يقوم السفير الفرنسي بالجزائر السيد كزافيي دريانكورت، زوال اليوم بمكتبة "العالم الثالث" بشارع العربي بن مهيدي، بعملية بيع بالإهداء لكتابه "أربعة ظلال من فرنسا، أربع مشاعر من الجزائر"، وهو عمل مشترك مع الصحفي رشيد رحاب وكريم بوحسون وناصر سفير. يجتمع هؤلاء الأربعة ليعبّروا عن نظرتهم الشخصية عن الجزائروفرنسا، ويطرحوا أسئلة جوهرية. والكتاب ثمرة لقاء حار وغير وارد بين أربعة رجال ذوي مسار متميز. كتاب مبتكر لأنه حوار بين أربعة أصوات ليس من عادتها أن تتحاور مع بعضها البعض؛ ديبلوماسي، رشيد أرحاب صحفي ذائع الصيت، كريم حسون شاب فرانكو جزائري ينحدر من الضواحي الفرنسية وناصر صفر جزائري كان يعيش بدون وثائق في فرنسا. في هذا الصدد، قال السفير كزافييه دريانكورت إنّ "هناك مئات المسؤولين السامين مثلي، ومئات الآلاف، بل الملايين، من مزدوجي الجنسية مثل كريم، والعشرات، بل مئات الآلاف من الذين يعيشون بدون وثائق مثل ناصر، لكن كم منهم يلتقون وتكون لهم فرصة الحديث مع بعضهم البعض ؟ (...) حديثنا نحن القادمون من آفاق مختلفة عن الهجرة وعن الاندماج وعن الدين والإسلام وعن فرنسا وعن هويتها وعن الجزائر بنظرات مختلفة، هو سلوك يندرج ضمن حس المواطنة". يقدم مؤلفو الكتاب الأربعة سردا لحكاياتهم الشخصية، ومساراتهم وعلاقاتهم الحميمة والقوية مع الجزائر ومع فرنسا، كلّ يقدّم بطريقته الخاصة، شهادته حول رحلة بحثه عن التآخي، منطلقين في ذلك من عزمهم على النظر نحو مستقبل العيش معا، "بدون أن يديروا ظهورهم للماضي الثري والمشترك بين فرنساوالجزائر، الذي غالبا ما كان مؤلما ولكنه دائما محتدم العواطف". كما أشار كزافييه دريانكورت قائلا: "عندما عدت إلى فرنسا بعد أربع سنوات قضيتها في الجزائر بقي لدي اهتمام شخصي متزايد بهذا البلد (...). السنوات الأربع التي قضيتها هناك واللقاءات التي قمت بها والتجارب التي خضتها والصداقات التي ربطتها وبحكم تنقلاتي في البلد، أحدثت لدي طفرة بيولوجية بشكل تدريجي وغير ملموس، جعلت نظرتي كمسؤول سام تتغير إلى نظرة إنسان، بكل ما يتخلله من تساؤلات وشكوك واستجوابات"..هذا الكتاب هو فضاء لحوار المواطنة، ودعوة صريحة، بعيدا عن لغة الخشب، لتجاوز الأحكام المسبقة وبناء مجتمع الغد وتقوية الأواصر التي توحّد. يُذكر أن السفير الفرنسي كزافيي دريانكورت له معرفه ودراية جيدة بالجزائر، حيث سبق له أن شغل منصب سفير لبلاده بالجزائر بين 2008 و2012، كما باع هذا الكتاب بالتوقيع في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر. من جهة أخرى، يبقى اللقاء محاولة لفرض مستقبل مشترك بين البلدين الجارين على ضفاف المتوسط، لكن هل سيكون ذلك ممكنا أمام ترسبات التاريخ المثقلة بالأحداث والمتوارَثة عبر الأجيال؟ فيما يبقى الحوار المتوازن بين رؤى الطرفين سبيلا للتقارب وتثمين النقاط المشتركة. ❊مريم .ن