سعت الدولة الجزائرية جاهدة للاهتمام بشريحة المعاقين، فبعد أن كانت حقوق المعاق عبارة عن مجموعة من التدابير وإجراءات غير منظمة، تم التفكير وبصورة جدية في إعطاء المعاق الحق الكامل في الاطلاع على كل ما يعنيه من خلال تجميع كل المراسيم والتدابير التي تعنى بحقوق المعاق ضمن قانون صدر في 8 ماي سنة 2002 تحت رقم 02 - 09 تضمن 39 مادة، ويكمن الهدف الأساسي من وراء هذا القانون في تنظيم وحماية وترقية وتوضيح كل ما يخص حياة المعاق، ويعد هذا الانجاز أحد أهم المكاسب التي حظي بها المعاق، ناهيك عن جملة من المكاسب الأخرى في مجال التكفل الاجتماعي والتشغيل والتكوين المهني والتعليم وحتى النقل. كشفت كل من السيدة ليلى الفياض أخصائية نفسانية بمديرية النشاط الاجتماعي لوزارة التضامن والسيدة نادية زعيط مكلفة بالدراسات بمقر الوزارة ل»المساء« عن أهم الإنجازات التي قامت بها وزارة التضامن والأسرة والجالية الجزائرية بالخارج من أجل مساعدة المعاق على الاندماج في المجتمع وجعله عضوا فعالا ومفيدا في بناء المجتمع، وأهم هذه الانجازات هي: التكفل المبكر بالمعاق يعد التكفل المبكر بالمعاق أحد أهم الأساليب التي يتسنى من خلالها الحد أو التخفيف من الإعاقة التي تلحق بالطفل، أو على الأقل إعداد فريق طبي يتولى مهمة متابعة هذا الطفل المعاق، وتحديد المركز المعني بضرورة متابعته، وعليه يكمن الهدف من التكفل المبكر في العمل على توعية العائلات التي ترزق بطفل معاق بالطريقة التي من المفروض أن يعامل بها، بحيث يتولى أخصائيون مهمة تقديم نصائح حول طريقة التعامل معه بناء على نوع إعاقته، إلى جانب توضيح ما يتمتع به من حقوق، إذ أنه من المستحيل أن يظل أي طفل معاق دون تكفل، ولهذا الغرض سعت وزارة التضامن إلى استحداث جهاز يسمى ب"وسيط الحياة المدرسية" والذي هو في طور الانجاز، إذ يتكون من مجموعة من الاخصائيين يتنقلون إلى العائلات التي تقيم بالمناطق النائية، والتي لا تعرف أصلا كيفية التعامل مع المعاق، وفي هذا الخصوص يتعامل المختص مع المعاق والعائلة من أجل مساعدتهما على تحديد السبل الصحية لتربية المعاق. الإدماج المدرسي من منطلق أن لكل طفل الحق في التعليم سعت وزارة التضامن إلى العمل على تمكين المعاق من التحصيل الدراسي وذلك في إطار العمل المشترك مع قطاع التربية، بحيث يستفيد الأشخاص المعوقون من التعلم في المؤسسات المتخصصة التابعة لوزارة التضامن، كمدارس صغار المكفوفين ومدارس صغار الصم، إلى جانب المراكز البيداغوجية للأطفال المعوقين ذهنيا، في حين يستفيد الأشخاص المعاقون حسيا أي الذين يعانون من ضعف في السمع أو البصر والمكفوفين من التمدرس بالمؤسسات التابعة لقطاع التربية الوطنية، وفي هذا الخصوص ومن أجل مساعدة المعاق على الاندماج في المجتمع تم العمل على تحديد نوعين من الاندماج المدرسي، الاندماج الكلي، بحيث يتمكن الطفل المعاق من التمدرس مع أطفال عاديين بمدارس عادية على أن لا يتجاوز عددهم ثلاثة تلاميذ بالقسم الواحد، أما الاندماج الجزئي وهو إنشاء أقسام خاصة بالمعاقين داخل مدارس عادية، وذلك حتى يحتكوا ببعضهم البعض على أن لا يتجاوز عددهم ثمانية أطفال، إذ نص المنشور الوزاري المشترك والمؤرخ في 3 ديسمبر 2002 والمتعلق بالأقسام الخاصة بالأطفال ضعيفي الحواس على ضمان تأطير هذه الأقسام من طرف مختصين في علم النفس وأساتذة ومعلمين ومربين مكونين تعدهم فرقة تقنية تابعة لوزارة التضامن الوطني، وقد كشفت آخر الإحصائيات على أنه تم خلال السنة الدراسية 2007 و2008 إدماج ألف و33 طفلا على مستوى 24 ولاية من ذوي الإعاقة السمعية البصرية بمدارس عادية بالاتفاق مع وزارة التربية، والعمل جارٍ من أجل توسيع دائرة الإدماج بالأقسام العادية، ولعل من أهم الانجازات في هذا المجال أيضا العمل على إنشاء لجنة ولائية مكلفة بالتوجيه المدرسي والمهني حسب نوع الإعاقة بناء على ما جاء بالمرسوم التنفيذي المؤرخ في الثامن أكتوبر 2003، هذا دون أن نسى الجهود المبذولة من أجل تمكين المعاق من الحصول على كتب خاصة بالمكفوفين، بحيث يعاد طبع الكتب بطريقة "البراي" وإعداد مكتبات خاصة بهذه الشريحة، وتمكين الممتحن من الاطلاع على نص سؤاله دون مساعدة، إلى جانب العمل على توفير الإعلام الآلي والانترنت للمعاق من خلال تكييف الجهاز بناء على نوعية الإعاقة. التكوين المهني للمعاق إلى جانب الأقسام الخاصة بشريحة المعاقين والموزعة بمراكز التكوين المهني تم إنشاء خمسة مراكز للتكوين المهني خاصة بالمعوقين فقط، موزعة عبر كامل التراب الوطني وذلك بالتعاون بين قطاعي التعليم والتكوين المهني، وتضم العديد من الاختصاصات المتنوعة كالنجارة والطرز والإعلام الآلي وموزع الهاتف، وغيرها من الاختصاصات، ويعمل القطاع على إدراج تخصصات جديدة تهم المعاق، بعضها يتم إعادة إحيائه كونه قد اندثر، والبعض الآخر يعد من التخصصات الجديدة، ولتمكين المعاق من الاندماج فقد تم العمل على استحداث أقسام في مراكز التكوين المهني العادية خاصة بالمعاقين، إلى جانب إدماج المعوقين مع الأشخاص العاديين بقسم واحد، وعلى العموم فإن إحصائيات 2008 تكشف عن استفادة 2213 معاقا من التكوين المهني والتمهين عبر 48 ولاية، وهو رقم حسب السيدة نادية زعيط يدل على ارتفاع عدد المدمجين في قطاع التكوين، وتعد المزارع البيداغوجية واحدة من أهم الحلول المقترحة والمجسدة على ارض الواقع من أجل متابعة التكفل بالمعاقين لا سيما المتخلفين ذهنيا بعد بلوغهم سن 18 سنة، حيث يلزمون على مغادرة المراكز، وتم اقتراح المزرعة البيداغوجية والتي هي عبارة عن مساحات كبيرة يمارس فيها المعاق بعض النشاطات التي لا تتطلب جهدا فكريا مثل تربية النحل و تربية المواشي، وكانت المزارع البيداغوجية موجودة ولكن في إطار غير قانوني، وعليه عملت وزارة التضامن على إعطائها هذا الإطار، وقد أثبتت التجربة التي تم القيام بها مؤخرا بتلمسان مدى نجاحها، ويجري العمل على توسيعها بمناطق أخرى من الوطن مثل بسكرة، ليصبح لدى لمعاق فضاء يحميه من الشارع بعد بلوغه سن 18 سنة ويقوي علاقته مع المحيط الخارجي. منحة لكل معاق بالرجوع إلى قانون 02 - 09 الذي ينص بصورة واضحة على أن لكل معاق الحق الكامل في المنحة التي يستفيد منها شهريا إذا كانت نسبة إعاقته 100 بالمئة وحاملا لبطاقة المعاق وعديم الدخل، في حين تمنح علاوات مالية تقدر ب 1000دج لمن تقل إعاقته عن 100 بالمئة، ومع هذا فقد تم الرفع أيضا من هذا المبلغ إلى 3000 دج والذي يدخل ضمن المساعدة المالية التي خصت بها الدولة الأشخاص المعوزين من شريحة المعاقين، والتي تسمى "بالمنحة الجزافية للتضامن"، إلى جانب أيضا العائلات التي يتكون أفراد أسرتها من عدة معاقين تشملها هذه المساعدة، وقد شهدت منحة المعاق بموجب المرسوم التنفيذي رقم 03 - 45 المؤرخ في جانفي 2003 والذي جاء لتحديد كيفيات تطبيق المادة 7 من القانون 02 - 09 المؤرخ في ماي 2002 والمتعلق بحماية وترقية الأشخاص المعوقين، زيادة تخص الأشخاص المعوقين بنسبة 100 بالمئة تقدر ب 1000دج وذلك ابتداء من جويلية 2007 . من جهة أخرى تؤكد محدثتنا أن المشكل المطروح لدى المعاقين فيما يخص عدم استلام المنحة في آجالها المحددة أمر لا يخص الوزارة، لأن الأمر يتعلق بطول الإجراءات التي تحول دون إمكانية قبضها في وقتها، وأن الوزارة تعد المبالغ وترسلها دوما في مواعيدها. وشددت السيدة ليلى فياض مختصة في علم النفس بالوزارة على أن وزارة التضامن تستغل أي فرصة تتاح لها من أجل المطالبة بالرفع من منحة المعاق، باعتبار أنها ما يثير اهتمام المعاق أكثر، والدليل على ذلك أن وزارة التضامن رفعت أيضا في أول فرصة منحة المكفوف من 1000دج إلى 4000 دج. مجانية النقل والتشغيل لفائدة المعاق عند الحديث عن النقل بكل أنواعه البري وعن طريق السكك الحديدية والجوي العمومي، فإنه يجدر التذكير بأن المعاق يحظى بامتياز خاص يتمثل في مجانية التنقل أو الاستفادة من تخفيض بنسبة 50 بالمئة إذا كانت الإعاقة أقل من 100 بالمئة، حتى أن المرافق للمعاق إذا تنقل عن طريق الجو يستفيد من تخفيض في ثمن التذكرة بنسبة 50 بالمئة إذا كانت نسبة الإعاقة 100 بالمئة، وهو ما جاء به المرسوم التنفيذي 06 - 144 المؤرخ في 2006، والذي طبق ميدانيا منذ جويلية 2008 بموجب اتفاقية مع الخطوط الجوية الجزائرية. ويعد تشغيل المعاق أحد الملفات الأكثر صعوبة وحساسية، إذ أن كل المؤسسات ترفض تشغيل هذه الشريحة، ولوضع حد لهذه المشكلة تم التفكير في اعتماد بعض الإجراءات الكفيلة بتشغيل المعاق والمتمثلة في تطبيق إعفاءات ضريبية لصالح المؤسسات التي توظف معاقين، حيث يتم تخفيض الحصة المدفوعة من طرف أرباب العمل في إطار الاشتراكات الاجتماعية بنسبة 50 بالمئة عند توظيف كل شخص معاق، هذا دون أن ننسى أن الشخص المعوق يستفيد من التأمينات الاجتماعية مهما كانت إعاقته، إلى جانب هذا تم بموجب مرسوم 08 - 83 المؤرخ بمارس 2008 تحديد شروط إنشاء مؤسسات العمل المحمي وتنظيمها وتسييرها، إذ يتم إدماج الأشخاص المعوقين من الذين لديهم قدرات كافية لممارسة أي نشاط مهني مأجور يلائم إعاقته. هذه المؤسسات في حد ذاتها تحوي على نمطين ورشات محمية، ومراكز توزيع العمل في المنزل، وهذا يلائم الأشخاص الذين يصعب عليهم التنقل إلى أماكن العمل. أما فيما يخص تسهيل وصول الأشخاص المعاقين وتنقلهم إلى المحيط المادي مثل العمارات والمحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والذي جاء به مرسوم رقم 06 - 455 المؤرخ في 2006 فقد تم إنشاء لجنة تعمل على إزالة العوائق بالاشتراك مع العديد من القطاعات المعنية، هذه اللجنة التي اجتمعت عدة مرات وخرجت بتقرير شامل يدور حول وجوب تكوين ثلاث لجان فرعية تخص تسهيل الوصول إلى المحيط المبني من خلال مثلا تكييف العمارات والمباني وفقا لمتطلبات المعاق وفي هذا الخصوص هناك مرسوم تنفيذي قيد الإمضاء يمكن المعاق بنسبة 100 بالمئة من الاستفادة عند شراء سكن اجتماعي أو كرائه من تخفيض بنسبة 50 بالمئة.