يشهد منتزه "الصابلات" منذ بداية موسم الصيف، إقبالا كبيرا للعائلات القادمة إليه من العاصمة ومختلف ولايات الوطن، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، التي يحول فيها هذا الفضاء إلى وجهة لآلاف الزوار، الذين لم يعد يستوعبهم المكان رغم شساعته، والذي يطالب مرتادوه السلطات المعنية، وعلى رأسها والي ولاية العاصمة عبد القادر زوخ، بالتكفل ببعض النقائص التي تنغّص عليهم راحتهم، خاصة الفوضى التي تميز حظيرتي السيارات وقلة دورات المياه، التي تعد النقطة السوداء الأولى في هذا المكان، الذي أصبح في ظرف وجيز ينافس منتزه سيدي فرج و«كيتاني" بباب الوادي، و«أرديس" لموقعه الإستراتيجي الهام. أدى الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، منذ بداية موسم الاصطياف، إلى اكتظاظ أماكن الراحة والترفيه التي تحولت إلى قبلة للعائلات، وعلى رأسها منتزه "الصابلات" بالعاصمة، الذي أصبح الدخول إليه صعبا للغاية، بسبب العدد غير المتوقع من الزوار الذين يقصدونه، خاصة في آخر النهار، حين يصطف فيه أصحاب المركبات بالمدخل الرئيسي، من أجل الظفر بمكان لركن سياراتهم، حيث يمتد الطابور أحيانا على بعد كيلومترات، ويصل إلى غاية المسجد الأعظم الذي يجري إنجازه، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، إذ يقضي الكثير من الزوار ساعات في الانتظار قبل الفوز بمكان في الحظيرة، بينما يفضل البعض الآخر الانصراف والبحث عن مكان آخر للراحة. ‘' مداخيل لا تعكس خدمات الحظيرة" رغم المداخيل الهامة التي تجنيها ولاية الجزائر من هذا الفضاء، من خلال حظيرة السيارات التي تقصدها ملايين المركبات يوميا، حيث لا تقل تسعيرة الركن بها عن 100 دينار للسيارة الواحدة، غير أن الزائر يلاحظ سوء التسيير والعديد من النقائص بهذا الفضاء، خاصة على مستوى الحظيرة المتواجدة بالمدخل الرئيسي، التي يقل فيها توجيه السائقين، الذين يضطرون إلى قضاء وقت طويل في البحث عن مكان مناسب لركن مركبتهم، كما تقع العائلات في مشكل آخر عندما تهم بالمغادرة، حيث تتوه بحثا عن سيارتها بين آلاف المركبات، نتيجة شساعة المساحة وغياب التوجيه أو ترقيم في التذكرة التي تسلم عند الدخول لدفع مستحقات ركن السيارة، الأمر الذي يثير قلق الزوار، مثلما لاحظناه في عين المكان، حيث أشارت سيدة ل«المساء"، أنها قضت حوالي نصف ساعة تبحث عن سيارتها دون أن يرشدها أحد، بينما عبر آخرون عن قلقهم من بطء عملية خروج السيارات، والفوضى التي تميّز المكان الذي يزيد الإقبال عليه ليلا، وهو الوقت الذي تفضله العائلات للاستماع بلطافة الجو، والهروب من ارتفاع الحرارة والرطوبة، حيث لا يقتصر الأمر على العائلات العاصمية، بل تقصده عائلات من مختلف ولايات الوطن، مثلما يبينه ترقيم السيارات، كما لم يفوت بعض المغتربين فرصة زيارة المنتزه الذي يقصده الأطفال، لممارسة كرة القدم بالملاعب الجوارية التي عادة ما يستولي عليها الشباب القادم من بلدية حسين داي والبلديات المجاورة. كما وجد الصغار ضالتهم في مختلف الألعاب التي تم توفيرها، منها التي دخلت الخدمة خلال موسم الاصطياف الحالي، حيث ذكرت بعض العائلات أنها تفضل "الصابلات" لتمكين أبنائها من التمتع بالعطلة، واللعب في الفضاءات المخصصة لهم، بينما يستقطب الشاطئ بعض الشباب والعائلات التي وجدت ضالتها به، خاصة المقيمة منها بالبلديات المجاورة التي تنتقل إليه مشيا على الأقدام. ‘'قلة المراحيض هاجس العائلات" الملفت للانتباه؛ عدم تجاوز نقائص الموسم الماضي، أهمها مشكل قلة المراحيض العمومية التي تعد مشكلا حقيقيا للوافدين على هذا الفضاء، حيث يضطرون إلى الانتظار في طوابير