يبدو أن صيف 2020 لن يمر مرور الكرام على بعض سكان بلديات تلمسان، أمام غياب قطرة ماء تبل عطشهم، أمام صمت المسؤولين المحليين وتقاعسهم عن إيجاد حلول جذرية لأزمة الماء، ماعدا بعض التدابير السطحية، على غرار توفير صهاريج لا تسمن ولا تغني من جوع، في وقت تصنف جميع الدراسات الهيدرولوكية تلمسان، على أنها ولاية مائية بامتياز. لما تحتويه من مياه جوفية صنف الكثير منها كمياه معدنية ذات جودة كبيرة، إلا أن العطش وشح الحنفيات يظل ملازما لاسمها ويوميات مواطنيها وزوارها، رغم الإمكانيات الكبيرة والعديد من العوامل الأخرى المساعدة على تزويد المواطنين بهذه المادة الحيوية. بلدية يغموراسن بدائرة الغزوات، تعتبر واحدة من البلديات التي تعيش هذه الأزمة في عز الصيف، منذ أكثر من 20 يوما، رغم تطمينات مسؤوليها التي لا أثر لها على أرض الواقع، فساعات التزويد تبقى غير كافية على الإطلاق، وأحيانا لا تتجاوز الساعة الواحدة مع تغير أوقات التزويد من فترة لأخرى، مما خلق أجواء عدم ارتياح تام وامتعاض مطلق لدى المواطنين، حيث يقطعون مسافات بعيدة لجلب المياه الصالحة للشرب من الينابيع والأودية، أو الاستنجاد بالصهاريج التي لا تقل مصاريفها عن 1000 دينار، ولا تكفي لحاجيات يومين، بسبب استغلال هذه المادة بكثرة تزامنا مع هذه المرحلة الحساسة، جراء وباء "كورونا"، إذ يستلزم فيها على الجميع التقيد بالإجراءات الاحترازية، وعلى رأسها التنظيف والتعقيم. قرى الظل ببلدية بني صميل في دائرة أولاد ميمون ولاية تلمسان، هي الأخرى، تعيش نفس الجحيم، ويبدو أن كل الوعود لا وجود لها على أرض الواقع، حيث يجد مواطنوها أنفسهم مجبرين على استهلاك مياه معدنية أو البحث عن عيون ومنابع تبعد بعدة الكيلومترات عن بيوتهم، علما أن المشكل ليس وليد اليوم، وقد قدم المسؤولون وعودا بتسوية هذا الإشكال، لكنها بقيت تراوح مكانها إلى غاية كتابة هذه الأسطر، مشيرين إلى أن منطقة بني صميل التي يفوق تعداد سكانها 30 ألف نسمة، تتوفر على خزان مائي واحد، إلا أنه خارج الخدمة منذ عدة سنوات، ولم يستفد منه السكان، حيث طالبوا الوالي بالتدخل للنظر في معاناتهم اليومية مع أزمة مياه الشرب، التي ضربت البلدية وسكانها في العمق منذ عدة سنوات، دون تدخل الجهات المعنية، مناشدين في السياق، ربط بلدتهم من مشروع الشط الغربي الذي يمر بمنطقتهم، تجاه ولاية سيدي بلعباس. في نفس السياق، وفي إطار متابعة البرنامج الاستعجالي الخاص بتدعيم البلديات المتواجدة بالرواق الغربي للولاية، والتي تعرف نقصا في التزويد بمياه الشرب، بعد توقف محطة تحلية مياه البحر في سوق الثلاثاء عن الإنتاج، عقد والي تلمسان أمومن مرموري، لقاء موسعا، حضره رؤساء الدوائر والمديرون التنفيذيون المعنيون، وتم خلال له تقديم عرض حال من طرف مدير الموارد المائية، وآخر لمدير وحدة "الجزائرية للمياه"، عن كل التفاصيل المتعلقة بهذا البرنامج. وأكد المتدخلان على ضرورة الشروع في حفر الآبار وإعادة تأهيل التجهيزات المتواجدة في عين المكان، منها الآبار القديمة والخزانات، وتجديد شبكة المياه الصالحة للشرب، إلى جانب القنوات، مع إعادة تأهيل محطات الضخ، والإسراع في إعادة تأهيل التجهيزات القديمة، منها التحويلات الكبرى التي تعرفها هذه المنطقة، حيث أعطى المسؤول الأول على الولاية، على هامشها، توجيهات للمسؤولين المعنيين من أجل الإسراع في إتمام الإجراءات الإدارية، والعمل على المتابعة الميدانية لهذه المشاريع، حتى يتم تسليمها في الآجال المحددة لها. في المقابل، من المنتظر أن تشرع مديرية الموارد المائية في إنجاز مشروع التزويد بالماء الصالح للشرب بالجهة الغربية للولاية، خاصة المناطق الحدودية منها، على بعد حوالي 40 كلم انطلاقا من محطة تحلية مياه البحر بهنين، في اتجاه هذه المناطق التي تعيش أزمة عطش منذ أكثر من 3 سنوات، وإنهائها بكل من الغزوات وضواحيها والسواحلية والسواني وباب العسة ومرسى بن مهيدي وندرومة وفلاوسن وسيدي مجاهد وبوحلو وبني بوسعيد ودار يغراسن وتيانت ومسيردة الفاقة والتحاتة. المشروع ستتكفل به مؤسسات "كوسيدار" و«كولميد" و«سجرويت" ومكتب مراقبة أشغال الري، وقد رصد له غلاف مالي قدره 3.7 ملايير دينار، كبرنامج استعجالي للقضاء على الأزمة التي أثقلت السكان في موسم الصيف، بنسبة تفوق 80 بالمائة، خاصة مع حفر 10 آبار جديدة بندرومة وبني بوسعيد والزوية وبوحلو، فضلا عن تأهيل مديرية الموارد المائية لعشرة آبار أخرى، تتواجد بأقصى الجهة الغربية من الولاية، للاستفادة من مياهها الجوفية، منها 6 بحوض الاستقبال في منطقة الزوية الحدودية، ستشرع المديرية في عملية تأهيلها، وستسمح بالقضاء على الأزمة على مستوى 14 بلدية.