* email * facebook * twitter * linkedin دعا أساتذة مؤرخون وشخصيات من المجتمع المدني أمس، إلى ضرورة إيلاء أهمية كبيرة لمسألة الذاكرة الوطنية، الدستور الجديد من أجل حمايتها ومنع تشويهها، مطالبين رئيس الجمهورية بدسترة المجلس الأعلى للذاكرة والحرص على تنصيبه من أجل حماية الذاكرة الوطنية وتعريف الأجيال بتاريخ بلادهم، وحمايته من النسيان والتشويه. كما أكدوا ضرورة أن ينص الدستور الجديد على تجريم كل محاولات المساس برموز الثورة والذاكرة. وأكد مختصون في التاريخ ومجاهدون وممثلون عن المجتمع المدني خلال الندوة التي نظمتها جمعية "مشعل الشهيد" أمس، بمنتدى جريدة "المجاهد" على ضرورة حماية الذاكرة الوطنية وتحصينها والحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة، بعد تسجيل محاولات المساس برموز الثورة وتاريخها في المدة الأخيرة، ومحاولات المستعمر الفرنسي إخفاء الحقائق والتستر عن جرائمه بإخفاء الأرشيف بعرض إدخال هذه الحقائق في دائرة النسيان، على حد تعبير المجاهد صالح لعوير. ودعا منشطو الندوة، اللجنة التي نصبها رئيس الجمهورية لإعداد مسودة الدستور الجديد إلى أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار، وإعطائه الأهمية التي يستحقها، حيث شدد السيد محمد طاهر ديلمي ممثل عن المجتمع المدني، في قراءته للتوصيات التي خرجت بها الندوة، على ضرورة الإسراع في تنصيب المجلس الأعلى للذاكرة الذي نص عليه قانون المجاهد والشهيد منذ سنوات ولم يتم تنصيبه إلى اليوم، ملحا على ضرورة دسترة قرار تنصيب هذا المجلس حتى يصبح عمليا ويؤدي مهامه في مجال التعريف بالتاريخ ونقل شهادات المجاهدين التي جمعت منذ الاستقلال ونقلها للأجيال القادمة. كما طالب المتدخل، المكلفين بإعداد الدستور الجديد بإدراج مواد تجرم كل محاولات المساس بالذاكرة ورموز الثورة، وتجريم الاستعمار الذي مارس إبادات جماعية في حق الشعب الجزائري. وتضمنت التوصيات أيضا، إدخال مواضيع ومواد مفصلة حول التاريخ في المنظومة التربوية واستغلال الإعلام لتقديم المواضيع المتعلقة بالذاكرة والهوية. في هذا السياق، طالب المتدخلون باستحداث قناة تلفزيونية تعنى بالتاريخ، تكون عبارة عن قناة وثائقية تبث روبورتاجات وشهادات لمجاهدين ولمن عايشوا الثورة. من جهته، أشار الدكتور سعيد مقدم، رئيس المجلس الاستشاري لاتحاد المغرب العربي إلى أن رئيس الجمهورية حث اللجنة التي نصبها لإعداد الدستور، على عدم المساس بالهوية والثوابت الوطنية المتعلقة بالذاكرة. وإذ قدر بأن الاهتمام بالذاكرة يعني دسترتها وعدم المساس برموز الثورة، عبر عن استيائه للتجاوزات التي باتت تسجل في الآونة الأخيرة، بتخوين بعض رموز الثورة ومحاولة تشويه نضالهم، مشددا على ضرورة وضع حد لهذه التجاوزات بسن نصوص قانونية تعاقب كل من يتطاول على تاريخ الثورة ورموزها. كما يرى السيد مقدم أن الدستور الجديد مطالب بإعادة الاعتبار لتاريخ الجزائر وحماية الذاكرة الوطنية "بعد الابتعاد كثيرا عنها وإهمال البرامج التربوية لمادة التاريخ"، مشيرا إلى أن إعادة الاعتبار للتاريخ وتعريف الجيل الصاعد به، سيحصن البلد من العديد من محاولات المساس به، ويسمح ببناء مواطنة تعمل على ترقية الوطن الذي ضحى من أجله الشهداء والمجاهدون. وأضاف أن حفظ الذاكرة تبقى مسؤولية المؤرخين للابتعاد عن ما أسماه بسموم التفرقة والقذف والإساءة لرموز الثورة، مبرزا في نفس السياق ضرورة أن تتم كتابة التاريخ بأقلام جزائرية محايدة تتميز بالطابع الأكاديمي المحترم لإضفاء طابع المصداقية والابتعاد عن الأفكار المغلوطة التي تروج لها بعض المصادر الأجنبية. كما دعا القائمين على قطاع الثقافة إلى تشجيع المختصين على إنتاج أفلام وكتابة سيناريوهات حول الثورة التحريرية، تبرز المقومات والثوابت الوطنية، "مثلما تقوم به كبريات الدول الرائدة في مجال السينما، كالولايات المتحدةالأمريكية التي تحرص على إظهار علمها الوطني في كل أفلامها مهما كانت القصص التي تتحدث عنها". وأضاف مقدم أنه، إلى جانب دسترة بعض الأمور، فإن المجتمع المدني، له مسؤولية في غرس الروح الوطنية لدى الأجيال على غرار الكشافة الإسلامية الجزائرية المطالبة بترسيخ ثقافة التعايش والتعريف بالتاريخ. وطالب المتدخلون في الندوة أيضا بإقامة معالم تاريخية لرموز الثورة، وتغيير تسمية مقابر الشهداء باسم "رياض الشهداء"، وكذا مواصلة إطلاق أسماء الشهداء ورموز الثورة على الأحياء والمرافق الجديدة مباشرة بعد استلامها، حتى يتعود الناس على هذه الأسماء. وأكدت المحامية المهتمة بالتاريخ فاطمة الزهراء بن ابراهم أن تصريحات رئيس الجمهورية توحي بوجود "إرادة بأفعال سياسية وقانونية لحفظ الذاكرة واسترجاع الأرشيف"، مضيفة أن استرجاع الأرشيف وجعل وثائق التاريخ في متناول المواطن حق لتعريفه بتاريخ بلده. كما أبرزت دور السياسيين والمؤرخين في استرجاع الأرشيف من أجل حفظ الذاكرة التي تحاول فرنسا إدخالها في دائرة النسيان، مستدلة بتصريحات الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الذي قال إن "الجزائر يجب أن تطوي صفحة الماضي، وتنظر إلى الأمام لبناء المستقبل بإقامة علاقات تعاون وصداقة".