طويلة أمام ثلاث مراحيض أحدهما للنساء وآخر للرجال وحتى الأطفال، وسط روائح كريهة نتيجة المياه المتسرّبة خارجها ومخاوف من الأمراض التي قد تصيبهم، خاصة الأطفال الصغار، فرغم لجوء ديوان تسيير حظائر الترفيه والتسلية لولاية الجزائر "أوبلا"، إلى توظيف بعض الشباب لتنظيم الأمور وفرض سعر 20 دج للشخص، عوضا من مجانية هذه الخدمة، فإن الوضع لا يزال على حاله، نتيجة قلة عدد المراحيض مقارنة بالتوافد الكبير الذي يشهده المنتزه، كما تنغص جلسات الشواء التي يقوم بها بعض الشباب راحة العائلات، خاصة أنها تقام في أماكن غير مناسبة وغير مخصصة لذلك وينبعث منها الدخان، بينما تبقى بعض الأشجار، خاصة المساحات الخضراء، بحاجة إلى اهتمام، حيث بدأت تفقد اخضرارها وجمالها، لاتخاذها مكانا للجلوس من قبل العائلات القادمة من كلّ أنحاء العاصمة مع أطفالها للترفيه والترويح عن النفس، بغية الخروج من الضغوطات اليومية، بسبب قلة الطاولات الموجودة في هذا الفضاء الترفيهي الساحلي الذي يعد الأول من نوعه في العاصمة. كما يفتقد المنتزه لمصلى يقيم فيه الزوار صلواتهم، حيث يضطرون إلى أداء الصلاة في مختلف الأماكن، وبين العائلات والأطفال الذين عادة ما يجدون ضالتهم في اللعب والجري هنا وهناك، غير أن ما يثير الانتباه أكثر، الباعة المتجولون الذين يستغلون الفرصة لبيع مختلف الألعاب وبعض المأكولات الخفيفة والمشروبات، مثل الشاي الذي يتفنن فيه بعض الشباب القادم من ولايات الجنوب بحثا عن لقمة العيش، وما أصبح يميز أكثر المنتزه ليلا، إقامة حفلات أعياد الميلاد والنجاح في امتحانات البكالوريا التي تضفي جوا من الفرح والبهجة على المكان، كما تحوّل التجول بالدراجات التي يتم كراؤها مقابل مبلغ مالي، إلى ظاهرة مزعجة للعائلات التي تنتظر تدخّل الجهات الوصية لتوفير مزيد من الراحة بالمنتزه، خاصة أن بعض الشباب وحتى الشابات والأطفال، يتمادون في المرور عبر مسالك تعجّ بالزوار من كل الفئات والأعمار، رغم وجود مسلك مخصّص للدراجات، في انتظار تدخل الجهات الوصية لاستدراك النقائص المطروحة. ‘'فضاء للعشاء والأفراح.." إذا حالف الحظ أصحاب المركبات والعائلات المقيمة قريبا من منتزه "الصابلات" لقضاء بعض الوقت، فإن الأمر مخالف بالنسبة لبعض الشباب القادم من بلديات بعيدة، حيث يضطر هؤلاء إلى مغادرة المكان باكرا، نتيجة قلة الحافلات التابعة لمؤسسة النقل الحضري وشبه الحضري "إيتوزا" التي تضمن النقل لبعض الخطوط المحدودة، مما جعل بعض المواطنين، خاصة القاطنين بالبلديات غير الساحلية، توفير هذه الحافلات لتمكينهم من زيارة المنتزه الذي أصبحت العائلات تفضله للراحة ونصب موائد العشاء خارج منازلهم، في مختلف المساحات وتحت أشجار النخيل، إذ يضطر الكثير من هؤلاء إلى وضع أفرشة والجلوس من أجل السهر والعشاء، بسبب العدد المحدود من الطاولات والكراسي المنصبة من قبل السلطات المعنية، التي يفترض، مثلما أوضح بعض الذين التقتهم "المساء"، أن تواصل متابعتها لهذا المنتزه والخدمات التي تقدّم على مستواه، حتى لا يفقد السمعة التي اكتسبها، خاصة أنه يجلب مداخيل هامة نتيجة الإقبال غير المتوقع الذي تشهده هذه الأيام الحارة، حيث تحوّل إلى قبلة لآلاف العائلات هروبا من نسبة الرطوبة العالية، والتمتع بالجو اللطيف بالقرب من الشاطئ. يذكر أننا اتصلنا عدة مرات بمدير ديوان تسيير حظائر الترفيه والتسلية لولاية الجزائر "أوبلا"، العربي عبد المجيد، لمعرفة عدد الزوار الذين توافدوا على المنتزه منذ انطلاق موسم الاصطياف، والإجراءات التي يتم اتخاذها للتكفل بالنقائص المطروحة، غير أن المعني لم يرد على اتصالنا، رغم أنه وعدنا بذلك.