تلقى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، دعوة من الرئيس الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي لزيارة فرنسا السنة المقبلة، وأشاد الرئيس الفرنسي في رسالة شكر بعث بها للرئيس بوتفليقة بمستوى التعاون الثنائي بين البلدين لاسيما بعد الزيارة التي قام مؤخرا إلى الجزائر· وفي هذا الصدد أعرب الرئيس ساركوزي عن "تشكراته الخالصة" لحفاوة الاستقبال الذي خص به خلال زيارة الدولة التي قام بها للجزائر من 3 إلى 5 ديسمبر 2007 وخصوصا في قسنطينة· فقد أثبتت هذه الزيارة يضيف الرئيس الفرنسي بشكل بارز قوة الشراكة المتميزة التي نتطلع إليها لصالح بلدينا وأنه "بنينا خلال هذه الزيارة ما يخدم مصلحة بلدينا ومواطنينا لكن يبقى أمامنا عمل كبير لابد من القيام به من هذا الجانب وذاك فيما يخص المسائل التي لا تزال تفصل بيننا لكنني أعقتد أننا حققنا تقدما خلال هذه الأيام الثلاثة"· ومن باب التفاؤل لإرساء تعاون فعّال قال الرئيس الفرنسي أنه بإمكان العلاقة بين البلدين "أن تستند من الآن فصاعدا إلى عنصرين مهيكلين، اتفاقية الشراكة وهي وثيقة فريدة من نوعها والتي تصحبها مشاريع ملموسة والشراكة الطاقوية بشقيها النووي والغازي"· وتابع الرئيس ساركوزي قائلا:"لقد تم أيضا التوقيع أو الإعلان عن عقود مهمة خلال زيارتي والتي ستسمح لمؤسساتنا بالمشاركة في برنامجكم الواسع المتعلق بالهياكل القاعدية وكذا الاستجابة لتطلعاتكم في مجال نقل التكنولوجيا والتكوين، فالأمر لا يتعلق إذن بمجرد عقود تجارية بحيث تم أيضا الإعلان عن مشاريع إستمثارية هامة"· غير أن الرئيس الفرنسي أقر بأن هناك من أفق التعاون ما يجب استغلاله من منطلق أن زيارته للجزائر لم تستنفد كافة القدرات الهائلة للعلاقات الثنائية، وفي هذا الصدد قال أنه ينبغي علينا بعث المشاريع التي سجلت بعد تقدم كبير والتي يمكننا استكمالها في الأسابيع القادمة على غرار اتفاق التعاون العسكري والبروتوكول المتعلق بالاستثمارات"، مضيفا أنه "فيما يخص المسائل المتعلقة بتنقل الأشخاص وشروط إقامة الجزائريين بفرنسا والفرنسيين بالجزائر طلبت بأن تتم إفادتكم باقتراحات في أقرب الآجال"· وللحفاظ على الدفع الذي أعطى للعلاقات القائمة بين البلدين اقترح الرئيس ساركوزي مواصلة تبادل الزيارات الوزارية، وفي هذا الصدد كشف عن زيارة مرتقبة للوزير الأول فرانسوا فيون للجزائر خلال سنة 2008 إلى جانب جان لوي بورلو وميشال بارنيي وبريس هورتوفو وميشال أليو ماري، كما رحب بقدوم وزراء جزائريين إلى فرنسا "خصوصا وزير المالي السيد كريم جودي الذي تنتظر كريستين لاغارد قدومه عن قريب"· وكانت زيارة الرئيس نيكولا ساركوزي للجزائر قد توجت بالتوقيع على خمسة اتفاقات وأربعة عقود تجارية تتعلق بالطاقة والثقافة والنقل بلغت قيمتها 5 ملايير دولار، شمل اتفاقان منها التأسيس لتعاون في مجال استعمال الطاقة النووية لأغراض مدنية سلمية، إعتبره العديد من المتتبعين بمثابة سابقة في العلاقات الفرنسية مع العالم العربي· وأهم ما ميزت زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر هو إقدامه في خطوة سياسية كبيرة وشجاعة على إدانة رسمية لكل أشكال الإستعمار وذلك بدعوة المؤرخين وأهل الاختصاص من الضفتين للقيام بعمل مشترك يتناول الصفحة التاريخية بشكل معمق ويفضي إلى تصفية الأجواء وتنقيتها من أمام مستقبل العلاقات ورغم أن الرئيس ساركوزي تفادى تقديم الاعتذار الذي يبقى مطلبا رسميا وشعبيا للجزائريين الذين ذاقوا ويلات النظام الإستعماري الفرنسي، فقد تجرأ ولأول مرة في تاريخ الرؤساء الفرنسيين ووصف النظام الإستعماري بالمجحف والجائر والمناقض للمبادئ السامية للجمهورية الفرنسية·