بعد عشرة أيام من اندلاعها في عدة مناطق من الوطن، تم أمس الإعلان عن نتائج التحقيقات بشأن الحرائق التي عرفتها غابات قوراية بتيبازة، في السادس من نوفمبر الجاري، والتي أثبتت حسب وكيل الجمهورية لدى محكمة شرشال كمال شنوفي، أن هذه الحرائق كانت "متعمدة"، كاشفا عن توقيف مصالح الضبطية القضائية بولاية تيبازة، ل19 شخصا مشتبه في تورطهم في قضية إضرام النيران بغابات قوراية، بغرض "زعزعة استقرار الوطن". وفي ندوة صحفية عقدها لإطلاع الرأي العام بمستجدات هذه القضية، قدم وكيل الجمهورية لدى محكمة شرشال تفاصيل عن نتائج التحقيقات التي أشرفت عليها مصالح الدرك والأمن الوطنيين بتيبازة، والتي باشرت تحريات وتحقيقات واسعة، عقب اندلاع حرائق في نفس التوقيت عبر عدد من مناطق الولاية، أدت إلى وفاة شخصين وحدوث خسائر معتبرة في أملاك المواطنين من منازل وثروة حيوانية وفلاحية وغابية. وأوضح المسؤول أن التحريات سمحت بتوقيف عصابة أشرار يشتبه في ضلوع أفرادها في تلك الحرائق المشبوهة، والبالغ عددهم 19 شخصا، يجري حاليا التحقيق معهم من طرف قاضي التحقيق لدى نفس المحكمة. وأضاف أنه التمس إيداعهم الحبس المؤقت، فيما التمس إصدار أمر بالقبض الدولي في حق 4 آخرين موجودين خارج التراب الوطني وشخصين داخل التراب الوطني. وقال المتحدث إن الأشخاص الموقوفين تم تصنيفهم ضمن أربع فئات، وأنه تمت معاينة رسائل نصية بين المشتبه فيهم وأشخاص من الخارج، كانت تتحدث عن تحويل أموال ضخمة بالعملة الصعبة، وأن الأموال تم تحويلها فعلا عبر "ويسترن يونيون"، مشيرا إلى أن الحرائق تمت بقارورات لغاز البوتان، وتم التقاط صورة للفاعل الرئيسي، كما تم ضبط أجهزة هواتف نقالة. وحسب تصريحات وكيل الجمهورية، فإن المشتبه فيهم كانوا يخطّطون للحصول على إعانات مالية من الدولة. كما خطط بعضهم الآخر لتحريض مواطنين عن طريق الفايسبوك بالدعوة للتجمهر. للتذكير، سجلت ولاية تيبازة على غرار 10 ولايات أخرى، نشوب حرائق ليلة السادس إلى السابع نوفمبر الماضي، ما تسبب في وفاة شخصين بقوراية "حرقا" وتشريد 45 عائلة، بعدما تضررت منازلهم، فضلا عن الخسائر في قطاع الفلاحة بالولاية وإتلاف نحو 500 هكتار من غابات الصنوبر الحلبي. وعلى المستوى الوطني، تم تسجيل 41 حريقا غابيا مسّت ثماني ولايات من الوطن، هي تلمسان والبليدة وسيدي بلعباس ووهران والشلف وعين تموشنت وتيبازة وكذا مستغانم. وأتت حرائق الغابات على مساحة إجمالية تقدر بنحو 42338 هكتار خلفتها 3292 بؤرة. وأكد الوزير الأول عبد العزيز جراد خلال زيارة لأعالي جبال قوراية، غداة اندلاع الحرائق، أن "فرضية الفعل الإجرامي غير مستبعدة"، مشدّدا على تطبيق القانون بصرامة. كما أعلن عن فتح "تحقيق عميق" لمعرفة أسباب الحرائق ، قائلا "إن الدولة ستتغلب عليها وسيتم تطبيق القوانين والتنظيمات بصرامة ووفق مقاربة استباقية". وإذ أشار إلى أن الحرائق "امتدت على طول التراب الوطني من الغرب إلى الشرق وفي نفس التوقيت، ما يجعل من السؤال عن فرضية الدوافع الإجرامية أمرا منطقيا"، فقد دعا السيد جراد المواطنين إلى ضرورة "التجند في عمليات توعوية لمجابهة أي عملية تهدف إلى المساس بأملاكهم وبأمن الوطن وتهدف لزرع الفتنة". في سياق متصل، كتب الوزير الأول على موقعه الشخصي ب«فايسبوك" أنه "لا تسامح" مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن، إذا ما أثبتت التحقيقات أن حرائق الغابات "مدبرة"، في حين اعتبر المجلس الإسلامي الأعلى، من جهته، أن موجة حرائق الغابات التي نشبت في عديد الولايات بشكل متزامن، تكون من فعل "عصابة مجرمة اختارت سبيل الإجرام طريقة في توهين الدولة الجزائرية". للتذكير قدمت الدولة إعانات مالية لصالح عائلات ضحايا حرائق الغابات بقوراية (تيبازة)، وتم التأكيد على تعويض جميع المتضررين الذين تسببت لهم الحرائق في خسائر، سواء في الثروة الغابية أو المحاصيل الفلاحية أو الثروة الحيوانية.