اعتبر السيد نيكولا ايمبودان مدير مركز الدراسات والأبحاث "إدياس" بجنيف، أن انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة يسمح لها بالدفاع عن مصالحها الاقتصادية، بشكل أفضل من تواجدها خارج المنظمة، مشيرا إلى أن كل تأخر في الانضمام يعرضها للخضوع لمزيد من الشروط والقواعد المملاة من قبل الأعضاء الجدد المنخرطين في هذه المؤسسة العالمية. ووضع السيد ايمبودان في بداية محاضرة ألقاها بفندق "هيلتون" بالعاصمة حول تحديات وفرص انضمام الدول النامية إلى المنظمة العالمية للتجارة، وذلك في إطار سلسلة لقاءات "قواسم مشتركة" التي ينظمها المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة، خطوطا فاصلة بين مفهوم العولمة والمنظمة العالمية للتجارة، مشيرا إلى أن الاختلاف بارز بين المعنيين على اعتبار أن العولمة هي حتمية مفروضة على كل الدول وحركية يعيشها الإنسان في بيئته المتغيرة وفق ما تمليه هذه الحتمية التي تنزع للسيادة الوطنية سلطتها، "في حين تعمل المنظمة العالمية للتجارة على ضبط المحيط الذي تؤثر فيه العولمة من خلال قواعد متفق عليها بين عدة أطراف، ويهدف بشكل أساسي إلى حماية الضعيف من السيطرة المطلقة للقوي". وأوضح الخبير السويسري أن القواعد الموضوعة من قبل المنظمة العالمية للتجارة، لتنظيم التبادلات التجارية، قابلة للتفاوض وللتغيير، وهو ما يتيح بالتالي للدول النامية إمكانية الضغط من أجل تعديلها وتغييرها، معترفا في سياق متصل بأن الدول المتقدمة ظلت دوما تتحكم في قواعد تنظيم التجارة الخارجية، ولا سيما في إطار مفاوضات الدوحة حول تنظيم المبادلات مع الدول النامية من أجل التنمية، في حين أن الأمور الآن تغيرت على حد تأكيده بفعل تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الدول المتقدمة، التي توجد في وضعية هشة للتفاوض، لا سيما وأن من أسباب هذه الأزمة، ترك السوق العالمية بدون ضوابط تحتكم إليها. واستعرض السيد امبودلان المبادئ العامة التي تضعها المنظمة العالمية للتجارة لتنظيم العلاقات التجارية العالمية، قائلا في هذا الصدد بأن المنظمة لا تعتبر التجارة هدفا وإنما وسيلة من أجل تحقيق التنمية المستدامة، ولذلك فهي لا تملي قواعدها على الدول وإنما تحدد مبادئ العامة التي يمكن لكل دولة مطابقة سياساتها الوطنية وفقها. كما أكد أن لكل بلد عضو في المنظمة الحق في عدم إتباع قواعدها، إذا كانت هذه الأخيرة تمس بمصلحته وسيادته الوطنية، مشيرا إلى انه عكس منظمة الأممالمتحدة فإن المنظمة العالمية للتجارة تطبق إجراءات ردعية على الدول المخالفة للقواعد، مهما كانت طبيعة وقوة هذه الدول، مما يجعلها حسبه أحسن إطار للدفاع عن حقوق الدول الضعيفة، ليخلص في الأخير إلى أن تواجد الجزائر داخل المنظمة أفضل من تواجدها خارجها، لأنها داخل المنظمة يمكنها تكييف إصلاحاتها الاقتصادية وفق توجهات السوق العالمية، كما يمكنها الضغط على تغيير منظومة القواعد التي تسير التجارة العالمية، ولا سيما من خلال التضامن مع غيرها من البلدان التي تتطلع على هذا التغيير.