* email * facebook * twitter * linkedin أكد المشاركون في ندوة مخصّصة للوقاية من مرض انفصام الشخصية، وجود العديد من العراقيل التي تواجه مسألة التكفّل بهذا المرض بالجزائر، لاسيما في ما يخصّ عدد الأطباء الأخصائيين والمراكز المتخصّصة، علاوة على طبيعة المرض المعقدة. أوضح المدير الفرعي لترقية الصحة العقلية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات الأستاذ محمد شكالي، أنّ التوجّه العالمي لتطوّر مرض انفصام الشخصية يقدّر ب 1 بالمائة من مجموع السكان، مشيرا إلى أنّ الجزائر تحصي قرابة ألف طبيب أخصائي في الأمراض العقلية، وهذا العدد من الأطباء النفسانيين يتكفّل بتوفير المتابعة الطبية لقرابة 42 ألف مريض على المستوى الوطني. من جهة أخرى، أعرب الأستاذ محمد شكالي عن أسفه ل "العجز" المسجّل من حيث عدد الأسرّة الذي يبلغ حاليا 5 آلاف سرير على مستوى المنشآت الصحية، وهو لا يصل إلى مستوى الاحتياجات، مشيرا إلى أهمية التكوين المتخصص أمام مرض يحتاج إلى "استمرارية وإعادة التوازن" في العلاج؛ سواء في المستشفيات أو في العيادات الخارجية. وفي هذا السياق، دعا المسؤول إلى "تطبيع" اللجوء إلى العلاج بالصدمات الكهربائية، مشددا على ضرورة احترام حقوق الإنسان طالما أنّه ثبت أنه لا يتم احترام العلاج بهذه الطريقة بشكل سليم على مستوى مصالح الصحة العقلية. كما تطرّق الأستاذ شكالي لمسألة عدم تطبيق النصوص التنظيمية، داعيا إلى ضرورة مد "جسور" بين القطاعين العام والخاص، وتحسيس المجتمع من أجل تحقيق "معرفة أفضل" بهذا المرض، الذي تحوم حوله "طابوهات"، والذي هو عرضة ل "التمييز". وأوصى نفس المسؤول "بتعزيز تعددية القطاعات"؛ كون هذا المرض يخصّ العديد من القطاعات المعنية، على غرار التربية الوطنية والتضامن الوطني، وتطبيق النصوص التنظيمية المتعلقة بالتكفل بهذا المرض. وختم الأستاذ شكالي يقول إنّ "هذا المرض مرهق للغاية، كما أنّه يشكّل إعاقة بالنسبة للمريض؛ كونه لا يرغب في التداوي، ما يجعل الأمر أكثر تعقيدا". من جهته، اعتبر الطبيب الأخصائي في الأمراض العقلية الأستاذ فريد كاشة، أنّ صعوبة هذا المرض تكمن في "صعوبة تحديد أعراضه من طرف الطبيب"، وبالتالي فإنّ المريض يواجه "خللا في إدراك الحقيقة"، مشددا على ضرورة إعطائه "علاجا" من أجل استعادة توازنه. وفي هذا السياق، تطرّق الأستاذ كاشة لأهمية تقرب الأولياء من أبنائهم منذ الصغر؛ من أجل الكشف عن أعراض هذا المرض، موضّحا أن الأدوية الموجّهة للمرضى الذين يعانون من انفصام الشخصية، ليس لها علاقة بالأدوية التي يتعاطاها مدمنو المخدرات. ومن جهتها، ركزت رئيسة جمعية أولياء وأصدقاء المرضى العقليين السيدة سليمة خير الدين في مداخلتها، على البعد الاجتماعي للمريض، الذي يواجه التكفل به عائق هشاشة العديد من العائلات، واصفة المساعدة المالية الممنوحة للمرضى ب "الضئيلة"، وموضّحة أن الجمعية التي تأسست سنة 2000 بالجزائر العاصمة، تسعى على قدر استطاعتها وبدون أي إعانات من الدولة وبتبرعات الآخرين، إلى التوجه نحو المرضى، والذين منهم الكثيرون غير مصرح بهم بسبب "طابو الخجل" الذي يصاحب كل مرض عقلي، كاشفة أن جمعيتها تضم أكثر من 500 عضو. كما دعت إلى "تحسيس" الأولياء والمرضى أنفسهم، بمعرفة أفضل بالمرض، ليتقبل الأولياء معالجة أبنائهم المرضى، مؤكدة أنه كلما تأخر العلاج كان التكفل الطبي أكثر تكلفة. وتابعت تقول إنّ ذلك "مكلّف جدا اقتصاديا"، علما أنّ المدة الأدنى للمكوث في المستشفى تتراوح بين 4 و5 أشهر في فترة اشتداد حدة المرض. وبعدما أعربت عن سرورها بالقرار المتخذ في 2002 بإنشاء مراكز وسيطة مخصّصة للصحة العقلية عبر التراب الوطني، تأسفت لكون المركز الوحيد في الجزائر العاصمة، يقع في بوشاوي، "والذي يعمل فعليا"، كاشفة أنّ المؤسسة تتكفّل بالمرضى على صعيد العلاج النفساني" في الوسط الاستشفائي. وقد ضم ّهذا اللقاء الذي يُعدّ الأول من نوعه، أخصائيين جزائريين وأجانب، إلى جانب مرضى وأوليائهم. وسمح للمشاركين بالتمكّن من صفات وكيفيات التكفّل بالمرض، خاصة في ما يتعلّق بالعلاجات الجديدة المدرجة على الصعيد الدولي. والانفصام اضطراب عقلي حاد ومزمن ينتمي لصنف الاضطرابات النفسية التي تظهر عموما في بداية سن البلوغ (بين حوالي 15 و20 سنة)، وبنفس النسبة عند النساء والرجال، وتتعلّق أعراضه بثلاثة محاور، هي عدم الانتظام والانفصال وهذيان الانفصام، وكذا الأعراض العاجزة أو السلبية؛ كالانطواء على الذات، وعدم الاكتراث، وانخفاض قدرات التفكير والكلام والتصرف.