هدد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الخمسة عشر "إيكواس" في ختام قمتهم الافتراضية، الطارئة حول الأوضاع في مالي بإنزال عقوبات ضد كل من يعترض على خطتهم لإنهاء الأزمة السياسية في هذا البلد. وأكد رؤوساء دول المجموعة الذين عقدوا قمتهم بإشراف رئيس دولة النيجر، محمادو يوسوفو، رفضهم القطعي لمطلب رحيل الرئيس، إبراهيم أبو بكر كايتا رغم أنه أهم مطالب ائتلاف المعارضة وتشكيل حكومة وحدة وطنية في أقرب وقت، تضم شخصيات من أحزاب المعارضة. وقرروا في إطار هذه المساعي بإمكانية تشكيل حكومة فورية مقتصرة على حقائب السيادة كالدفاع والعدل والشؤون الخارجية والأمن الداخلي والمالية في انتظار تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم شخصيات عن السلطة والمعارضة والمجتمع المدني. بالإضافة إلى تنظيم انتخابات عامة جزئية في الدوائر الانتخابية التي شابها تزوير لصالح مرشحي حزب السلطة، حيث طالبوا باستقالة 31 نائبا ممن طعنت المعارضة في شرعية انتخابهم بما فيهم رئيس البرلمان، موسى تانبيني تمهيدا لإجراء الانتخابات الجزئية مع إمكانية التئام جلسات البرلمان ب116 نائبا فقط إلى حين انتخاب النواب ال31 الآخرين. كما قررت القمة إعادة تشكيل تركيبة المحكمة الدستورية الذي يتم انتخاب أعضائها بالتساوي بين السلطة والمعارضة من نواب البرلمان ولكن بعد استقالة النواب ال31 المطعون في شرعية انتخابهم. وفي حال استحال ذلك، فقد منحوا للرئيس إبراهيم كايتا صلاحية تعيين القضاء التسعة لأعلى هيئة قضائية في البلاد. وحددت القمة نهار الجمعة القادم موعدا للشروع في تنفيذ خطة إنقاذ الوضع في مالي. وتكون القمة بذلك قد تبنت نفس التوصيات التي انتهى إليها وفد المساعي الحميدة لدول مجموعة «إيكواس" نهاية الأسبوع الماضي بقيادة الرئيس النيجيري السابق، غودلوك جوناتان، وسارع ائتلاف حركة "الخامس جوان" المعارض إلى رفضها في حينها. وجاء عقد هذه القمة مباشرة بعد فشل مهمة الوساطة التي قام بها خمسة من دول المجموعة الخميس الماضي إلى العاصمة باماكو وعادوا بخفي حنين بعد أن رفضت حركة "الخامس جوان" جملة المقترحات التي حملوها في حقيبتهم مما حتم عليهم عقد قمة أمس. ودعا محمادو يوسوفو رئيس النيجر الذي تضمن بلاده الرئاسة الدورية لمجموعة "إيكواس" في كلمة الافتتاح نظرائه إلى إيجاد سبل للخروج السريع من هذه الأزمة من خلال التوصل إلى حول دائمة حتى وإن استدعى ذلك اتخاذ قرارات لفرض حماية الأمن والاستقرار في مالي وكل المنطقة. وكانت هذه نفس العبارة التي استعملها الرئيس يوسوفو قبل مغادرته العاصمة باماكو يوم 23 جولية الجاري بعد فشل الوفد الرئاسي في إقناع الإمام، محمود ديكو بمقترحاتهم لإنهاء الأزمة وعكست اللهجة الحادة التي استعملها الرئيس النيجيري عمق الأزمة السياسية في مالي، الدولة العضو في منظمة دول غرب إفريقيا والمخاوف التي بدأت دولها تبديها من تداعيات الاحتقان القائم في هذا البلد واحتمالات قوية لانتقال عدواه إلى دول المنطقة الأخرى. وأضاف الرئيس يوسوفو أن الوضع في مالي يستدعي من كل الماليين التوصل إلى "حلف مقدس" من أجل تسوية الأزمة الخانقة التي تمر بها بلادهم. وقال إنها أزمة تستوقفنا وتستوقف الماليين بدرجة أكبر بما يتطلب منهم هبة وطنية من أجل تسويتها. وإذا كانت دعوة الرئيس النيجريالماليين إلى تسوية خلافاتهم بالتوافق وعدم تصعيد الموقف، فإن دعوته نظرائه في دول غرب إفريقيا إلى قرارات قوية تحفظ الأمن والاستقرار دفعت إلى التساؤل حول طبيعة هذه القرارات وما إذا كانت الدعوة غير صريحة إلى نشر قوة عسكرية مشتركة في مالي لمنع أي انزلاق للوضع وخاصة في حال رفضت المعارضة هذه المقترحات. وكان قادة السينغال ونيجيريا وغانا وكوت ديفوار والنيجر دخلوا سباقا ضد الساعة من أجل احتواء الأزمة المالية بعد أن بلغت القبضة بين الرئيس المالي أبو بكر كايتا وقادة ائتلاف المعارضة طريقا مسدودا وحالة انسداد بعد أن أصرت حركة "الخامس جوان" على رحيل الرئيس، إبراهيم كايتا كشرط مسبق لأي مصالحة وطنية بعد أن حملوه كل المتاعب السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها بلادهم. واعترف الرئيس النيجري أن الوضع خطير والوقت يداهمنا بعد أن كادت دولة مالي تسقط بين أيدي تنظيمات إرهابية سنة 2012 وبقناعة أن كل انهيار للدولة المركزية في باماكو ستكون له تبعات خطيرة ليس فقط على الوضع الداخلي في مالي ولكن على كل جيرانها بما يحتم عليها توفير الظروف لهذا التحالف المقدس. وانتقد الرئيس كايتا في كلمة ألقاها انطلاقا من العاصمة باماكو بشدة المعارضين لحكمه وقال إن الذين يريدون بسط سيطرتهم على الشارع يسعون في حقيقة الأمر إلى فرض مرحلة انتقالية ضمن انقلاب سلس يؤدي إلى إعادة النظر في طبيعة النظام العلماني الذي يحكم البلاد. وكان محمود ديكو أكد بعد لقائه بقادة وفد الوساطة الإفريقي أن الأمور راوحت مكانها وأنه يفضل أن يموت شهيدا على أن يموت خائنا لأرواح الذين سقطوا قتلى مظاهرات العاشر جويلية الجاري. وهي رسالة قوية باتجاه دول ال«إيكواس" ومؤشر على تصعيد قادم بعد عيد الأضحى.