يبدو أن القرار المتخذ من طرف الحكومة والقاضي بمنع استيراد الأدوية المصنعة محليا قد بدأ يعطي ثماره على أكثر من مستوى، خاصة ما يتعلق بالفاتورة الوطنية للأدوية، حيث تمكنت الجزائر وبتأكيد من المسؤول الأول على قطاع الصحة من توفير ما قدره 200 مليون اورو وذلك منذ بداية تطبيق القرار في الميدان في جانفي 2009. واعتبر الأمين العام للاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة اقتناع أزيد من 80 بالمائة من المستوردين بفكرة ضرورة الشروع في الإنتاج محليا خطوة كبيرة نحو تحقيق الأهداف المسطرة. وأدى القرار الذي ألزم المستوردين على التحول إلى منتجين بفتح وحدات إنتاج في الجزائر والشروع في الإنتاج محليا إلى اقتناع العديد منهم وعلى رأسهم مخابر عالمية كبرى بفكرة ضرورة الشروع في الإنتاج محليا (أي في الجزائر) بعد أن أبدى البعض منها تحفظا وترددا في اتخاذ قرارها خلال الفترة الأولى التي سبقت الإعلان عن القرار. من بين هذه المخابر "نوفونورديسك" الدانمركي الرائد في إنتاج الأنسولين، الذي من المتوقع أن يشرع مصنعه الكائن بمدينة تيزي وزو في إنتاج أقراص الأنسولين قريبا. بالإضافة إلى مصانع عديدة ستدخل مرحلة الإنتاج منها المقامة بشراكة جزائرية سعودية وأخرى أردنية جزائرية آخرها كان اتفاق الشراكة بين مجمع صيدال وشركة كوبية القاضي بإنتاج لقاح مضاد لفيروس الالتهاب الكبدي من صنف "ب". وفي هذا الشأن تمنح وزارة الصحة الأولوية لتوسيع وتنويع مجموع الأدوية المنتجة في المصانع والوحدات الموجودة على إنشاء المصانع الجديدة. الوزارة تحقق في اختفاء بعض الأدوية من الصيدليات وعن حال سوق الأدوية بعد شهر من دخول القرار الحكومي رسميا حيز التنفيذ سجلت "المساء" لدى العديد من الصيدليات بالعاصمة انطباعا واحدا هو أن لا شيء مميز ظهر لحد الآن منذ بداية تطبيق قرار ال21 أكتوبر الماضي رغم النقص المسجل من حين لآخر في بعض الأدوية الذي لا يعتبره الصيادلة أمرا جديدا بل اعتادوا عليه منذ سنوات كما حدث للأنسولين مؤخرا حيث اختفى من الصيدليات لمدة فاقت الأسبوعين في حين تسجل حاليا العديد من الصيدليات عبر العاصمة اختفاء بعض أنواع الأدوية ويتعلق الأمر بجميع أنواع ''الكورتيويدات'' التي لم تتضمنها القائمة الممنوعة من الاستيراد، وهي بخاخات مضادة لآلام الحنجرة ومعالجة التهاب القصبات الهوائية على غرار كولي إكستريل وجيفالكس وإيكزاسبراي وكذا إيلودريل، بالإضافة إلى محلول حمام الفم إكستريل والودون وجيتريل وجيفالكس وإيلودريل. والأخطر في هذا وحسب بعض الصيادلة هو غياب البديل لهذه الأدوية إذ لا يجد الصيدلي ما يعطيه للمريض بدل الدواء المفقود. كما سجل نقص في 13 حقنة، من بينها سيليستانديبروستانوكذا لينكوسين أوباركورت .40 أما فيما يخص المراهم فالأمر يتعلق مثلا بنورماكول لاف وأيضا ديفيرين بي دي أم. وتقول مصادر مطلعة أن وزارة الصحة تحقق في أمر اختفاء هذه الأدوية التي لم تسجل في أي فترة من الفترات نقصا مما يدخل الشك أن هذا النقص ناتج "بفعل فاعل" ترجح نفس المصادر على انه محاولة من بعض الجهات لعرقلة التنفيذ الأحسن للقرار الحكومي الخاص بمنع الأدوية المصنعة