مع بداية العد التنازلي لاستقبال الدخول المدرسي الذي هو على الابواب ستبدأ فعاليات التسجيلات بجميع المدارس خلال هذه الفترة، حيث تزداد متاعب الأسر الجزائرية التي وجدت نفسها هذا العام في مواجهة مواعيد هامة جاءت متتالية، فبعد الانتهاء من مصاريف الشهر الكريم والعطلة الصيفية التي لا تزال متواصلة عند البعض باعتبارها في بداياتها بعد الانتهاء من الصيام إلى مصاريف العيد وما يتطلبه من أموال لشراء الألبسة وما يلزم للدخول المدرسي وما يكلفه هو الآخر من تكاليف باهظة باتت تشكل هاجسا كبيرا لدى العائلات التي أصبحت ترتقب مرور هذه المناسبة بسلام حتى تنتهي معاناة هذا العام. وأمام هذه المصاريف غير المتناهية التي جعلت من المواطن الجزائري يقف متفرجا على الأسعار وهي في ارتفاع مستمر وبالخصوص وأنه مطالب بتوفير مستلزمات الدراسة من محافظ وأدوات مدرسية ومنها إجبارية المآزر التي تعتبر ضرورية خلال الفترة الأخيرة، حيث تم إصدار قانون يلزم التلاميذ بارتداء المآزر وبألوان متناسقة سواء للذكور أو البنات من طرف وزارة التربية التي قامت بتوحيد المآزر الدراسية، إذ دخل هذا القرار حيز التنفيذ بشكل إجباري العام الماضي، فالمتجول بالأسواق أو بالقرب من المحلات التجارية يلاحظ ذلك الانتشار الواسع لبيع المآزر المدرسية التي أصبحت تباع في كل ركن من أركان المدينة والأحياء سواء على الطاولات أو المحلات أو حتى بالبيوت من خلال خياطتها الأمر الذي فتح الباب أمام ورشات الخياطة والتجار الانتهازيين الذين يكونون حاضرين في أي مناسبة، مغتنمين الفرصة لفرض سيطرتهم على الأسواق، أين فتحت هذه المناسبة الفرصة أمامهم من أجل الكسب السريع. الخياطة فرصة لكسب الرزق وفي نفس السياق قامت نساء ماكثات بالبيت باغتنام الفرصة لكسب الرزق وذلك بالاتفاق مع أصحاب المحلات وخياطة أعداد معتبرة من المآزر وبيعها لهم يوميا، بينما أخريات انتهجن أسلوبا آخر للترويج لسلعتهن من خلال التعاون مع أطفالها وهذا ما صرحت به السيدة (أمينة) أم لأربعة أطفال: (أقوم بعمل الخياطة منذ زمن طويل ولكنني أضاعف نشاطي أكثر في المناسبات الخاصة ومنها الدخول المدرسي، حيث أستغل الفرص لمضاعفة أرباحي من أجل إعانة عائلتي، إذ يساعدني ابني الأكبر عادل الذي يبلغ من العمر 15 سنة في بيع ما أقوم أنا بخياطته من خلال أخذ الكمية المخاطة والتوجه بها إلى البيوت وعرض السلع على العائلات التي لديها أطفال، إذ تكون الأسعار معقولة وفي متناول العائلات ذات الدخل المتوسط). ومن جهة أخرى عرفت محلات بيع الأقمشة خلال هذه الفترة ندرة في النوعية المطلوبة للخياطة نتيجة إقبال التجار والماكثات بالبيوت على اقتناء كميات كبيرة من الأقمشة التي تحمل اللونين الوردي والأزرق الفاتح لخياطة كميات كبيرة من المآزر بمختلف الأحجام لأبناء الأقارب والجيران الذين قدموا طلباتهم مبكرا هذا العام للحصول على مآزر تتناسب وحجمهم الجسدي خوفا من انتهائها بالأسواق أو عدم العثور على القياس المناسب. ومن جهة أخرى وبالرغم من أن أغلب العائلات تتجه حاليا نحو استهلاك المواد الغذائية إلا أن الكثير من الأسواق عرفت تدفقا كبيرا من حيث الأدوات المدرسية، حيث عرفت أسعارها هي الأخرى ارتفاعا جنونيا، بل إن سعرها سجل حدثا لدى الكثير من العائلات، وبين مترقب إلى أن ينخفض السعر وبين مقتن لها خوفا من ارتفاع سعرها عشية الدخول المدرسي وهذا ما لاحظناها من خلال جولتنا الاستطلاعية إلى مارشي (12)، حيث وقفنا على حجم الارتفاع الذي مس معظم اللوازم المدرسية التي أخذت نصيبها هي الأخرى هذا العام، وقمنا برصد الأسعار والبداية كانت مع سعر المآزر التي تراوحت مابين 800 دج إلى غاية 1200 دج سواء ما تعلق بالبنات أو الذكور، اما فيما يخص المحافظ هي الأخرى عرفت ارتفاعا إذ وصل سعرها إلى غاية 2500 دينار حسب النوعية والجودة. وللتعرف أكثر على آراء المواطنين قمنا بالاحتكاك بمجموعة من هؤلاء الذين كانوا متواجدين من أجل التعرف على الأسعار المتداولة بالسوق لشراء ما استطاعوا إليه سبيل، فعبر لنا العديد ممن التقيناهم هناك عن تذمرهم وسخطهم عن الوضعية المزرية التي يعيشونها منذ دخول فصل الصيف، حيث توالت المناسبات دون انقطاع الأمر الذي استنزف جيوبهم، فبمجرد أن استفاقت العائلات من صدمة مناسبة حتى تحل أخرى مما جعلها في حيرة من أمرها في ظل الارتفاع الرهيب للأسعار التي ألهبت جيوبهم حسب قولهم وجعلت البعض منهم عاجزين عن اقتنائها. وصرح لنا السيد (مصعب) بقوله: (هذا العام جاء مميز جدا من حيث المصاريف التي بدأت منذ دخول العطلة الصيفية وما تحتويه من مناسبات منها الأعراس والنجاحات في الدراسة وخطوبة وما تشهده العائلات من مواليد جدد وكل هذه تستلزم هدايا أنهكت العائلات التي تضطر في كل الحالات إلى تبادل التهاني مرفوقة بهدايا تختلف قيمتها حسب أهمية الشخص المهنى لأجد نفسي الآن عاجزا ومندهشا أمام هذا الغلاء الذي مس الأدوات المدرسية التي يعتبر توفيرها ضرورة ولا بد منها). ارتفاع جنوني في أسعار الأدوات واصلنا سيرنا وكرغبة منا في معرفة إلى أين وصلت قيمة الأدوات الأخرى، اقتربنا من أحد المحلات فأوضح لنا السيد (بلقاسم) صاحب المحل أن ثمن الكراس العادي لهذه السنة والمتكون من 120صفحة قد وصل إلى 140 دينار، بينما يتجاوز ثمن الكراريس من الأحجام الكبيرة 250 دينار مما يعني أن الأب أو المسؤول بالعائلة قد يدفع ما يقارب 10000 دينار في الأدوات وحدها مما يعني القضاء التام على الميزانية خاصة بعد المصاريف الأخيرة التي عايشتها جميع الأسر، ولسنا من يتحكم في الأسعار وإنما ما يفرضه السوق علينا فنحن نعمل من أجل كسب رزق أولادنا مثلنا مثل أي جزائري آخر، كما أننا نحترم الأسعار فيما يتعلق بالمآزر الجاهزة والمحافظ، أما فيما يخص الممحاة والمبراة ..الخ فالثمن يتعلق بالنوعية). وفي الوقت الذي وقف فيه الكل مذعورا نجد البعض الآخر اتخذ احتياطاته مسبقا حتى لا يقع في الحيرة ومواقف حرجة، إذ ذهب الكثير من الأولياء إلى الاحتفاظ بالمحافظ والمآزر من العام الماضي التي لا تزال قابلة للاستعمال مرة أخرى وكذا الاحتفاظ بكسوة العيد من أجل الدخول المدرسي بغرض توفير بعض المصاريف التي كانت ستصرف على هذه الأشياء، وهذا ما صرحت لنا به السيدة (كريمة) وهي عاملة على آلة الخياطة ببيتها من خلال قولها: (لقد تعمدت هذا العام خياطة ملابس لأطفالي تتناسب مع فصل الصيف وبداية الخريف حتى أوفر على نفسي بعض المصاريف من خلال احتفاظي بالملابس إلى الدخول المدرسي حتى أستطيع تأمين ما تبقى من نقائص فيما يتعلق بهذه المناسبة لأنه من الصعب جدا التحكم في المصاريف مقارنة عما كانت عليه في السنة الماضية أمام الإغراءات التي توضع أمام أعين الأطفال الصغار من محافظ جذابة ذات الأثمان المرتفعة انتقالا إلى الأدوات المميزة التي تسيل لعاب الأطفال الذين يقومون بإجبارنا على شرائها مهما كان الثمن). فالواقع يؤكد في الكثير من الأحيان أن التلاميذ هم من يقررون ماذا يريدون ما يجعل العائلات تقف حائرة أمام توفير مصاريف الدخول المدرسي وتحقيق رغبة أطفالها الصغار.