استأنفت غرفة الجنح بمجلس قضاء تيبازة، أمس، محاكمة قضية نشناش زليخة شفيقة المدعوة "السيدة مايا"، المدانة ابتدائيا في قضايا فساد، بسماع المتهمين والشهود بعد تأجيل القضية لثلاث مرات متتالية. وقبل انطلاق المحاكمة تقدم دفاع المتهمة الرئيسية بدفوع شكلية التمس فيها ببطلان إجراءات المتابعة القضائية، وقررت بعدها رئيسة المحكمة ضم (الدفوع) للموضوع ومناقشتها خلال المحاكمة. وقررت رئيسة المحكمة، محاكمة المتهم محمد الغازي، الذي التمس دفاعه تأجيل محاكمته بحجة تدهور حالته الصحية، مع الالتزام بتوفير جميع الوسائل للتكفل بصحته في حال تسجيل تدهور. ويتابع المتورطون في هذه القضية إلى جانب المتهمة الرئيسية المدعوة "السيدة مايا" وابنتيها فرح وإيمان، مسؤولون سامون سابقون، واليا الشلفووهران الأسبقان على التوالي الغازي محمد وعبد الغاني زعلان، والمدير العام الأسبق للأمن الوطني عبد الغاني هامل، إلى جانب ابن الغازي وكذا مقاولين ومستثمرين. كما يمثل أمام نفس المحكمة عدد من الشهود أبرزهم محمد رقاب، الكاتب الخاص لرئيس الجمهورية الأسبق، عبد العزيز بوتفليقة. ويتابع المتورطون بجنح "تبييض الأموال" و"استغلال النفوذ" و"منح امتيازات غير مستحقة" و"نهب أموال عمومية" و"تحريض أعوان عموميين على منح امتيازات غير مستحقة"، و"تحويل العملة الصعبة بشكل غير قانوني للخارج". ولدى استجواب المتهمة "السيدة مايا" المدانة ابتدائيا بمحكمة الشراقة ب12 سنة نافذة، أنكرت جميع التهم المنسوبة إليها، مبرزة أنها "كونت ثروتها بصفتها امرأة أعمال كانت تدير تجارة استيراد مواد متعددة". وفي سؤال يتعلق بعلاقتها بالرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، قالت إنه "صديق والدها منذ عهد الثورة التحريرية، ولم تقدم نفسها لواليي الشلفووهران الأسبقين، الغازي و زعلان، على أنها ابنة الرئيس أو أن لها علاقة قرابة عائلية معه". وبخصوص علاقتها بوالي الشلف الأسبق محمد الغازي، قالت إنها "بتوصية من رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن تتطور وتصبح علاقة صداقة بين العائلتين، حيث استفادت من سكن عمومي إيجاري باسم احدى بناتها إلى جانب أرضية بمساحة 15 هكتارا لإقامة حديقة تسلية". كما استفادت من مساحة أرضية تقدر ب5000 متر مربع هي الأخرى باسم ابنتها الثانية، لإقامة استثمار يتعلق بمحطة خدمات، إلا أنها لم تتمكن من تجسيد مشروعها بسبب عدم حصولها على الاعتمادات والرخص اللازمة، ما جعلها تقدم على بيع العقار رغم أن القانون يمنع بيع ذلك العقار حسب تصريحاتها أمام المحكمة أما بخصوص علاقتها بوالي وهران الأسبق عبد الغاني زعلان، المدان هو الآخر في القضية ابتدائيا بمحكمة الشراقة ب10 سنوات سجنا نافذا، أكدت أنها "قامت بوساطة لدى المسؤول المذكور من خلال المتهم الغازي، من أجل مساعدة جارها المدعو يحياوي، نائب برلماني سابق لإقامة مشروع استثمار بوهران". ونفت تلقيها رشوة تقدر