أكد المشاركون في ندوة مخصصة للوقاية من مرض انفصام الشخصية، وجود العديد من العراقيل التي تواجه مسألة التكفل بهذا المرض بالجزائر لاسيما فيما يخص عدد الأطباء المختصين والمراكز المختصة، علاوة على طبيعة المرض المعقدة. وأوضح المدير الفرعي لترقية الصحة العقلية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، الأستاذ محمد شكالي، ان التوجه العالمي لتطور مرض انفصام الشخصية يقدر ب1 بالمئة من مجموع السكان، مشيرا الى ان الجزائر تحصي قرابة الف طبيب مختص في الامراض العقلية وهذا العدد من الاطباء النفسانيين الذي يتكفلون بتوفير المتابعة الطبية لقرابة 42.000 مريض على المستوى الوطني. ومن جهة اخرى، اعرب الأستاذ محمد شكالي عن اسفه من العجز المسجل من حيث عدد الأسرة والذي يبلغ عددها حاليا ال5000 سرير على مستوى المنشآت الصحية والذي لا يصل الى مستوى الاحتياجات، مشيرا الى اهمية التكوين المتخصص امام مرض يحتاج الى استمرارية واعادة التوازن في العلاج، سواء في المستشفيات او في العيادات الخارجية. وفي هذا السياق، دعا ذات المسؤول الى تطبيع اللجوء الى العلاج بالصدمات الكهربائية، مشددا على ضرورة احترام حقوق الانسان طالما انه ثبت انه لا يتم احترام العلاج بهذه الطريقة بشكل سليم على مستوى مصالح الصحة العقلية. كما تطرق الأستاذ شكالي الى مسألة عدم تطبيق النصوص التنظيمية، داعيا الى ضرورة مد جسور بين القطاع العام والخاص وتحسيس المجتمع من اجل تحقيق معرفة افضل لهذا المرض الذي تحوم حوله طابوهات والذي هو عرضة للتمييز. وأوصى ذات المسؤول بتعزيز تعددية القطاعات، كون هذا المرض يخص العديد من القطاعات المعنية، على غرار التربية الوطنية والتضامن الوطني وكذا تطبيق النصوص التنظيمية المتعلقة بالتكفل بهذا المرض. وختم الأستاذ شكالي بالقول، ان هذا المرض مرهق للغاية كما انه يشكل اعاقة بالنسبة للمريض، كون هذا الاخير لا يرغب في التداوي، مما يجعل الامر اكثر تعقيدا. ومن جهته، اعتبر الطبيب المختص في الامراض العقلية، الاستاذ فريد كاشة، ان صعوبة هذا المرض تكمن في صعوبة تحديد اعراضه من طرف الطبيب، وبالتالي فان المريض يواجه خللا في ادراك الحقيقة، مشددا على ضرورة اعطاءه علاجا من اجل استعادة توازنه. وفي هذا السياق، تطرق الاستاذ كاشة الى أهمية تقرب الاولياء من ابنائهم منذ الصغر وهذا من اجل الكشف عن اعراض هذا المرض، موضحا ان الأدوية الموجهة للمرضى الذين يعانون من انفصام الشخصية ليست لها علاقة بالأدوية التي يتعاطاها مدمني المخدرات. وركزت رئيسة جمعية أولياء وأصدقاء المرضى العقليين، سليمة خير الدين، في مداخلتها، على البعد الاجتماعي للمريض والذي يواجه التكلف به عائق هشاشة العديد من العائلات، واصفة المساعدة المالية الممنوحة للمرضى بالضئيلة. وأوضحت خير الدين، أن الجمعية التي تأسست سنة 2000 بالجزائر العاصمة، تسعى على قدر استطاعتها ودون أية إعانات من الدولة وبتبرعات الآخرين إلى التوجه نحو المرضى والذين منهم الكثير غير مصرح بهم بسبب طابو الخجل التي تصاحب كل مرض عقلي، كاشفة أن جمعيتها تضم أكثر من 500 عضو. كما دعت إلى تحسيس الأولياء والمرضى أنفسهم لمعرفة أفضل للمرض وليتقبل الأولياء معالجة أبنائهم المرضى، مؤكدة أنه كلما تأخر العلاج كان التكفل الطبي أكثر تكلفة. وتابعت تقول أن ذلك مكلف جدا اقتصاديا، علما أن المدة الأدنى للمكوث في المستشفى تتراوح بين 4 و5 شهرا في فترة اشتداد حدة المرض. وبعدما أعربت عن سرورها للقرار المتخذ في 2002 بإنشاء مراكز وسيطة مخصصة للصحة العقلية عبر التراب الوطني، تأسفت لكون المركز الوحيد في الجزائر العاصمة يقع في بوشاوي والذي يعمل فعليا، كاشفة أن المؤسسة تتكفل بالمرضى على صعيد العلاج النفساني في الوسط الاستشفائي.