دعا الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس، الدول الإفريقية إلى الإسراع في تذليل الصعوبات من أجل التفعيل التام لمنطقة التجارة الحرة القارية التي تشكل حسبه خيارا استراتيجيا بالنسبة للجزائر، مشيرا إلى أن ذلك يستوجب تضافر الجهود للمضي قدما خدمة لأهداف التنمية في إفريقيا، ودعما لأهداف إحلال السلم والأمن التي تبقى مرتبطة ارتباطا وثيقا بمدى التقدم في مسيرة التنمية الاقتصادية. وقال الوزير الأول، في كلمة ألقاها خلال مشاركته في الدورة الاستثنائية ال13 لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد، إن "التقدم" المسجل في تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية التي ستنطلق ابتداء من الفاتح جانفي، من خلال الشروع في تبادل السلع والخدمات دون قيود بين الدول الأعضاء، يحثنا على بذل المزيد من الجهود لمواصلة العمل على تذليل الصعوبات ولانتهاء من المسائل العالقة، التي من شأنها التأثير على التفعيل التام لمنطقة التجارة الحرة". ومن بين هذه المسائل العالقة خص جراد، بالذكر "قواعد المنشأ وعروض التعريفة الجمركية لتجارة السلع وجداول الالتزامات المتعلقة بتجارة الخدمات"، مؤكدا استعداد الجزائر ل«مواكبة التوافق المسجل على مستوى مؤسسات التفاوض بشأن المسائل العالقة ذات الصلة بقواعد المنشأ". كما ذكر الوزير الأول، بأن عملية إعداد عروض التعريفة الجمركية لتجارة السلع والخدمات، وكذا العروض الأولية للقطاعات ذات الأولوية لتجارة الخدمات الجزائرية "هي الآن في مرحلتها الأخيرة". وإذ أبرز قناعة الجزائر بأهمية التكامل الاقتصادي الإفريقي، ذكر السيد جراد، بأن "الجزائر كانت من الدول السبّاقة إلى التوقيع على الاتفاق المؤسس لمنطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية، خلال الدورة الاستثنائية العاشرة لقمة رؤساء الدول والحكومات المنعقدة في مارس 2018، حيث شاركت منذ انطلاق المفاوضات في سنة 2016، بطريقة منتظمة وفعّالة في كل اجتماعات المؤسسات التفاوضية وعلى جميع المستويات". وأضاف في سياق متصل، بأن الجزائر أعطت بعدا هاما لهذا المشروع، من خلال التأسيس لوحدة عليا تعنى بتسيير ومتابعة هذا الملف الاستراتيجي، "من خلال مصادقة البرلمان الجزائري مؤخرا على اتفاق تأسيس منطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية، على أن يتم إيداع وثائق التصديق بمجرد استكمال الإجراءات الداخلية". كما تطرق الوزير الأول، إلى الرؤية التي تبنّتها الجزائر في إعطاء صبغة تكاملية واندماجية للبنى التحتية الوطنية والمشاريع المهيكلة الإقليمية، وفاء منها لبعدها الإفريقي وتتمة لالتزاماتها القارية وسياستها التضامنية مع البلدان الإفريقية. وأكد أن هذه المشاريع "ستستفيد منها لا محالة منطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية، كونها ستأتي بالإضافة اللوجستية اللازمة، لاسيما من خلال الطريق العابر للصحراء الذي يربط الجزائر بلاغوس في نيجيريا، وخط أنابيب الغاز بين الجزائرونيجيريا والمضاعف بخط الألياف البصرية، وكذا ميناء شرشال كمركز للشحن البحري". المنطقة سترفع التجارة البينية الإفريقية من 16 % إلى 52 % في سياق إبرازه للمنافع التي ستجنيها القارة من منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، أوضح جراد، أنها هذه الأخيرة تمثل "فرصة هامة لتكثيف وتطوير التجارة البينية التي من المنتظر أن تعرف ارتفاعا محسوسا، فضلا عن دعم أهداف التكامل والاندماج القاري من خلال التجارة والاستثمار اللذين يعتبران عنصرين رئيسيين لدعم النمو والتنمية الاقتصادية المستدامة". وأشار إلى أن المؤهلات والقدرات الاقتصادية لإفريقيا التي تشكل سوقا ب1,2 مليار نسمة وبقيمة 3000 مليار دولار، ستعرف استغلالا أمثل في إطار التدفقات التجارية داخل إفريقيا التي ستقارب نسبة 52 % بدل النسبة الحالية التي لا تتجاوز 16 %. وأكد جراد، أن تنمية التجارة البينية ستسهم في تطوير سلاسل القيمة الإقليمية والتصنيع وخلق فرص العمل، "زيادة على أن الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية بين البلدان الإفريقية بعد الدخول الفعلي لمنطقة التجارة الحرة، بنسبة 90 % من بنود التعريفة الجمركية خلال مدة 5 سنوات، سيعطي أولوية للشركات الإفريقية في تلبية حاجيات السوق الإفريقية المتزايدة والاستفادة من مزاياها". بالمناسبة نقل الوزير الأول، تحيات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وتمنياته بالتوفيق والنجاح لأشغال المؤتمر، وتهانيه لرئيس جنوب إفريقيا ورئيس الاتحاد الإفريقي سيريل رامافوسا، على "قيادته المتبصرة لمنظمتنا القارية، وحرصه البالغ على النهوض بالعمل الإفريقي المشترك، والذي تجلى من خلال جهوده الحثيثة على تنظيم قمتين استثنائيتين بالرغم من الوضع العصيب الذي تفرضه جائحة كورونا على دولنا وعلى العالم بأسره". كما شكر الرئيس محمادو إيسوفو، رئيس جمهورية النيجر، على "ما بذله من عناية في إطار العهدة الموكلة إليه من طرف المنظمة، ليبلغ مشروع منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية مرحلته المتقدمة التي نقف عليها اليوم". واعتبر جراد، انعقاد القمة حول هذا الموضوع الهام رغم ما تعيشه الدول الإفريقية من أوضاع صحية صعبة جراء تفشي جائحة كورونا، ينم عن "إرادة حقيقية للمضي قدما في تجسيد الأهداف السامية التي سطرها الآباء المؤسسون لمنظمتنا القارية، وأكدتها القمم المتعاقبة للاتحاد الإفريقي لاسيما ما تعلق منها بالاندماج القاري والتكامل الاقتصادي".