دعا الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة المعارض في السودان أمس، إلى تشكيل حكومة وفاق وطني جديدة تشارك فيها كل فعاليات المشهد السياسي السوداني ضمن خطوة لإخراج البلاد من الضائقة الاقتصادية التي تمر بها منذ عدة سنوات، وأدت إلى هشاشة التجانس المجتمعي بسبب غلاء المعيشة وانهيار القدرة الشرائية للمواطن السوداني. ولم يخف المهدي، في ندوة صحفية عقدها أمس، بمدينة أم درمان، على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي تعرفها عدة مدن في البلاد منذ الاربعاء الأخير، تأييد حزبه لتلك المظاهرات ولكنه أكد أن حزبه لن يشارك فيها بقناعة أن الحماس وحده لا يكفي لتغيير النظام، بما يستدعي تشكيل حكومة وفاق جديدة تشارك فيها جميع الأطراف. وطالب الصادق المهدي، بهذه الخطوة بعد تجدد المواجهات بين المتظاهرين وقوات الشرطة في عدة مدن منذ الاربعاء الماضي، بسبب قرار السلطات السودانية رفع سعر الخبز من جنيه إلى ثلاث جنيهات. وكشف زعيم المعارضة السودانية، أن لجوء قوات الشرطة إلى إطلاق النار على المتظاهرين خلّف إلى حد الآن مقتل 22 متظاهرا في عدة مدن سودانية في رد فعل رافض لقرار الحكومة المساس بسعر لقمة عيشهم. وتوقع المهدي، في أول خروج علني له إلى الواجهة السياسية منذ عودته إلى البلاد بعد عام قضاه في المنفى تواصل المظاهرات الاحتجاجية التي وصفها بالقانونية كونها اندلعت بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لعامة شرائح المجتمع السوداني. وفي محاولة لاحتواء الوضع وتفادي كل انفلات أمني في مختلف المدن التي اندلعت فيها هذه الاحتجاجات، سارعت الحكومة السودانية إلى تعليق الدراسة في كل الجامعات وكذا مرحلتي الأساسي والثانوي بالعاصمة الخرطوم وعدم استئنافها إلى غاية عودة الهدوء إالى البلاد. يذكر أن شرارة هذه الاحتجاجات اندلعت لأول مرة في مدينة عطبرة الشرقية، قبل أن تنتشر إلى القضارف في شرق البلاد قبل أن تصل إلى العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان القريبة منها، وشكل ذلك ناقوس خطر بالنسبة للسلطات السودانية التي لجأت إلى تعزيزات الأمن في محاولة لاحتواء المظاهرات التي انفلتت وأدت إلى تسجيل تلك الحصيلة من القتلى، والتي سارعت السلطات الرسمية إلى الطعن في صدقيتها. ومما زاد في حدة المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن سريان إشاعة في أوساط المحتجين أكدت أن رفع سعر الخبز بالضعف ما هو إلا مجرد بداية لتحرير أسعاره، وتوقع ارتفاع ثمنه لاحقا بسبب إلغاء الحكومة لكل دعم لهذه المادة الأساسية. وقال شهود عيان إن المحتجين هتفوا بشعارات تطالب بإسقاط حكومة الرئيس عمر البشير، في نفس الوقت الذي قام فيه محتجون بإضرام النار في مكاتب حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بينما أكد شهود عيان أن الشرطة السودانية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على مئات المحتجين كانوا على بعد حوالي كلم واحد من قصر الرئاسة في العاصمة الخرطوم أول أمس الخميس. ووصف متحدث باسم الحكومة المتظاهرين بأنهم "مندسون"، مما جعله يحذّر من أن السلطات "لن تكون متساهلة "مع الذين يشعلون النار في منشآت الدولة أو يخربون الممتلكات العامة. وعرف الاقتصاد السوداني في السنوات الأخيرة متاعب جمة بسبب المشاكل التي يواجهها وأدت إلى ارتفاع نسبة التضخم التي فاقت عتبة 70 بالمائة مما أدى إلى انهيار قيمة العملة الوطنية التي انعكست بشكل مباشر على القدرة الشرائية للغالبية العظمى من السودانيين.