«الاستثمار الأمثل في الشباب" هي العبارة التي ردّدها معظم الفاعلين في القطاع الرياضي، في مقدمتهم وزير الشباب والرياضة محمد حطاب، الذي أقر بأن الشباب الجزائريين أكدوا أنهم خير استثمار؛ من خلال النتائج التي حققوها في الطبعة الثالثة للألعاب الأولمبية لنفس الفئة التي جرت بمدينة بوينس أيرس الأرجنتينية من 6 إلى 18 من الشهر الجاري (أكتوبر)، والمتمثلة في خمس فضيات وبرونزيتين. كما أجمع التقنيون الذين التقت بهم "المساء" بالقاعة الشرفية للمطار الدولي "هواري بومدين" لدى استقبالهم البعثة الوطنية، على أن الرياضة الجزائرية سجّلت أحسن مشاركة لها في تاريخ الألعاب، وهي حصيلة أكدت أن الطاقات الشابة موجودة، يكفي فقط أن يعيرها الاهتمام اللازم لتفجير طاقاتها. البداية كانت مع المسؤول الأول للقطاع محمد حطاب، الذي جدّد دعمه للرياضيين الشباب الجزائريين، معتبرا إياهم "الاستثمار الأمثل" تحسبا للاستحقاقات المقبلة، موضحا أن وزاته مستعدة لدعم ومرافقة هؤلاء الشباب الرياضيين لتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية مستقبلا، خاصة أنّ الجزائر بصدد التحضير للمشاركة في العديد من الاستحقاقات الرياضة، لاسيما الألعاب الأولمبية بطوكيو 2020، والألعاب المتوسطية بوهران 2021. وعن القراءة الفنية للمشاركة الجزائرية في أولمبياد الأرجنتين، قال الوزير إن المشاركين في الأرجنتين يمثلون أحسن استثمار للجزائر تحسبا للمواعيد القادمة، لاسيما بعد أن أكدوا اليوم أنهم خير استثمار من خلال النتائج التي حققوها في الألعاب، مشيرا إلى أن المشاركة في حدّ ذاتها إيجابية نظرا لتوفر كل الإمكانيات والشروط قبل التوجه إلى موطن الحدث الأولمبي. ومن جهته، عبّر رئيس اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية مصطفى براف، عن رضاه إزاء النتائج المحققة من قبل الرياضيين الجزائريين، حيث قال: "نحن راضون عن المشاركة الجزائرية والنتائج المحققة التي تشرف الجزائر.. منذ سنوات ونحن نقول إن الجزائر لديها فئات شابة تملك كفاءات عالية، ويمكنها حصد ميداليات إذا وفرنا لها كل الإمكانيات". كما اعتبر براف أن التحضير الجيد للرياضيين جعلهم يتحصلون على مثل هذه النتائج، معلقا في هذا الجانب: "مدة أربعة أشهر سمحت لهؤلاء الشباب بالتتويج ونعتز بهم.. نأمل أن يواصلوا على هذه الوتيرة؛ لأنهم هم من سيمثل الجزائر خلال الاستحقاقات الدولية المقبلة". شباح: كان بإمكاننا تحقيق حصيلة أفضل نفس الانطباع لمسته "المساء" عند رئيس الاتحادية الوطنية للمصارعة المشتركة ونائب رئيس البعثة الوطنية بالأرجنتين رابح شباح، الذي أبدى ارتياحه للنتائج التي حققها الرياضيون الجزائريون في المنافسة الأولمبية للشباب، مؤكدا في الوقت نفسه، أن بالإمكان أن تكون هذه الحصيلة أفضل. وواصل كلامه بأن العناصر التي مثلت الرياضة الجزائرية في هذا الموعد ليست هي الأحسن، "لأن لدينا خزانا فعالا في جميع المنتخبات الوطنية لمختلف التخصصات الرياضية، يحتاجون فقط إلى الاهتمام والعناية، بالإضافة إلى جانب توفير الإمكانيات المادية التي تسهّل عملية تأطير هذه الفئة في حيز احترافي ذي مستوى عال". كما دعا شباح القائمين على مختلف الفروع، إلى منح فرصة المشاركة في المواعيد الدولية لشبابها المنضوين تحت لوائها، قصد كسب التجربة من جهة، والتعوّد على منافسة من الحجم العالي من جهة أخرى، لاسيما أنّ التفكير في ألعاب 2024 يبدأ من الآن؛ قال: "إذا أردنا تحسين حصيلتنا (5 فضية و2 برونزية) أو ترتيبنا في الجدول العام للمشاركين 64.. نشرع من الآن في تسطير برنامج إعدادي ناجع للتكوين القاعدي الذي يخص المواهب الشابة". وفي تعليقه على فضية فاتح بن فرج الله (80 كلغ/ مصارعة حرة) قال رئيس الاتحادية: "كان لدينا مشروع ميدالية على المستوى الأولمبي.. والحمد لله بدأت تظهر في جميع الأصناف، وهذا العمل لم يأت صدفة، وإنما هو ثمار العمل المهيكل من الفاعلين في الاتحادية والرياضيين، الذين بذلوا مجهودات كبيرة للوصول إلى تحقيق هذه الميدالية". مراد مزيان: ملاكمونا حققوا إنجازا تاريخيا ومنطقيا بالنسبة للمدير الفني لاتحادية الملاكمة، وصف مراد مزيان تتويج الملاكمين الجزائريين فريد دويبي في وزن ( 75 كلغ) ومحمد أمين حسيد (91 كلغ) بميداليتين فضيتين خلال الألعاب الأولمبية للشباب، بالتاريخي والمنطقي. وقال: "أشكر كل الملاكمين على النتائج التي تحصلوا عليها واعتبرها تاريخية.. هي نتائج أكثر من إيجابية للفن النبيل الجزائري.. ينبغي الاعتراف بأن حصاد الملاكمين الشبان كان منطقيا بحكم أنهم أبطال العرب والألعاب الإفريقية للشباب التي جرت بالجزائر العاصمة في جويلية المنصرم". وأضاف: "هدفنا كان تحقيق رتب جيدة.. بالنسبة لنا فإن الميداليتين الفضيتين اللتين تُوّّجنا بهما لم تكونا مفاجأة؛ لأن ملاكمينا لهم مستوى جيد.. أعتقد أن هذه النتائج مرضية، ويمكنني تأكيد أننا كنا قادرين على التتويج بميدالية ذهبية". وفي سياق متصل، أكد مراد مزيان أن الرهانات المقبلة مرهونة بالدعم المالي؛ لأنّ هؤلاء الملاكمين برهنوا أنّهم على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، لكن هذا متوقف على العناية والاهتمام والاستفادة من الخرجات الدولية لتعزيز مسيرتهم الدولية، لكسب الاحتكاك الكافي لدخول الاستحقاقات المقبلة في أحسن حال. وبالإضافة إلى الميداليتين الفضيتين، تحصّل كل من هشام معوش (49 كلغ) على المرتبة الخامسة، وإشراق شايب على المركز الرابع. كاوة: راض عن مشوار سبّاحينا في ظل غياب الميداليات من ناحيته، عبّر المدير الفني الوطني للسباحة عبد القادر كاوة، عن رضاه عن النتائج التي حققها السباحون الجزائريون في الأرجنتين؛ قال: "لقد قام سباحونا بما عليهم بعدما بلغوا الدورين نصف النهائي والنهائي.. أظن أنه مشوار مشرف في مثل هذا المحفل العالمي، الذي يُعد نسخة من الأولمبياد المقبلة". وأضاف: "يجب أن نكون إيجابيين.. نعرف مستوانا جيدا، وعلينا أن نحسن من مستوانا تحسبا للمنافسات الدولية المقبلة؛ لأننا نمتلك عناصر شابة قادرة على الصعود إلى المنصة... السباحة الجزائرية تألقت رغم غياب الميداليات؛ حيث تمكن الثنائي منصف الله بلمان وعبد الله عرجون من التأهل إلى عدة سباقات نصف نهائية ونهائية، الأمر الذي يشكل إنجازا بالنسبة لهذا الاختصاص الصعب". وواصل أن هذه الألعاب منحت فرصة الاحتكاك مع المستوى الأولمبي؛ قصد استثمار هذه الخبرة في التصنيف المؤهل للألعاب الأولمبية بطوكيو 2020، وعليه التحضيرات لهذا الموعد انطلقت، وتستمر إلى غاية وصول الهدف الرئيس، المتمثل في ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران عام 2021. واستحسنت الاتحادية الوطنية لألعاب القوى، مردود ممثليها في ذات الألعاب، الذي كُلل بميداليتين فضيتين، الأولى من نصيب العداءة لبنى بن حجة في اختصاص 400 متر حواجز بعد إنهائها السباق في المركز الوصيف، وحققت معدن الفضة بعد أن أنهت المرحلتين من سباق 400 م حواجز بتوقيت إجمالي يقدر ب 2د و00 ثا و68ج، في الوقت الذي عادت المرتبة الأولى للكولومبية كاراكاس كابيزاس ب 1د 57 ثا و58 ج/م، والمرتبة الثالثة للإسبانية كارلا غارسيا 2د و00ثاو76ج/م، كما حاز زميلها العدّاء محمد علي غواند، فضية سباق 800 م. وأشارت الاتحادية إلى أنّ الاتحاد الدولي لألعاب القوى خص الألعاب الأولمبية للشباب بصيغة جديدة في ألعاب القوى؛ من خلال إقامة السباقات عبر مرحلتين متساويتين من حيث الأهمية عوض نصف النهائي والنهائي. وفي هذه الصيغة يتم احتساب مجموع الأوقات المحققة من السباقين لترتيب المتنافسين. وبدت الهيئة الفيدرالية متفائلة بالنتائج المحققة، واعتبرتها مشجعة لتحقيق نتائج أفضل، لاسيما أن العناصر الوطنية أبانت عن مستوى جيد أمام خيرة عدائين عالمين وفي اختصاصات صعبة، على غرار 880م و400 متر حواجز. يُذكر أن الجزائر حصدت خمس ميداليات فضية في هذه الأولمبياد، كانت بفضل فاتح بن فرج الله (80 كلغ) في المصارعة ومحمد علي غواند (800 متر) ولبنى بن حاجة (400 متر موانع) في ألعاب القوى، والملاكمين فريد دويبي (75 كلغ) ومحمد أمين حسيد (91 كلغ)، إلى جانب برونزيتين في الجيدو، وذلك في منافسات الزوجي في التصنيف الإفريقي في الألعاب بحسب قوانين منازلات هذا التخصص. ومثل الجزائر في الموعد الرياضي ما مجموعه 30 رياضيا (18 ذكرا - 12 أنثى) في 11 رياضة، وهي ألعاب القوى، الجيدو، الملاكمة، الشراع، المبارزة، كرة الريشة، التجذيف، السباحة، الجمباز، المصارعة ورفع الأثقال.