يحتفل الجزائريون في العديد من ولايات الوطن وبالأخص سكان الجبال في منطقة القبائل هذا الاثنين برأس السنة البربرية وهي المناسبة التي تصادف تاريخ ال 12 من شهر جانفي من كل سنة، وبذلك نكون قد وصلنا في التأريخ الأمازيغي إلى سنة 2959 ، وهي المناسبة التي يريد من خلالها الأمازيغ التعبير عن مطلب من مطالبهم المتمثلة في الاعتراف بهويتهم والدفاع عن الثقافة، كما يستند الأمازيغ في تقويم الناير إلى ما يسمى بالتقويم الفلاحي الذي يتبعه الفلاحون في زراعاتهم لضبط السقي والغرس ،إذ يشكل يناير نهاية موسم الحرث ومنتصف موسم المطر، كما يمتاز هذا التقويم بمظهر التكافل الاجتماعي. مناسبة للتكافل الاجتماعي ونصب الولائم في منطقة القبائل يعد 12 من يناير إرثا تاريخيا في ذاكرة الأمازيغ، وهواليوم الذي يلتقي فيه الأهالي القرويون عبر ولائم أسرية وأنشطة فنية لتجديد تمسكهم بقيم الأخوة والأمن والسلام والرقي. ويقول عمي الصالح واحد من سكان القبائل الصغرى أن في مثل هذا اليوم تسيطر طقوس خاصة ومميزة تختلف عن سائر أيام العام . إذ يتجمع سكان البلدات والقرى في ولائم كبيرة حول مائدة طعام يكون طبق الكسكسى المحضر بالدجاج سيد المائدة، وهوتقليد دأب عليه الأمازيغ في مختلف أنحاء الجزائر، كما يردد الأهالي أهازيج وشعارات من التراث تعبيرا عن الأمل في موسم زراعي مزدهر،كما يدمجون بعض المقاطع تشيد بانتصار ملك الأمازيغ على الفراعنة حسب ما ترويه الروايات، لذلك يعود هذا الاحتفال إلى انتصار الملك البربري ''شاشناق''على الفراعنة عام 950 قبل الميلاد وذلك ردا على تحالفهم مع الرومان لاستهداف الأمازيغ وبذلك يعتبر الاحتفال مظهرا من مظاهر الثقافة الأمازيغية التي تعود لآلاف السنين . ''طقوس تختلف من منطقة لأخرى '' وتختلف الطقوس من منطقة إلى أخرى في الاحتفال بالمناسبة، ويقول أبوبكر من ''التوارڤ'' أن أمازيغ الجنوب يقومون بإعداد 7 أطباق من أصناف المأكولات احتفالا بالمناسبة التي تعد بالنسبة لهم بداية لعام جديد وكلهم أمل في تحسين الأوضاع وفتح أبواب الرزق. وفي حين يقول عمي رابح من منطقة تيزي وزو:''نعتبر يناير عام الأمازيغ ولذلك نأمل أن يعود علينا باليمن والبركات والعيش السعيد ومن بين عادات الناير إطعام الحشرات حتى لا تأكل الزرع، والامتناع عن الحياكة مع ضرورة الأكل حتى الشبع ليضمن الإنسان أن يشبع باقي السنة، كما تقوم بعض الأمهات في هذه المناسبة بإعداد وجبات خاصة للعائلة قوامها اللحم والمكسرات التي توزع في أكياس على الأطفال. ويحتفل العاصميون بالسنة الأمازيغية أوما يطلق عليه ب: العجوزة وفق ترتيبات كبيرة . وتقول السيدة حليمة:'' ننتظر اليوم حلول يناير الذي سنحتفل به كأهل منطقتنا ، فنحن في الأصل من منطقة القبائل الصغرى ولاحتفالات يناير ''العجوزة'' قصة ورثناها وما زلنا نصر على الحفاظ عليها . وما عدا الأطباق التقليدية التي تدخل في احتفالات السنة الأمازيغية لا يمكننا الاستغناء عن ''التراز''. وبذلك نحتفل بهذه المناسبة في أجواء بهيجة أضفت عليها الطقوس طابعا مميزا يشكل مصدرا للاعتزاز بماضيهم عبر القرون القديمة، بحيث نضع طفلا صغيرا داخل إناء كبير ثم نسكب كل ذلك الخليط على رأسه، حتى تكون السنة الأمازيغية فأل خير على الطفل وعلى أفراد العائلة، وتكون سنتهم صافية كحياة الطفل، ولأن هذه المناسبة درجت عليها العديد من الأساطير التي لا ترتبط بأصل غير أصلها التاريخي فالاحتفال بيانير اقترن أساسا بالأسطورة الشهيرة التي تقول أن شهر ''يناير'' قد طلب من شهر فبراير التخلي له عن أحد أيّامه بعد أن تحدّته إحدى العجائز الشمطاوات بالخروج مع عنزاتها الصغيرات لطهوطعامها خارج البيت، في عزّ برده وصقيعه ، فما كان منه إلا أن قال لعمه فبراير ''يا عم فبراير أعرني ليلة ونهارا، كي أقتل العجوز المتفوهة بالعار والتي أرادت أن تتحداني''. وكان له ذلك بتخلى فبراير عن يومين من عمره لصالح يناير الذي جمّد العجوز وعنزاتها، وإلى الآن يقول أجدادنا أنه توجد بمنطقة جرجرة صخرة تدعى ''صخرة العجوز والعنزات'' حيث بالنظر إلى تلك الصخرة الضخمة يمكن ملاحظة عجوزا تحلب معزاتها، وبقربها بعض صغار الماعز.. إلا أن هذا حسب المختصين الجيولوجيين ''صدفة جيولوجية'' لا غير مترتبة عن الطبيعة، ويتحدّث كثيرون عن ''خدعة في النظر'' لنتوء صخري طبيعي.. بين هذا أوذاك، المهم أن الأمازيغ احتفلوا بعام ,2959 وفق تقويمهم الخاص، سواءً صنعته سيوف ''شاشناق'' أوحماقة عجوز تحبّ التزلج على الجليد! وللإشارة يقدر عدد سكان الأمازيغ بنحو10 ملايين نسمة، يتوزعون على شكل قبائل تضم تيزي وزو، الشاوية، الطوارق في الصحراء، الإباضيين بوادي ميزاب وسط الجزائر، إضافة إلى سكان جبل شنوة أوما يعرف بالشلوح القاطنين غرب العاصمة.