أعلن السيد مراد زمالي وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي أن ما يقارب 21 بالمائة من إجمالي ميزانية الدولة تذهب للتحويلات الاجتماعية التي عرفت ارتفاعا في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2019 الذي يخصص لها ما قيمته 1763 مليار دينار، مشيرا في سياق متصل إلى أن هذه المؤشرات تؤكد بأن الجزائر دولة إجتماعية بامتياز. وذكر السيد زمالي في كلمة ألقاها خلال المؤتمر الثالث لفيدرالية عمال الضمان الاجتماعي والتضامن الوطني أمس، بمقر المدرسة العليا للضمان الإجتماعي بالجزائر العاصمة بأن الدولة مقتنعة تماما بضرورة الاستمرار على هذه الوتيرة ومضاعفة الجهود من أجل منظومة ضمان اجتماعي فعّالة ومواجهة التحديات التي تواجهها في الآجال القريبة والمتوسطة والبعيدة، مضيفا بأن المنظومة الوطنية للتأمينات الاجتماعية والتقاعد، تعيش صعوبات مالية مرتبطة بعدة عوامل اجتماعية واقتصادية وديمغرافية وكذا معيارية، ناجمة أساسا عن «سخائها»، كونها تضمن طيفا واسعا من الأداءات لفائدة عدد كبير من المستفيدين، «بمن فيهم أولئك الذين لا يساهمون فيها بشكل مباشر». وأوضح السيد زمالي أن اختلال التوازنات المالية للمنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي تولدت عن العجز الكبير والمتزايد لفرع التقاعد، والذي كان دائما حسبه محل اهتمام الحكومة التي أخضعت هذا الملف الحساس للتشاور في إطار اجتماعات الثلاثية. وألح الوزير على ضرورة اتخاذ كامل التدابير المتاحة واستنفاذ الجهد من أجل ترشيد النفقات وتوسيع وعاء الاشتراكات وتنويعها، مع تحسين الخدمات في الوقت نفسه، بغية الحفاظ على هذه التوازنات وضمان ديمومتها. ودعا في هذا الإطار الشركاء الاجتماعيين إلى إدراج دورهم في هذا المسعى، «كونهم طرفا فاعلا في حوكمة المؤسسات والهيئات وتحسين فعاليتها في الأداء»، مبرزا ضرورة العمل، إلى جانب الإدارة التنفيذية لصناديق الضمان الاجتماعي من أجل تطوير وتنفيذ استراتيجية وأهداف هذه الهيئات. وتضمن حاليا منظومة الضمان الاجتماعي التغطية الاجتماعية لأكثر من 39 مليون جزائري، كما تغطي الفئات الأخرى من المعوزين وذوي الاحتياجات الخاصة بفضل مساهمة الدولة، وتسمح لأكثر من 3,2 مليون شخص بالاستفادة من مزايا التقاعد. قرابة 6 ملايين عامل في القطاع الخاص غير مصرح بهم في نفس السياق، أكد مصطفى غالمي رئيس الفيدرالية الوطنية لعمال لضمان الاجتماعي والتضامن الوطني، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى عقد جلسات وطنية بإشراك كل الجهات الفاعلة لبحث نموذج جديد لتمويل الضمان الاجتماعي حفاظا على ديمومته. وذكر في هذا الصدد بأن منظومة الضمان الاجتماعي تمر حاليا بظروف صعبة، تستدعي اتخاذ إجراءات استعجالية وصارمة لتحصيل اشتراكات كافة العمال وإجبار أرباب العمل على التصريح بموظفيهم للحصول على مداخيل إضافية، تضمن استمرارية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وأرجع المسؤول النقابي أسباب العجز الذي تمر به المنظومة إلى زيادة حجم نفقاتها التي تعرف ارتفاعا كل سنة، وكذا إلى قلة الاشتراكات بسبب ظاهرة الغش وعدم تصريح بعض المستخدمين في القطاع الخاص بعمالهم، حيث أشار في هذا الخصوص إلى وجود ما يقارب 6 ملايين عامل غير مصرح بهم اليوم ينشطون في القطاع الموازي. وقد ركز المتدخلون في أشغال المؤتمر على أهمية الحوار للحفاظ على المكاسب الاجتماعية وترقية الحقوق الاجتماعية للعمال، حيث أبرزت السيدة غنية الدالية وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة في كلمة ألقتها بالمناسبة أهمية العمل النقابي لترقية الحوار الاجتماعي «الذي تكرس بعد نضال طويل ببلادنا، جاء هو الآخر نتيجة نضال مرير منذ الحقبة الاستعمارية»، مشيرة إلى أن العمل النقابي تكرس أيضا بفضل عدة تشريعات جسدت التعددية النقابية، تماشيا مع القوانين والاتفاقيات الدولية. وذكرت الوزيرة بأن الحق النقابي «مكسب لا يمكن المساس به بحكم القانون والنضال التاريخي»، داعية النقابات للتسلح بالقوانين التي تحمي حق العامل وتدافع عن الفئة العمالية لضمان بقاء المؤسسات والحق في الضمان الاجتماعي لضمان كرامة العمال والدفع بالعجلة التنموية للبلاد. من جهته، دعا عبد المجيد سيدي سعيد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى التحلي بالحوار الاجتماعي والتضامن ما بين العمال لتحقيق مطالب الطبقة العاملة، بعيدا عن أساليب العنف والتعنت والاضرابات المتكررة التي قد تضر بالعمال وبالمؤسسات على حد سواء، موضحا أن كل المكاسب التي حققتها النقابات اليوم كانت بفضل الحوار الاجتماعي الذي يبقى شرطا أساسيا للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي ومنه على السلم «الذي لا يمكن لأي بلد أن ينعم به في غياب استقرار اجتماعي». وخلص سيدي سعيد إلى أن الحوار والتشاور وتغليب مصلحة المؤسسات على المصالح الفردية هو ثقافة وحضارة ومكسب للمجتمع لتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي.