والتعريف بعدة مواهب ومثقفين جزائريين مقيمين بالخارج، والذين يتواصلون مع إدارة المسرح ويقدّمون مقترحات وأعمالا، كان آخرها طلب كاتب مسرحي معروف يدعى محمد النعيمي، والذي يعيش بدولة الصين، من أجل إيداع نص مسرحي، وهو ما يدفعنا إلى المزيد من العمل. ❊ وماذا عن المقهى الأدبي؟ ❊❊ المقهى الأدبي جاء تكملة للنظرة الشاملة لبعث المسرح الجهوي من خلال مشاركتنا في النقاش الفكري باحتضان أسماء لامعة ومعروفة وطنيا ودوليا، على غرار الكاتب دونيز مارتيناز، أمين الزاوي، ربيعة جلطي، ليلى عسلاوي وغيرهم من الأسماء الكبيرة. كما نهدف من وراء احتضان هذه الأسماء الكبيرة إلى إدراج كتّاب شباب ضمن المقهى الأدبي للاحتكاك والتعريف بهم للجمهور، على غرار الكاتب رياض حذير الذي سيكون ضيف المقهى خلال شهر أفريل المقبل، وهو كاتب من وهران حاز على جائزة رئيس الجمهورية محمد ديب. ❊ تبرّع المسرح بمكتبة لصالح مستشفى الأطفال من خلال استبدال شراء تذاكر العروض بالتبرع بالكتب لصالح المكتبة، كيف جاءتكم الفكرة؟ ❊❊ أؤمن بأن المسرح يجب أن يكون ك "مؤسسة مواطنة" تعمل لصالح المواطن في جميع المجالات، وجاءت الفكرة من خلال مبدأ "مسرح، كتاب وتضامن"، وبإشراك الأطفال أنفسهم والعائلات في العملية بدل انتظار هبة من شخص. وتهدف العملية إلى الكشف عن هذه الفئة من المجتمع الموجودة بالمستشفى. كما أن إنشاء المكتبة أدى اليوم إلى قيام الأطفال والعائلات بإيداع الكتب مباشرة بالمكتبة، والتنقل إلى غاية المستشفى، ومنه الاحتكاك بالأطفال المرضى، وهي مبادرة إنسانية نأمل أن تعمَّم على باقي المؤسسات التي لها دور في المجتمع. كما أن دورنا التضامني يبقى قائما؛ حيث سيتم خلال شهر أفريل المقبل بالتعاون مع جمعية محلية، تكريم 400 طفل يتيم من المتفوقين في الدراسة. كما قمنا باحتضان عروض مسرحية لجمعيات خيرية وُجهت مداخليها لشراء الحقيبة المدرسية للمعوزين خلال الدخول المدرسي الماضي، وهو ما نعمل على دعمه وفتح الأبواب لمثل هذه المبادرات التضامنية. ❊ بعيدا عن التسيير، ماذا عن مراد سنوسي الكاتب المسرحي؟ لم أتوقف عن الكتابة. وقد عُرضت لي مؤخرا مسرحيتي الجديدة "عدة زين الهدة" التي احتضنها المسرح الجهوي عبد القادر علولة، وتقوم بجولة عبر الوطن، فيما أنهيت كتابة نص مسرحي آخر بعنوان "أنا راجل نعرف اختي"، ستقوم تعاونية مسرحية من ولاية باتنة، بتركيبها لتقديمها أمام جمهور العاصمة بعد شهرين، فيما لا توجد حاليا أي فكرة لنص جديد. وتركيزي الأساس حاليا على المسرح لإرجاعه إلى مستواه. ❊حاوره: رضوان قلوش