ب100 مليون دينار المضبوطة في منزلها الكائن ببوشاوي، مقابل وساطة لدى والي وهران الأسبق لصالح جارها النائب البرلماني الأسبق يحياوي، المدان هو الآخر والموجود في حالة فرار. وصرحت في هذا السياق أنها "حاولت مساعدة جارها فقط" ولم تكن تدري أنه هو الآخر يتوسط لمقاولين اثنين آخرين، فيما قالت أن المبلغ المالي المقدر ب100 مليون دينار استقدمه جارها ووضعه داخل منزلها على اعتبار أن منزله العائلي لا يليق بتخزين هذا الحجم من المبالغ. وأنكرت المتهمة تهمة تبييض الأموال وتهريب العملة الصعبة للخارج، أو استعمال النفوذ والوساطات لتسهيل تهريب الأموال عبر مطار هواري بومدين، واقتناء ثلاثة عقارات بإسبانيا، فضلا عن امتلاك حسابات بنكية بذات الدولة. وتساءلت رئيسة الجلسة عن شبهة مصادر ثروتها، مبرزة أن المتهمة "السيدة مايا" قامت ب28 عملية تجارية مهمة في العقار بالجزائر العاصمة في ظرف وجيز بمناطق راقية، منها اقتناء 6 فيلات وعمارة بستة طوابق قامت بكرائها لمستثمر أجنبي ب37 ألف دولار شهريا، فضلا عن شقق فاخرة باسم ابنتيها. من جهته أبرز والي الشلف الأسبق، محمد الغازي، أنه عمل وفقا لتعليمات رئيس الجمهورية الأسبق عبد العزيز بوتفليقة، وطبقها، بعد تلقيه اتصال من طرف محمد رقاب، الكاتب الخاص للرئيس سنة 2004، يطلب منه تسهيل وتقديم يد المساعدة لعائلة نشناش من أجل إقامة مشروع استثماري. وقال "عندما استقبلت السيدة نشناش، بمكتبي بمقر ولاية الشلف بشأن طلبها الحصول على عقار، قدمت نفسها بصفة الابنة المخفية للرئيس بوتفليقة، وصرت منذ ذلك الوقت أتعامل معها على هذا الأساس، وأتوسط لها على اعتبار أنها أرسلت إليّ من قبل الكاتب الخاص لرئيس الجمهورية وهو محل ثقة". وفي قضية منح عقارات لمتعاملين بولاية وهران سنة 2017، قال المتهم الغازي، إنه توسط لدى والي وهران عبد الغاني زعلان، ب"صفته زميلا و صديقا"، نافيا أنه كان يعلم بتلقي السيدة نشناش، 100 مليون دينار مقابل تقديم تلك التسهيلات كما جاء في تصريحات المستثمرين الذين اتهموا "السيدة مايا" وجارها يحياوي، بالضغط للحصول على تلك المبالغ مقابل العقارات، كما أشارت رئيسة المحكمة. كما رفض التهمة المنسوبة إليه المتعلقة بتسهيل إجراءات العبور داخل المطار على اعتبار أن نشناش وابنتيها، كن كثيرات السفر إلى الخارج وهي "حيلة" تستعمل لتهريب العملة للخارج كما سجلت رئيسة المحكمة. وبخصوص علاقتها بالمدير الأسبق للأمن الوطني عبد الغاني هامل، قال الغازي، إنه هو من قدمها له من خلال لقاء حضره بمنزله بنادي الصنوبر، وقال له إنها ابنة الرئيس بوتفليقة، مبرزا من جهة أخرى أنه لم يكتشف إلا في سنة 2019 عند التحقيق معه من طرف الضبطية القضائية، أن اسمها الحقيقي هو نشناش ولا تنتمي لعائلة الرئيس. وتواصل هيئة غرفة الجنح بمجلس قضاء تيبازة، استجواب المتهمين وسماع الشهود الذي يتعدى عددهم ال40 قبل مرافعة ممثل النيابة العامة وتقديم التماساته.