محليا. أزيد من 80 ? من المستوردين التزموا بالإنتاج محليا نفس التفاؤل لمسناه لدى الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة حيث أكد أمينه العام السيد نبيل ملاح في اتصال مع "المساء" أن خطوة هامة تم قطعها منذ اتخاذ الحكومة لقرار منع استيراد ما ينتج وما يمكن إنتاجه محليا من أدوية حيث أن أزيد من 80 بالمائة من مستوردي الأدوية والمنتوجات الصيدلانية بصدد إجراء مفاوضات واتصالات للشروع في الإنتاج محليا بعد أن أصبحت منتوجاتهم المستوردة ممنوعة من الدخول إلى الجزائر. علما أن مصادر موثوقة أكدت أن كميات هائلة من الأدوية الممنوعة من الاستيراد والتي تضمنتها القائمة المحددة من طرف الحكومة ستدخل قريبا ميناء الجزائر يحاول مستوردوها إدخالها بحجة أنها طلبيات تعود إلى فترة سابقة للقرار الحكومي. وحسب نفس المصادر فإن وزارة الصحة تكون قد سمحت بجمركة ودخول الأدوية التي تصل إلى الميناء إلى غاية منتصف الشهر الجاري (أي اليوم) كونها كانت محل طلب وبطرق قانونية قبل صدور قرار ال21 أكتوبر الماضي. واستحسن المتحدث من جهة أخرى تفاعل وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مع انشغالات المتعاملين بعد سنوات مضت اتسمت بعدم الاهتمام والجفاء. واعتبر نبيل ملاح تقييم السوق من حيث وفرة الأدوية بعد شهر من دخول القرار حيز التنفيذ سابق لأوانه خاصة وأن السوق يبقى مؤمنا بمخزون الأشهر الثلاثة الأولى من السنة وهو المخزون المفروض ضمانه من قبل المنتجين موضحا أن النتائج الحقيقة للقرار لن تظهر ولا يمكن انتظارها قبل سنة 2010. وتساءل الأمين العام للاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة مجددا عن من المسؤول عن دواء ينتجه عدد من المنتجين في نفس الوقت موضحا أن هذا الإشكال البالغ الأهمية تم طرحه مرارا على وزارة الصحة إلا أن الاستجابة لم تأت إلا مؤخرا حيث وعدت بدراسة الأمر مع المعنيين والتكفل بالموضوع بصفة نهائية. وجاء قرار منع الاستيراد من قناعة أن الجزائر تتوفر على الإمكانيات المادية اللازمة والموارد البشرية الكفأة التي تسمح لها بإنتاج العديد من الأدوية للرفع من معدل هذا الإنتاج الذي لا يتجاوز 34 بالمائة من حاجيات السوق الوطنية حاليا وفي الوقت الذي قدر فيه المتعاملون في الصيدلة الفاتورة الوطنية للأدوية بملياري اورو سنويا. بالإضافة إلى أن الدولة فتحت أبوابها واسعة أمام من يرغب في الاستثمار في هذا القطاع الحيوي وعلى الخصوص في انتاج الأدوية الجنيسة. وكان مدير الصيدلة بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات قد أكد في لقاء سابق ل"المساء" أن قرار الحكومة الأخير سيسمح للجزائر خلال الأربع سنوات القادمة أي في غضون سنتي 2012 و2013 بتغطية الاحتياجات الوطنية من المنتوجات الصيدلانية بنسبة 65 بالمائة وب50 بالمائة على الأقل من الأدوية الأساسية الأمر الذي سيخفض من الفاتورة الوطنية للأدوية بأكثر من النصف. علما أن الإنتاج الوطني الحالي من الأدوية لا يغطي سوى 34 بالمائة و ب15 بالمائة من الأدوية الأساسية هذه الأخيرة المرتفعة الأسعار والتي ساهمت بنسبة كبيرة في تضخم الفاتورة الوطنية للأدوية.