بعد شدّ وجذب وحالة ترقب استمرت على مدار أربعة أيام كاملة، حسم جو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي السباق إلى البيت الأبيض أمس، ليكون الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، طاويا بذلك صفحة حكم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الذي تشبث بالبقاء في منصبه للأربع سنوات القادمة إلى آخر لحظة ضمن حلم لم يتحقق. بعد شدّ وجذب وحالة ترقب استمرت على مدار أربعة أيام كاملة، حسم جو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي السباق إلى البيت الأبيض أمس، ليكون الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، طاويا بذلك صفحة حكم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الذي تشبث بالبقاء في منصبه للأربع سنوات القادمة إلى آخر لحظة ضمن حلم لم يتحقق. وتمكن جو بادين وهو في سنّ السابعة والسبعين من العمر وكأكبر رئيس يحكم القوة الأولى في العالم من حسم السجال الانتخابي بعد أن ضمن فوزه بأصوات 270 من كبار الناخبين الأمريكيين ليدخل التاريخ الأمريكي من منصب نائب رئيس في عهد الرئيس باراك أوباما إلى رئيس للبلاد. ودخلت كامالا هاريس التاريخ هي الأخرى، كأول سيدة من أصول أمريكو آسيوية تصل إلى منصب نائب الرئيس في الولاياتالمتحدة. وتمكن جو بادين من حسم السباق إلى البيت الأبيض بعد حملة انتخابية غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الأمريكية لما عرفته من تشنج وشحناء بين المرشحين وأنصارهما واتهامات وخرجت عن سياق الأعراف الدبلوماسية وقواعد الممارسة الديمقراطية التي جعلت الرئيس المرشح، المنهزم دونالد ترامب يتهم منافسه بتزوير الانتخابات ضمن ضربة لصورة إحدى أعتى الديمقراطيات الغربية. وهو الاتهام الذي جعله يتشبث بموقفه الرافض الاعتراف لمنافسه بالفوز على غير عادة الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه والذين كانوا يعترفون في نهاية كل سباق انتخابي بهزيمتهم ومغادرة البيت الأبيض من بابه الواسع. وهي تصرفات ومواقف وتصريحات جعلت الوافد الجديد على المكتب البيضاوي يتعهد بتخليص الولاياتالمتحدة من الإرث الذي خلفته أربع سنوات من حكم سابقه الذي قال إنه حاول ضرب تجانس المجتمع الأمريكي وتقسيمه بعد أن خالف كل أعراف وتقاليد الممارسة السياسية داخل بلاده وتجاه كل العالم عبر قرارات ارتجالية غير متوقعة وتصريحات نارية لا مبرر لها وتهديدات ضد كل من يعارضه من صحافيين ومهاجرين ورجال سياسة وحتى دول أجنبية. وفشل الرئيس المغادر في تحقيق حلمه في البقاء في منصبه لعهدة رباعية ثانية ضمن استثناء للرؤساء بيل كلينتون وجورج بوش الابن وباراك أوباما الذين ضمنوا عهدتين متتاليتين. وتمكن جوزيف روبنيت بايدن جي. آر والذي يحلو للرئيس باراك أوباما الذي دخل التاريخ هو الآخر كأول رئيس أسود يحكم الولاياتالمتحدة أن يلقبه ب "أسد التاريخ الأمريكي" من انتزاع مفاتيح البيت الأبيض بعد مسيرة سياسية امتدت على مدار خمسين عاما عرف خلالها هزات قوية بعد فشله في الظفر بتزكية حزبه في انتخابات سنتي 1988 و2008 وتردده في انتخابات سنة 2016، وقبلها مسيرة نصف قرن في دواليب وأروقة مجلس الشيوخ ضمن تجربة 36 عاما أهلته ليطلع على كل خبايا الممارسة السياسية وآليات اتخاذ القرار في الإدارات الأمريكية المتعاقبة. ولم ينتظر المرشح الفائز طويلا ليحدّد إطار تحركه القادم من خلال استعادة ريادة أمريكا للعالم وتوحيد صف الديمقراطيات الغربية في إشارة صريحة إلى علاقات بلاده مع دول الضفة الأخرى للأطلسي والتي عمل الرئيس ترامب على ضربها في كل مرة بقناعة أن بلاده لم تستفد شيئا من تلك العلاقات وكذا تعهده بعودة بلاده إلى اتفاقية باريس حول المناخ التي قرّر ترامب الانسحاب منها تماما كما فعل مع منظمة الصحة العالمية في عزّ جائحة "كورونا" وفعل بخصوص الاتفاق النووي مع إيران واعتماده على شعار "أمريكا أولا" متخليا في ذلك عن العلاقات الدولية المتعددة الأطراف التي طبعت النسق الدولي منذ الحرب العالمية الثانية. ولكن أسئلة تبقى مطروحة في كيفية تعاطيه مع ملف السلام في منطقة الشرق الأوسط وخاصة تعامله مع الملف الفلسطيني الذي راح دونالد ترامب يصر على تصفيته ومعه كل الحقوق الفلسطينية لصالح المحتل الإسرائيلي ضمن ما عرف ب "صفقة القرن" وهل سيعيد فتح باب التقارب مع كوباوإيران وكوريا الشمالية. وهو سؤال يطرح كذلك بالنسبة لتواجد القوات الأمريكية في الخارج والتي عمل سابقه على سحبها التدريجي من أفغانستان وسوريا والعراق وتركيز جل اهتمامه بالوضع في أقصى الشرق الآسيوي حيث الخطر الصيني أو ما سمّاه بالتهديدات الروسية للمصالح الأمريكية في العالم. وإذا كان طرح مثل هذه التساؤلات يبقى جوهريا في معرفة الخطوط الرئيسية للسياسة الأمريكية، فإن الإجابة عليها تبقى سابقة لأوانها مادام جو بايدن لم يكشف عن مستقبل تصوّراته للتعامل مع قضايا الراهن الأمريكي أو القضايا الدولية الشائكة التي عرفت تحوّلات جذرية على مدار الأربع سنوات التي تربع فيها الرئيس ترامب على كرسي البيت الأبيض وأخلط كل الأعراف التي حكمت الدبلوماسية العالمية على الأقل منذ انتهاء الحرب الباردة نهاية ثمانينيات القرن الماضي. وإلى حين معرفة ذلك فإن الألاف من أنصار المرشح الفائز لم ينتظروا معرفة ذلك وخرجوا إلى شوارع مختلف مدن البلاد في مظاهرات انتشاء بفوز مستحق رغم أنه جاء بعد مخاض عسير فرض على المرشح الخاسر العودة إلى عرينه واقتنع أن تجسيد شعار "أمريكا قوية دائما" بإمكانه الانتظار ربما إلى غاية انتخابات سنة 2024 التي وعد بخوضها ولكن بعد أن يكون قد شارف على عقده الثامن وبعد أن تكون معطيات العالم قد عرفت تحوّلات جذرية كنتيجة حتمية لوباء كورونا الذي استهان به الرئيس الملياردير ولكنه كان عدوا قضى على أحلامه الجنونية.