وقعت الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وكونفدرالية الصناعة الهندية أمس، مذكرة تفاهم، تهدف إلى التقريب بين متعاملي البلدين وتسهيل إجراءات الاستثمار والشراكة، في إطار السعي لتنويع الاقتصاد الوطني. وتم التوقيع بمناسبة تنظيم لقاء لرجال الأعمال في إطار زيارة وفد اقتصادي هندي لبلادنا، تم خلاله التأكيد على توفر فرص عمل حقيقية يمكن استغلالها بين الجانبين. وتسعى الجزائر من خلال هذا اللقاء إلى استقطاب استثمارات هندية مباشرة، لاسيما في القطاعات ذات الأولوية المحددة في الاستراتيجية الوطنية لتنويع الاقتصاد، وأهمها الفلاحة وتكنولوجيا الإعلام والاتصال والسياحة والصناعة، وهو ما من شأنه تخفيف العجز المسجل في الميزان التجاري بين البلدين، حيث بلغت المبادلات بينهما 1.8 مليار دولار في 2017 ولصالح الهند. ذلك ما أوضحه ممثل الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة «كاسي» جلال سيروندي معمر، الذي أكد أن الوفد الهندي يضم شركات قوية في مجالات متعددة، قائلا إنها هنا «بنية الاستثمار» ورغبة منها في «غزو الأسواق الإفريقية». وحسب المتحدث، فإنه تم خلال اللقاءات مع أعضاء الوفد، تقديم شروح حول قاعدة 49 /51 المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي لم تمنع عديد الشركات الأجنبية من العمل ببلادنا. وقال في تصريحات صحفية على الهامش، إن الطرف الجزائري أبدى اهتمامه بجلب الخبرة الهندية في القطاع الصيدلاني خصوصا. بالمقابل، أبدى الجانب الهندي اهتماما باستيراد مواد فلاحية وكذا بالصناعات التحويلية، وهو ما تم التطرق إليه من خلال المباحثات الثنائية التي نظمت بعد اللقاء. هذا الأخير سمح للمتدخلين الجزائريين بإبراز المزايا الاستثمارية ببلادنا، مركزين خصوصا على «الوضع الأمني المستقر»، فضلا عمّا تضمنه قانون الاستثمار الجديد وكذا الموقع الجغرافي والاتفاقيات التجارية الموقعة ضمن الفضاءات الأوروبية والعربية والإفريقية. في هذا الصدد، أشار ممثل «كاسي» إلى أهمية الفرص التي يفتحها الاستثمار في الجزائر محليا وجهويا، من حيث أهمية السوق التي تتيحها أمام المستثمرين، خاصة بعد إنشاء منطقة التبادل الحر الإفريقية وكذا اتفاق التجارة مع بلدان غرب إفريقيا، داعيا إلى تحديد مشاريع مشتركة مربحة للطرفين. وهي نفس الدعوة التي جاءت على لسان ممثل وزير الصناعة والمناجم، المدير العام لتطوير الاستثمار بالوزارة ناصر محلبي، الذي ذكر بأن الهند متواجدة فعلا في السوق الجزائرية عبر عدد من شركاتها لاسيما في مجالات الكهرباء والحديد والصلب وتكنولوجيا الآلات الزراعية وحتى الدواء. وطالب الجانب الهندي باستغلال فرصة وضع الحكومة لاستراتيجية تهدف لتنويع الاقتصاد، من أجل تعزيز هذا التواجد عبر استثمارات جديدة، معبرا عن اقتناعه بأن قاعدة 49 /51 لايمكنها أن تشكل عائقا، مستدلا بقبول الكثير من الشركات الأجنبية التعامل بها، مذكرا بأن المناجمنت يمنح في مثل هذه المشاريع للأجانب. بدوره، اعتبر نائب رئيس منتدى رؤساء المؤسسات مهدي بن ديمراد أن الجزائر في سعيها إلى تنويع اقتصادها، عليها توظيف الابتكار، وهو ما تحتاج فيه للتعاون مع الهند، خاصة في مجال تكنولوجيات الاتصال وكذا الطاقات المتجددة التي أصبحت موردا ل25 بالمائة من الاستهلاك الهندي للطاقة، كما أشار إليه. كما تطرق إلى أهمية عقد شراكات بين الطرفين في الفلاحة والصناعات الغذائية، مشيرا إلى أن مسألة «الأمن الغذائي» تعد تحديا لهما، ولذا دعا مؤسسات البلدين إلى لعب دور أكبر في السياسات التي وضعتها الحكومات في هذا المجال. وإذ ذكر بأن منتدى رؤساء المؤسسات وكونفدرالية الصناعة الهندية قد وقعا اتفاقا في 2015، فإنه اعتبر أنه من الضروري بذل جهود أكبر لتطوير التعاون بينهما ولاسيما من خلال تحديد مشاريع قطاعية. وأكد رئيس الوفد الهندي، رئيس الكونفدرالية الهندية للصناعة سوامينا تان الاهتمام بالاستثمار في الجزائر، لاسيما في ظل الاستقرار الذي تعرفه، والذي يتيح كما قال - إقامة مشاريع اقتصادية في مجالات متنوعة، متأسفا للتراجع الذي عرفته الاستثمارات الهندية ببلادنا، كما تحدث عن إمكانية تقاسم التجربة الهندية في مواجهة الأزمة الراهنة، مذكرا أن بلاده واجهت مصاعب مالية وأنها طبقت مجموعة من الإصلاحات التي سمحت للاقتصاد الهندي أن يجتاز الأزمة لتصبح الهند بلدا صاعدا وأحد أهم الاقتصاديات على المستوى العالمي، إضافة إلى كونها بلدا مستقطبا للاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية الكبرى، خاصة في التكنولوجيات الحديثة.