* email * facebook * twitter * linkedin قررت قوى التغيير والحرية التي تقود الحراك الشعبي في السودان أمس، إلغاء العصيان المدني الذي دعت إلى تنظيمه يوم 14 جويلية الجاري بعد توصلها إلى اتفاق مع قيادة المجلس العسكري الانتقالي الذي ضبط الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية وتركيبة المجلس السيادي الذي سيقودها. وأكد أحمد ربيع العضو القيادي في حركة التغيير أن إلغاء العصيان والإضرابات هدفه فتح الطريق أمام تطبيق اتفاق أول أمس، الجمعة وبقناعة أن الدعوة إلى العصيان كانت بهدف الضغط على الجيش من أجل تسليم السلطة إلى هيئة مدنية. وبقدر ما ابتهج السودانيون بالاتفاق المتوصل إليه بين قطبي الأزمة السياسية في بلادهم، فإن أسئلة ملحة تفرض نفسها حول قدرة الجانبين في إيصال سفينة الخلاص السودانية إلى بر الأمان ووضع حد لحالة احتقان متواصل منذ اندلاع ثورة رغيف الخبز في الثامن عشر ديسمبر الماضي؟. وشكل توصل جنرالات الجيش وقيادات الحراك الشعبي إلى هذا الاتفاق الذي حدد آليات اقتسام حقائب المجلس السيادي والرئاسة الدورية بينهما بمثابة اختراق في القبضة الحديدية التي طبعت علاقة الطرفين منذ إزاحة الرئيس المخلوع عمر حسن البشير في الحادي عشر أفريل الماضي بعد حكم عمر لأكثر من 30 سنة. واحتكم الجانبان إلى لغة العقل من أجل تفادي الوقوع في فخ الحرب الأهلية التي عصفت بكثير من البلدان العربية بعد أن تكرس الشرخ بين شارع ثائر وسلطة رافضة لأي تنازل، ضمن مؤشرات برزت في السودان بداية الشهر الماضي عندما لجأت قوات الجيش والشرطة إلى استخدام الرصاص الحي ضد المحتجين مما خلف مقتل أكثر من 128 شخصا قبل أن يتم تدارك الوضع من خلال تغليب مصلحة السودان ووضعها فوق أي اعتبار. ولعبت الوساطة التي قام بها الوزير الأول الإثيوبي، آبي أحمد ورئاسة الاتحاد الإفريقي دورا محوريا في التقريب بين موقفي طرفي المعادلة السياسية السودانية، كللت بالاتفاق على تشكيل المجلس السيادي الذي ستوكل له مهمة الإشراف على المرحلة الانتقالية والتحضير لتنظيم الانتخابات العامة والرئاسية في البلاد. وقال وسيط الاتحاد الإفريقي، محمد الحسن لباط، إن الطرفين اتفقا على تشكيل مجلس سيادي يقوم المدنيون والعسكريون على تداول رئاسته على مدى الثلاث سنوات التي تستغرقها المرحلة الانتقالية. وقال إن العسكريين سيتولون إدارة المجلس خلال 18 شهرا الأولى من المرحلة الانتقالية على أن يتم تسليمها لشخصية مدنية إلى غاية انتهاء هذه المرحلة، حيث تم التفاهم على تشكيل الهيئة الانتقالية من ستة مدنيين وخمسة عسكريين. وقال لباط إن الاتفاق تم بين الجانبين أيضا على فتح تحقيق وطني دقيق وشفاف ومستقل حول كل الأحداث الدامية التي عرفتها البلاد خلال الأسابيع الأخيرة، في إشارة إلى عملية إطلاق النار التي تعرض لها المعتصمون أمام مقر قيادة الجيش في الثالث جوان الماضي وخلفت مقتل 128شخصا. وقال الجنرال محمد حمدان داغلو العضو القيادي في المجلس العسكري الانتقالي إن هذا الأخير يريد أن يوجه رسائل طمأنة باتجاه كل القوى السياسية وكل الذين شاركوا في عملية التغيير، على أن الاتفاق سيكون متكاملا ولن يستثني أي شخص وسيلبي طموحات كل القوى الشعبية في البلاد. وفي محاولة لتأكيد حسن النية وتهدئة النفوس، قام المجلس العسكري أمس، بإطلاق سراح 235 معتقلا من عناصر جماعة متمردة في إقليم دارفور ممن شاركت في مفاوضات قوى التغيير والحرية كانوا في سجن مدينة أم درمان. واستقبل السودانيون بفرحة عارمة الاتفاق، حيث خرج الآلاف منهم إلى شوارع مختلف مدن البلاد للتعبير عن مشاعرهم بعد أن اعتبروا أن اتفاق فجر الجمعة شكل أول خطوة لوضع السودان على سكة الخروج من حالة الانسداد التي عاشها منذ نهاية العام ا لماضي. كما لقي الاتفاق ترحيبا دوليا واسعا، أكدت مختلف العواصم على ارتياحها لهذا الإنجاز الذي سيجنب هذا البلد الانزلاق في متاهة الفوضى واللااستقرار.