تنطلق اليوم بمنتجع شرم الشيخ المصري ندوة الدول المانحة لإعادة إعمار قطاع غزة في مسعى لإيجاد تمويلات ضخمة تكون كافية لتهيئة البنى التحتية الفلسطينية التي دمرها العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.ويشارك في هذه الندوة التي دعت إليها عدة دول إقليمية رؤوساء ووزراء خارجية خمسة وسبعين دولة مانحة لبحث آليات إعادة اعمار القطاع الذي دمرت بناه التحتية بنسبة فاقت 70 بالمئة. ويتعين على المشاركين في هذه الندوة إيجاد ما يفوق ثلاث مليارات دولار لإعادة تأهيل البنايات ومساكن المواطنين الفلسطينيين والبنى التحتية التي انهارت بصفة تكاد تكون كلية في مدن وقرى القطاع التي دكتها آلة الدمار الإسرائيلية طيلة ثلاثة أسابيع من القصف الجوي الاسرائيلي. وكان قطاع غزة ولأول مرة منذ أكثر من سنتين محل زيارات لعدد من المسؤولين الأوروبيين الذين عاينوا بأم أعينهم حجم هول الدمار الذي لحق المدنيين الفلسطينيين من دولة مازالت تحظى بتأييد كل الدول الأوروبية بل أن ذلك هو الذي شجعها على اقتراف تلك المجازر التي فاقت في بشاعتها هول المذابح النازية. وبقيت المدارس والمستشفيات والمساجد والجامعات ومنازل المدنيين ومزارع الفلاحين الفلسطينيين شاهدة لمن شكك في هول الكارثة من هذه الدول المانحة دون الإشارة إلى البنى التحتية وشبكات الصرف والكهرباء والماء التي دمرت عن أخرها وأصبحت تنذر بكارثة صحية وإنسانية. وأكدت السلطة الفلسطينية على لسان وزيرها الأول سلام فياض أنها في حاجة إلى مبلغ 2.8 مليار دولار لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب الإسرائيلية. وأكد فياض ان الهدف من مخطط الإصلاح الذي سيعرض على ممثلي الدول المانحة يهدف إلى تحسين أداء الاقتصاد الفلسطيني بالإضافة إلى إعادة الاوضاع إلى سابق عهدها. وقال أن عمليات القصف الإسرائيلية خلفت تدمير 5 آلاف منزل وإلحاق أضرار بليغة بأكثر من 20 ألف منزل آخر قدرت خسائرها بحوالي 500 مليون دولار دون الحديث عن مبلغ 150 مليون دولار خسائر التي لحقت البنى التحتية و120 مليون دولار التي لحقت المقرات الأمنية و55 مليون دولار للاضرار التي ضربت الجامعات والمدارس والمستشفيات. وبعد ستة أسابيع من ذلك العدوان الاجرامي فإن الاشكالية التي ستواجه عملية الأعمار تبقى الجهة التي ستوكل لها عملية الإشراف على هذه الملايير التي ستدفع الدول العربية القسط الأكبر منها على خلفية الصراع السياسي الحاد بين حركتي فتح وحماس. فبينما تريد الأولى الانفراد بعملية توجيه أموال المساعدات تصر الثانية على أن تبقى الطرف الأول للقيام بهذه العملية بحكم أنها سيدة الموقف الميداني ولا يمكن لأية عملية إعمار أن تتم من دونها. كما أن العملية تواجه عراقيل عملية بعد أن تمسكت إسرائيل بموقفها الرافض لإعادة فتح المعابر للسماح لمواد البناء الضخمة والآليات التي سيتم بواسطتها إعادة اعمار ما دمرته الآلة العسكرية الإسرائيلية. وهي عراقيل ينتظر أن تزداد تعقيدا مع قدوم الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والذي اعتبر أن عملية الدمار التي شنتها القوات الإسرائيلية لم تكن كافية ويتعين مواصلتها إلى غاية القضاء عل حركة حماس. وستكون الندوة أيضا مناسبة للدول الكبرى المشاركة ومنها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة لإثارة عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وسيعقد أعضاء اللجنة على هامش هذه الندوة لقاء رباعيا تشارك فيه هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية في أول جولة لها إلى منطقة الشرق الأوسط ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وخافيير سولانا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي لبحث آليات تفعيل عملية السلام المتعثرة وخاصة بعد فوز اليمين المتطرف بقيادة الحكومة الإسرائيلية الجديدة. يذكر أن دولا عربية مثل العربية السعودية تعهدت بتقديم مبلغ 1.2 مليار دولار وقطر ب250 مليون دولار والجزائر ب200 مليون دولار والولاياتالمتحدة ب900 مليون دولار والاتحاد الأوربي ب554 مليون دولار. ولكن الاشكالية الأكبر التي يتعين على الدول الكبرى اثارتها تبقى إلزام اسرائيل بعدم تكرار مجازرها ضد الفلسطينيين وإلا فإننا سنكون في كل مرة أمام دمار اكبر وندوات أخرى لإعادة الاعمار وتدخل حينها كل المنطقة في متاهة لا نهاية لها بين العدوان وإعادة الاعمار.