تشهد محلات بيع الأقمشة وخاصة المآزر والجينز بكل من ساحة الشهداء وباش جراح وبلكور بالعاصمة، إقبالا كبيرا من السيدات اللائي فضلن كسر الروتين والاعتماد على أنفسهن في خياطة ملابس صغارهن لأسباب مختلفة تعددت بين الغلاء والرغبة، حسبهن، في تقديم الأفضل للأبناء، خاصة أنهن ماكثات في البيت، ووجدن في الخياطة فرصة للإبداع وربح المال. والطريف في الأمر أن أغلبهن حديثات عهد بالخياطة، تعلّمنها مؤخرا من "سيدات يوتوبرز" اللواتي يقدمن حصصا بالمجان في تعلم الخياطة والتفصيل. اختارت الكثير من السيدات انتهاج طرق اقتصادية استعدادا للدخول المدرسي، خاصة اللواتي يحسن الخياطة أو المبتدئات فيها، وحتى من يعوّلن على أحد أقاربهن للقيام بالمهمة، حيث عمدت الواحدة منهن إلى شراء ما تحتاج إليه من أقمشة مآزر تختلف ألوانها بين الأبيض والأزرق والوردي وتتراوح أسعارها بين 180 و250دج للمتر، حسب نوعية القماش. وأكد "أمحمد. ك« بائع أقمشة بساحة الشهداء ل "المساء"، أن الفترة السابقة شهدت انتعاشا محسوسا في بيع الأقمشة، فخلال فصل الصيف كان هناك إقبال على أقمشة الجبات، وقبل عيد الأضحى وبعده على أقمشة المآزر والجينز بلونه الأبيض والأسود الذي تعتزم خياطته فساتين أو سراويل تعمل على تفصيلها بنفسها"، وهو ما أكدته لنا السيدة "أم إسماعيل"، التي قدمت رفقة شقيقتها وكانت تتشاور معها حيال ما يتم اقتناؤه بالتفصيل؛ تقول: "لقد اشتريت ثلاثة أمتار من قماش المآزر الوردي الغامق وثلاثة أمتار أخرى من قماش الجينز حتى أخيط فساتين لبناتي، فقد شاهدت موديلات رائعة منها على النات، سأعمل على تفصيلها وخياطتها بنفسي، وأكون بهذا وفّرت المال لشراء الأحذية والأدوات المدرسية"، في حين أشارت "أم ريم" إلى أنها رُزقت بطفلة واحدة بعد سنوات من العقم، وتحرص على أن تصنع لها كل ما استطاعت بيدها؛ تعبيرا لها عن حبها العميق؛ تقول: "ابتني أغلى ما في الحياة، أفرح حين أراها سعيدة، هي الآن في السنة الرابعة ابتدائي، وفي كل سنة أخيط لها مآزرها المدرسية مختلفة التصميم، التي تحمل الكثير من الدلال الذي شاهده كل من يقع نظره عليها، إذ أعمد إلى طرز اسمها كاملا عليه مع وردة أو طائر حسب رغبة ابنتي". صنّاع المال في المنازل... اجتاحت موجة تعلم الخياطة العديد من البيوت خاصة التي توجد بها سيدات ماكثات بالبيت أو محبات للخياطة لم يجدن فرصة التعلم لسبب أو لآخر، فسمحت لهن التكنولوجيا الحديثة بتحقيق المبتغى من خلال متابعة دروس الخياطة التي تقدمها مختصات في هذا المجال على اليوتوب، حملت عناوين مختلفة، منها تعلم الخياطة من البداية خطوة بخطوة بالمنزل، وتعليم القص والخياطة للمبتدئين، وتعلم الخياطة والتفصيل بدون باترون، وتعليم الخياطة والتفصيل مجانا، والتي اجتهدت صاحباتها في تعريف الشغوفات بهذا الفن بأبجدياته. وقد عمدت اليوتوبرز الجزائريات وخاصة سيدة من منطقة باتنة، إلى تقديم أدق التفاصيل بخصوص هذا الفن. وتسعى السيدات المعلمات إلى تشجيع الفتيات والسيدات على تعلم حرفة تقيهن الحاجة وتؤمّن متطلبات أفراد عائلتهن وأخرى تغازل طموحهن، وتشجعهن على مواصلة الطريق حتى بلوغ عالم التصميم بالنسبة للشغوفات بهذا العالم، ولم لا فتح ورشات وحتى مصانع بعد التمكن من الحرفة، وهو الأمر الذي لاقى تجاوبا إيجابيا من الفتيات اللواتي يتركن تعليقات تؤكد سعادتهن بما يتلقينه، أو يطلبن إعادة أمر معيّن لم يتسن لهن فهمه جيدا. والمثير للانتباه أن المعلّمات يعمدن إلى التعريف بأدوات التفصيل والحدادة، على غرار المقصّين الكبير والصغير وأدوات القياس، منها شريط القياس المرقم من 1 سم إلى 150 سم، وتوجد في نهاية كل طرف منه قطعة معدنية والقياس الضابط، وهو عبارة عن مسطرة حديدية، ولها مؤشر ضابط طولة 10 سم، ويُعتمد عليها لقياس أطراف الفساتين والأجزاء المعوجة وأداة ضبط الديل ومسطرة الحرف "T"، حيث تحرص المعلمات في دروسهن الأولى على الانطلاق من هذه القواعد لتعريف المبتدئات بالآلات التي يحتجنها وطرق استعمالها. كما تشرح أخريات بإسهاب، طرق تفصيل القماش، وكيفية صناعة "الباترون"؛ أي المجسم الذي يُعتمد عليه في عملية التفصيل، وطريقة تفصيل كل قطعة على حدة.