تضاربت المعلومات طلية نهار أمس، حول حقيقة الأوضاع في مالي بعد الأحداث التي عرفتها إحدى ثكنات مدينة كاتي الواقعة على بعد حوالي 15 كلم من العاصمة باماكو حول ما إذا كان الأمر مجرد تمرد عسكري أو محاولة انقلابية ضد نظام الرئيس إبراهيم أبو بكر كايتا. ففي الوقت الذي دعت فيه حكومة الوزير الأول المالي، بوبو سيسي العسكريين الذين استولوا على ثكنة سوندياتا كايتا " بإسكات لغة السلاح" ومباشرة حوار "أخوي" مع حكومته لإزالة كل الخلافات، أكد مصدر عسكري مباشرة بعد ذلك إلقاء القبض على الرئيس إبراهيم كايتا ووزيره الأول. ونقلت وكالات الأنباء تصريحا لمن أسمته بأحد قادة الانقلاب رفض الكشف عن هويته "إلقاء القبض" على الرئيس كايتا والوزير الأول، بوبو سيسي. وقال "بإمكاننا التأكيد أن الرئيس والوزير الأول يوجدان في قبضتنا، فقد ألقينا عليهما القبض في منزل رئيس البلاد". وهو الأمر الذي أكده مصدر عسكري آخر مقرب من المتمردين، الذي أشار إلى أن "الرئيس كايتا ووزيره الأول نقلا على متن دبابة إلى ثكنة مدينة كاتي حيث وقع التمرد". ومما عزز احتمال وقوع محاولة انقلابية أن الرئيس الفرنسي سارع أمس، إلى إجراء اتصال هاتفي مع رئيس دولة النيجر، محمادو يوسوفو، والإيفواري، الحسن وتارا والسينغالي، ماكي صال الذين بحث معهم الموقف في مالي وقد كان بإمكانه الاتصال بالرئيس إبراهيم كايتا للاطمئنان عليه ومعرفة حقيقة ما يحدث. وساد غموض تام أمس، حول حقيقة ما جرى بعد إقدام عسكريين على بسط سيطرتهم على ثكنة في مدينة كاتي التي تعد أكبر مدينة عسكرية على مشارف العاصمة باماكو، قاموا خلالها بفتح نيران أسلحتهم في الهواء، تباينت ببعدها التفسيرات حول ما إذا كان الأمر يتعلق بمجرد تمرد للمطالبة بحقوق مهنية واجتماعية أو محاولة انقلابية.وأكد مصدر عسكري محلي بهذه المدينة التي تضم أكبر عدد من الثكنات العسكرية، إطلاق نار كثيف في داخل ثكنة، سوندياتا كايتا دون أن يتضح السبب الحقيقي حول دواعي إطلاق النار بتلك الكثافة قبل أن تعود السكينة إلى داخل الثكنة، من دون أن يمنع ذلك قيادة الجيش المالي من إرسال تعزيزات من وحدات القوات الخاصة التي طوقت المدينة وفرضت طوقا عسكريا حول الثكنة لأي تطورات لاحقا. واكتفى مصدر عسكري بوزارة الدفاع المالية بالقول إنهم يتابعون الوضع عن كثب وقد دخلوا في اتصالات مع قادة هذه الثكنة لمعرفة حقيقة ما يجري وما إذا كان الأمر مجرد عصيان أم محاولة انقلابية كما تردد في الشارع المالي أمس.وأكدت الولاياتالمتحدة في سياق هذه التطورات أنها تعارض كل تغيير للحكومة خارج الإطار القانوني حتى وإن كان ذلك من طرف الجيش. وقال بيتر فام، المبعوث الأمريكي إلى منطقة الساحل إنه يتابع التطورات بقلق كبير، مؤكدا معارضة بلاده لكل محاولة تهدف إلى تغيير النظام في مالي بالقوة وخارج إطار العملية الدستورية، سواء من طرف المعارضة السياسية أو من طرف قوات الجيش أو الأمن. ونددت مجموعة دول غرب إفريقيا "ايكواس" بما وصفتها بعملية التمرد وطالبت العسكريين المشاركين فيها بالعودة إلى ثكناتهم، رافضة هي الأخرى كل محاولة للقيام بتغيير سياسي باستخدام القوة وخارج الأطر الدستورية متوعدة باتخاذ كل الإجراءات لاستعادة النظام. وأدانت فرنسا على لسان وزير خارجيتها، جون إيف لودريان "محاولة التمرد" وطالب العسكريين المشاركين فيها "العودة الفورية إلى ثكناتهم". ولم يخف لودريان قلق بلاده تجاه ما يجري في مالي، منددا بما وصفه ب«التصرف الخطير". وسارعت السفارة الفرنسية في مالي إلى مطالبة موظفيها وكل الرعايا الفرنسيين إلى الالتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم. ويمر نظام الرئيس إبراهيم أبو بكر كايتا بأتعس أيامه بسبب حالة الانسداد التي بلغها الوضع السياسي في بلاده، على خلفية قبضة حديدية بينه وبين حركة "الخامس جوان" الاحتجاجية التي طالبته بالرحيل كشرط مسبق لوقف احتجاجاتها والتفكير في تنظيم انتخابات عامة ورئاسية تلغي نتائج دوري الانتخابات التشريعية التي شهدها مالي شهري مارس وأفريل الماضيين وكانت سببا مباشرا في انفجار الشارع المالي بسبب شكوك بتزوير نتائجها لصالح السلطات الرسمية. وفشلت مساعي الوساطة التي قامت بها بعثة دول مجموعة غرب إفريقيا في نزع فتيل هذه الأزمة بعد أن رفضت حركة الخامس جوان مقترحاتها التي اعتبرتها بمثابة طوق نجاة للرئيس كايتا الذي طالبت برحيله.